نشأته وتعليمه
ولد أهارون يهودا ليب شتاينمان في كامينيتس (كامينيتس ليوفسك) في الإمبراطورية الروسية (بيلاروسيا حاليًا) في 3 نوفمبر 1914. كان والده نوح شتاينمان، تاجر أخشاب، ووالدته غيتل ديبورا. تلقى تعليمه في شبابه في “خيدر” محلي، ثم انتقل للدراسة في مدرسة “يشيفات” في بريست، تحت إشراف الحاخام يتسحاق زئيف سولوفيتشيك. كان يعتبر طالبًا متميزًا، وسرعان ما اكتسب سمعة طيبة بسبب اجتهاده وتفانيه في الدراسة.
خلال فترة وجوده في يشيفات بريست، أصبح شتاينمان مقربًا من الحاخام سولوفيتشيك، الذي أثر فيه بعمق. تعلم منه أهمية الدقة والعمق في دراسة التوراة والتلمود. كما تأثر بشخصية الحاخام سولوفيتشيك، والتزامه الثابت بالشريعة اليهودية.
في عام 1937، هاجر شتاينمان إلى فلسطين الانتدابية، هربًا من تصاعد معاداة السامية في أوروبا. استقر في القدس، حيث واصل دراسته في يشيفات “عتس حاييم”. هناك، أصبح مقربًا من الحاخام ييشائيل مئير، رئيس اليشيفا، الذي كان له تأثير كبير على تطويره اللاحق كزعيم ديني.
مسيرته الدينية
بعد زواجه، انتقل شتاينمان إلى بني براك، وهي مدينة ذات غالبية حريدية في إسرائيل. هناك، بدأ في تأسيس سمعته كعالم ومدرس. في البداية، قام بتدريس مجموعة صغيرة من الطلاب في منزله. بمرور الوقت، نمت شعبيته، وأصبح يُعرف على نطاق واسع بمعرفته الواسعة بالتوراة والتلمود، وقدرته على شرح المفاهيم المعقدة بطريقة واضحة وموجزة.
في عام 1955، تم تعيين شتاينمان رئيسًا ليشيفات “غاؤون يعقوب” في بني براك. تحت قيادته، نمت اليشيفا لتصبح واحدة من أكبر وأكثر اليشيفات احترامًا في إسرائيل. اجتذبت الطلاب من جميع أنحاء العالم، وأنتجت عددًا كبيرًا من الخريجين الذين أصبحوا قادة دينيين بارزين.
بالإضافة إلى منصبه كرئيس لليشيفا، شغل شتاينمان أيضًا عددًا من المناصب القيادية الأخرى في المجتمع الحريدي. كان عضوًا في مجلس حكماء التوراة، وهو الهيئة الحاكمة لحزب “ديجل هاتوراه”، وهو حزب سياسي يمثل المصالح الحريدية في الكنيست الإسرائيلي. كما كان مستشارًا موثوقًا به للعديد من الحاخامات والقادة الدينيين البارزين الآخرين.
اشتهر شتاينمان بأسلوبه المتواضع والمتواضع في القيادة. لم يسعى أبدًا إلى السلطة أو الشهرة، وفضل العمل خلف الكواليس لتعزيز مصالح المجتمع الحريدي. ومع ذلك، كان له تأثير كبير على السياسة الإسرائيلية، وغالبًا ما كان يلعب دورًا رئيسيًا في تشكيل المواقف الحريدية بشأن القضايا المهمة.
آراؤه وتعاليمه
كان شتاينمان معروفًا بآرائه المحافظة وتعاليمه الصارمة. آمن بقوة بأهمية الحفاظ على التقاليد والقيم اليهودية، وعارض بشدة أي محاولة لتحديث أو تخفيف الشريعة اليهودية. كما كان مدافعًا قويًا عن التعليم الديني، وشجع الشباب الحريدي على تكريس حياتهم لدراسة التوراة والتلمود.
أحد أهم جوانب فلسفة شتاينمان كان تركيزه على أهمية الوقت. كان يعتقد أن كل لحظة في الحياة ثمينة، ويجب استخدامها لأقصى إمكاناتها في الدراسة والعمل الصالح. غالبًا ما كان يحث طلابه على تجنب الأنشطة التافهة وغير الضرورية، وبدلاً من ذلك، التركيز على الأشياء التي لها قيمة دائمة.
كان شتاينمان أيضًا معروفًا بتواضعه وكرمه. عاش حياة بسيطة للغاية، وتجنب مظاهر الثروة أو الرفاهية. غالبًا ما كان يتبرع بوقته وأمواله لمساعدة المحتاجين، وشجع الآخرين على فعل الشيء نفسه. كان يعتقد أن مساعدة الآخرين هي إحدى أهم الطرق لإرضاء الله.
كما دعا إلى السلام والوحدة بين جميع اليهود، بغض النظر عن انتماءاتهم أو خلفياتهم. غالبًا ما كان يحث أتباعه على تجنب الجدال والخلافات، والتركيز بدلاً من ذلك على ما يوحدهم كشعب واحد.
- التعليم: كان التعليم الديني على رأس أولوياته، وشجع الشباب الحريدي على تكريس حياتهم لدراسة التوراة والتلمود.
- الوقت: أكد على أهمية الوقت واستغلال كل لحظة في الدراسة والعمل الصالح.
- التواضع والكرم: عاش حياة بسيطة وتبرع بوقته وماله لمساعدة المحتاجين.
- الوحدة والسلام: دعا إلى الوحدة بين جميع اليهود وتجنب الخلافات.
تأثيره وإرثه
كان لأهارون يهودا ليب شتاينمان تأثير عميق على المجتمع الحريدي في إسرائيل والعالم. كان يعتبر زعيمًا روحيًا مؤثرًا للغاية، ومحترمًا من قبل الآلاف. ألهمت تعاليمه وأمثاله أجيالًا من اليهود على عيش حياة أكثر تقوى وتفانيًا.
بعد وفاته، أشاد به العديد من القادة الدينيين والسياسيين البارزين. وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه “عملاق روحي قاد جيلًا كاملاً من اليهود بخبرته وحكمته”. وأشاد به رئيس الكنيست يولي إدلشتاين بأنه “أحد أعظم قادة جيلنا”.
يستمر إرث شتاينمان في إلهام الناس في جميع أنحاء العالم. لا تزال تعاليمه تُدرس وتُمارس من قبل الآلاف من اليهود، ولا تزال أعماله الخيرية تدعم المحتاجين. يعتبر على نطاق واسع أحد أعظم القادة الدينيين في القرن العشرين.
خاتمة
كان الحاخام أهارون يهودا ليب شتاينمان شخصية بارزة في المجتمع الحريدي، قاد الآلاف بتعاليمه ومواقفه. كان له تأثير كبير على التعليم الديني، وأهمية الوقت، والتواضع، والكرم، والوحدة بين اليهود. سيظل إرثه يلهم الأجيال القادمة.