مسار الشريان المنحدر الخلفي
ينشأ الشريان المنحدر الخلفي في الغالب من الشريان التاجي الأيمن، على الرغم من أنه في بعض الحالات (حوالي 10-15٪ من الأفراد) قد ينشأ من الشريان التاجي الأيسر، وتعرف هذه الحالة بـ”الهيمنة اليسرى”. عندما ينشأ الشريان من الشريان التاجي الأيمن، فإنه يلتف حول الحافة السفلية للقلب، ويمر في الأخدود بين البطينين الخلفي (أو الأخدود بين البطينين)، وهي المنطقة الموجودة بين البطينين الأيمن والأيسر على السطح الخلفي للقلب. يسير الشريان نزولاً نحو قمة القلب (apex)، حيث يتفرع إلى فروع أصغر لتغذية الأنسجة القلبية.
يعتبر تحديد “هيمنة” الشرايين التاجية مهمًا، حيث يشير إلى الشريان الذي يزود العقدة الجيبية الأذينية (SA node) والعقدة الأذينية البطينية (AV node) بالدم. في حالة “الهيمنة اليمنى” (الأكثر شيوعًا)، يزود الشريان التاجي الأيمن هاتين العقدتين. أما في حالة “الهيمنة اليسرى”، فيقوم الشريان التاجي الأيسر بذلك.
تفرعات الشريان المنحدر الخلفي
أثناء سيره في الأخدود بين البطينين، يطلق الشريان المنحدر الخلفي عددًا من الفروع الصغيرة التي تغذي أجزاء مختلفة من القلب. تشمل هذه الفروع:
- الفروع البطينية: تغذي هذه الفروع الجدار الخلفي للبطينين الأيمن والأيسر.
- الفروع الحاجزية: تخترق هذه الفروع الحاجز بين البطينين، وتوفر الدم إلى الجزء الخلفي من الحاجز.
- فرع العقدة الأذينية البطينية (AV nodal branch): يزود هذا الفرع العقدة الأذينية البطينية، وهي جزء حيوي من نظام التوصيل الكهربائي للقلب.
تتنوع هذه الفروع من حيث الحجم والكمية من شخص لآخر، لكنها جميعًا ضرورية لتوفير التروية الدموية الكافية لعضلة القلب.
وظيفة الشريان المنحدر الخلفي
الوظيفة الأساسية للشريان المنحدر الخلفي هي تزويد الجزء الخلفي من القلب بالدم الغني بالأكسجين. هذا يشمل:
- تغذية جدران البطينين: يضمن ذلك أن البطينين، وهما حجرتي الضخ الرئيسيتين في القلب، يتلقيان الأكسجين والمغذيات اللازمة لأداء وظيفتهما بكفاءة.
- دعم نظام التوصيل الكهربائي: يساهم في تغذية العقدة الأذينية البطينية، مما يضمن التوقيت الصحيح للانقباضات القلبية.
- المساهمة في وظيفة القلب بشكل عام: من خلال توفير التروية الدموية الكافية، يساعد الشريان المنحدر الخلفي في الحفاظ على وظيفة القلب الطبيعية، بما في ذلك ضخ الدم بكفاءة في جميع أنحاء الجسم.
الأمراض التي تصيب الشريان المنحدر الخلفي
مثل أي شريان آخر، يمكن أن يتأثر الشريان المنحدر الخلفي بمجموعة متنوعة من الأمراض. من بين هذه الأمراض:
- مرض الشريان التاجي (CAD): هذا هو السبب الأكثر شيوعًا لأمراض القلب. يحدث عندما تتراكم اللويحات الدهنية (البلاك) في الشرايين التاجية، مما يضيقها ويقلل تدفق الدم. يمكن أن يؤثر هذا التضيق على الشريان المنحدر الخلفي، مما يؤدي إلى نقص تروية عضلة القلب (عدم كفاية تدفق الدم إلى عضلة القلب).
- الجلطات الدموية: يمكن أن تتشكل جلطات الدم في الشريان المنحدر الخلفي، مما يعيق تدفق الدم بشكل كامل. هذا يمكن أن يؤدي إلى احتشاء عضلة القلب (النوبة القلبية).
- تشنج الشرايين التاجية: هذا هو الانقباض المفاجئ للشرايين التاجية، مما يقلل من تدفق الدم إلى القلب. يمكن أن يحدث تشنج الشرايين التاجية في الشريان المنحدر الخلفي ويسبب ألمًا في الصدر (الذبحة الصدرية) أو حتى نوبة قلبية.
- التشوهات الخلقية: في بعض الحالات النادرة، يمكن أن يولد الأفراد بتشوهات في الشريان المنحدر الخلفي، مما قد يؤثر على تدفق الدم ويسبب مشاكل في القلب.
تعتمد أعراض أمراض الشريان المنحدر الخلفي على شدة المرض. قد تشمل الأعراض ألمًا في الصدر (الذبحة الصدرية)، وضيقًا في التنفس، والتعب، والتعرق، والغثيان. في الحالات الشديدة، يمكن أن تؤدي هذه الأمراض إلى نوبة قلبية، والتي قد تكون قاتلة.
تشخيص أمراض الشريان المنحدر الخلفي
لتشخيص أمراض الشريان المنحدر الخلفي، يستخدم الأطباء مجموعة متنوعة من الاختبارات، بما في ذلك:
- تخطيط كهربية القلب (ECG): يقيس النشاط الكهربائي للقلب ويمكن أن يكشف عن علامات نقص التروية أو احتشاء عضلة القلب.
- اختبارات الإجهاد: تتضمن هذه الاختبارات المشي على جهاز المشي أو استخدام الأدوية لزيادة معدل ضربات القلب، مما يسمح للأطباء بتقييم تدفق الدم إلى القلب أثناء المجهود.
- تصوير الأوعية التاجية (القسطرة): يتضمن هذا الإجراء إدخال قسطرة (أنبوب رفيع) في الشريان التاجي وحقن صبغة تباين، مما يسمح للأطباء برؤية الشرايين وتقييم أي تضيق أو انسداد.
- التصوير المقطعي المحوسب (CT) أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): يمكن استخدام هذه التقنيات لإنشاء صور مفصلة للقلب والشرايين التاجية.
علاج أمراض الشريان المنحدر الخلفي
يعتمد علاج أمراض الشريان المنحدر الخلفي على نوع المرض وشدته. تشمل خيارات العلاج:
- تغيير نمط الحياة: قد يشمل ذلك تغيير النظام الغذائي، وممارسة الرياضة بانتظام، والإقلاع عن التدخين.
- الأدوية: يمكن استخدام مجموعة متنوعة من الأدوية لعلاج أمراض الشريان التاجي، بما في ذلك الأدوية المضادة للصفيحات، وأدوية خفض الكوليسترول، وحاصرات بيتا، ومثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE inhibitors).
- رأب الأوعية التاجية (بالون أو دعامة): يتضمن هذا الإجراء إدخال قسطرة مع بالون أو دعامة في الشريان المتضيق لفتحه وتحسين تدفق الدم.
- جراحة مجازة الشريان التاجي (CABG): تتضمن هذه الجراحة إنشاء مسار جديد للدم حول الشرايين المسدودة أو الضيقة.
الوقاية من أمراض الشريان المنحدر الخلفي
هناك العديد من الخطوات التي يمكنك اتخاذها لتقليل خطر الإصابة بأمراض الشريان المنحدر الخلفي. وتشمل هذه:
- اتبع نظامًا غذائيًا صحيًا للقلب: قلل من تناول الدهون المشبعة والمتحولة والكوليسترول والصوديوم. ركز على تناول الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والأسماك الدهنية.
- مارس الرياضة بانتظام: مارس التمارين الهوائية لمدة 30 دقيقة على الأقل في معظم أيام الأسبوع.
- حافظ على وزن صحي: إذا كنت تعاني من زيادة الوزن أو السمنة، افعل ما بوسعك لإنقاص الوزن.
- أقلع عن التدخين: إذا كنت تدخن، اطلب المساعدة للإقلاع عن التدخين.
- تحكم في ضغط الدم والكوليسترول والسكري: إذا كنت تعاني من ارتفاع ضغط الدم أو ارتفاع الكوليسترول أو مرض السكري، فتعاون مع طبيبك للسيطرة على هذه الحالات.
- قلل من التوتر: ابحث عن طرق صحية للتعامل مع التوتر، مثل ممارسة اليوجا أو التأمل.
خاتمة
الشريان المنحدر الخلفي هو شريان حيوي في نظام الدورة الدموية التاجية، حيث يضمن تزويد الجزء الخلفي من القلب بالدم الغني بالأكسجين. يمكن أن تؤدي الأمراض التي تصيب هذا الشريان إلى مشاكل صحية خطيرة، بما في ذلك النوبات القلبية. من خلال فهم مسار الشريان المنحدر الخلفي، وتفرعاته، ووظيفته، والأمراض التي قد تصيبه، يمكنك اتخاذ خطوات لحماية صحة قلبك وتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب. الوقاية تلعب دورًا حاسمًا، ويجب على الجميع تبني نمط حياة صحي يشمل نظامًا غذائيًا صحيًا وممارسة الرياضة بانتظام وتجنب التدخين.
المراجع
- StatPearls [Internet]. Posterior Descending Artery (PDA).
- ScienceDirect. Posterior Descending Artery.
- Kenhub. Coronary arteries: Anatomy and clinical importance.
- Mayo Clinic. مرض الشريان التاجي.
“`