مقدمة
يوحنا 7 هو الفصل السابع من إنجيل يوحنا في العهد الجديد من الكتاب المقدس المسيحي. يروي هذا الفصل زيارة يسوع إلى أورشليم في عيد المظال، والجدل الذي أثاره تعليمه، ومحاولات القبض عليه.
خلفية تاريخية
تدور أحداث هذا الفصل خلال عيد المظال (أو عيد العرش)، وهو أحد الأعياد اليهودية الرئيسية الثلاثة. كان هذا العيد يستمر لمدة سبعة أيام، وكان يحتفل بحصاد الخريف وشكر الله على بركاته. كان اليهود يأتون من جميع أنحاء الأرض إلى أورشليم للاحتفال بهذا العيد.
في ذلك الوقت، كانت العلاقات بين يسوع والقادة اليهود متوترة للغاية. كان يسوع قد أثار غضبهم بتعليمه وسلطته، وكانوا يبحثون عن طريقة للتخلص منه. ومع ذلك، كان يسوع لا يزال يحظى بشعبية كبيرة بين الناس، الذين كانوا مندهشين من معجزاته وتعليمه.
ملخص الأحداث في يوحنا 7
يبدأ الفصل بذكر أن يسوع بقي في الجليل ولم يصعد إلى اليهودية، لأن اليهود كانوا يطلبون أن يقتلوه. ثم حثه إخوته على الذهاب إلى اليهودية حتى يرى تلاميذه أعماله التي يعملها، لأن لا أحد يفعل شيئًا سرًا وهو يريد أن يكون علانية. لكن يسوع قال لهم إن وقته لم يحن بعد، أما وقتهم فدائمًا حاضر.
بعد أن صعد إخوته إلى العيد، صعد يسوع أيضًا، ولكن ليس علانية بل كما في الخفاء. كان اليهود يطلبونه في العيد ويسألون: «أين هو؟» وكان هناك همس كثير عنه بين الجموع. البعض يقولون: «إنه صالح»، وآخرون يقولون: «لا، بل يضلل الشعب». ولكن لم يكن أحد يتكلم عنه علانية خوفًا من اليهود.
في منتصف العيد، صعد يسوع إلى الهيكل وصار يعلم. فتعجب اليهود قائلين: «كيف يعرف هذا الكتب وهو لم يتعلم؟» أجابهم يسوع: «تعليمي ليس لي، بل للذي أرسلني. من يشاء أن يعمل بمشيئته يعرف التعليم، هل هو من الله أم أتكلم أنا من نفسي. من يتكلم من نفسه يطلب مجد نفسه، وأما من يطلب مجد الذي أرسله فهو صادق وليس فيه ظلم. أليس موسى قد أعطاكم الناموس؟ وليس أحد منكم يعمل بالناموس! لماذا تطلبون أن تقتلوني؟»
أجاب الجموع: «بك شيطان! من يطلب أن يقتلك؟» أجاب يسوع: «عملًا واحدًا عملت فتتعجبون جميعًا. لهذا أعطاكم موسى الختان، ليس أنه من موسى، بل من الآباء، فتختنون الإنسان في السبت. فإذا كان الإنسان يقبل الختان في السبت لئلا ينقض ناموس موسى، أفتغضبون علي لأني شفيت إنسانًا كله في السبت؟ لا تحكموا حسب الظاهر، بل احكموا حكمًا عادلاً.»
فقال قوم من أهل أورشليم: «أليس هذا هو الذي يطلبون أن يقتلوه؟ وها هو يتكلم جهارًا ولا يقولون له شيئًا! ألعل الرؤساء عرفوا يقينًا أنه المسيح حقًا؟ ولكن هذا نعرف من أين هو، وأما المسيح فمتى جاء لا يعرف أحد من أين هو.» فنادى يسوع وهو يعلم في الهيكل قائلاً: «تعرفونني وتعرفون من أين أنا! وما جئت أنا من نفسي، بل الذي أرسلني هو حق، الذي أنتم لستم تعرفونه. أنا أعرفه لأني منه، وهو أرسلني.»
فطلبوا أن يمسكوه، ولم يلق أحد يده عليه، لأن ساعته لم تكن قد جاءت بعد. فآمن به كثيرون من الجموع وقالوا: «ألمسيح متى جاء، أيعمل آيات أكثر من هذه التي عملها هذا؟» سمع الفريسيون الجموع يتهمسون بهذا عنه، فأرسل الفريسيون ورؤساء الكهنة خدامًا ليمسكوه. فقال لهم يسوع: «أنا معكم زمانًا يسيرًا بعد، ثم أذهب إلى الذي أرسلني. ستطلبونني ولا تجدونني، وحيث أكون أنا لا تقدرون أنتم أن تأتوا.»
فقال اليهود فيما بينهم: «إلى أين هذا مزمع أن يذهب حتى لا نجده نحن؟ ألعله مزمع أن يذهب إلى شتات اليونانيين ويعلم اليونانيين؟ ما هذا القول الذي قال: ستطلبونني ولا تجدونني، وحيث أكون أنا لا تقدرون أنتم أن تأتوا؟»
وفي اليوم الأخير العظيم من العيد وقف يسوع ونادى قائلاً: «إن عطش أحد فليقبل إلي ويشرب. من آمن بي، كما قال الكتاب، تجري من بطنه أنهار ماء حي.» قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه، لأن الروح القدس لم يكن قد أعطي بعد، لأن يسوع لم يكن قد مجد بعد.
فكثيرون من الجموع لما سمعوا هذا الكلام قالوا: «هذا بالحقيقة هو النبي.» آخرون قالوا: «هذا هو المسيح.» وآخرون قالوا: «ألعل المسيح من الجليل يأتي؟ ألم يقل الكتاب إنه من نسل داود، ومن بيت لحم القرية التي كان داود فيها، يأتي المسيح؟» فحدث انشقاق في الجموع لسببه. وكان قوم منهم يريدون أن يمسكوه، ولكن لم يلق أحد عليه الأيادي.
فجاء الخدام إلى رؤساء الكهنة والفريسيين. فقال هؤلاء لهم: «لماذا لم تأتوا به؟» أجاب الخدام: «لم يتكلم قط إنسان هكذا مثل هذا الإنسان!» فأجابهم الفريسيون: «ألعلكم أنتم أيضًا قد ضللتم؟ ألعل أحدًا من الرؤساء أو من الفريسيين آمن به؟ وأما هذا الشعب الذي لا يعرف الناموس فهو ملعون!» قال لهم نيقوديموس، الذي جاء إليه ليلاً، وهو واحد منهم: «ألعل ناموسنا يدين إنسانًا لم يسمع منه أولاً ويعرف ما فعل؟» أجابوا وقالوا له: «ألعل أنت أيضًا من الجليل؟ فتش وانظر إنه لم يقم نبي من الجليل!» فمضى كل واحد إلى بيته.
تحليل لاهوتي
يقدم يوحنا 7 العديد من الأفكار اللاهوتية الهامة، بما في ذلك:
- سلطة يسوع: يُظهر يسوع سلطة كبيرة في تعليمه ومعجزاته. يتحدى القادة اليهود ويؤكد أنه يتكلم باسم الله.
- هوية يسوع: يثير يسوع أسئلة حول هويته. يتساءل الناس عما إذا كان هو المسيح أو نبيًا. يؤكد يسوع أنه أرسل من الله وأنه يعرف الله.
- الوعد بالروح القدس: يعد يسوع بإرسال الروح القدس إلى المؤمنين به. سيمنح الروح القدس المؤمنين قوة وقدرة جديدة.
الدروس المستفادة
يقدم يوحنا 7 العديد من الدروس التي يمكننا تطبيقها على حياتنا، بما في ذلك:
- الشجاعة في الإيمان: كان على يسوع أن يتحلى بالشجاعة ليذهب إلى أورشليم ويعلم في الهيكل، على الرغم من معرفته أن القادة اليهود كانوا يريدون قتله. يجب أن نكون مستعدين للدفاع عن إيماننا، حتى عندما يكون ذلك صعبًا.
- التمييز الروحي: كان على الناس أن يميزوا بين يسوع والقادة اليهود. يجب أن نكون قادرين على التمييز بين الحق والباطل، وأن نتبع الحق.
- الاستعداد لقبول الروح القدس: يجب أن نكون مستعدين لقبول الروح القدس في حياتنا. سيمنحنا الروح القدس قوة وقدرة جديدة لخدمة الله.
تطبيقات معاصرة
تظل القضايا التي أثيرت في يوحنا 7 ذات صلة اليوم. غالبًا ما يتم تحدي المسيحيين بسبب معتقداتهم، وقد يكون من الصعب التمييز بين الحق والباطل. ومع ذلك، يجب أن نظل ثابتين في إيماننا ومستعدين للدفاع عنه. يجب أن نكون أيضًا منفتحين على عمل الروح القدس في حياتنا، وأن نكون مستعدين لاتباع قيادته.
إن قصة يسوع في يوحنا 7 تذكرنا بأهمية الثبات على الحق، حتى عندما يكون ذلك غير شائع. تعلمنا أن نسعى إلى الحكمة من الله، وأن نكون مستعدين للدفاع عن إيماننا. كما تعلمنا أن نكون منفتحين على عمل الروح القدس في حياتنا، وأن نثق في قيادته.
تأملات إضافية
إن يوحنا 7 يثير تساؤلات مهمة حول الإيمان والشك. كيف يمكننا أن نعرف ما هو الحق؟ كيف يمكننا أن نميز بين صوت الله وصوت العالم؟ هذه أسئلة يصارع معها المسيحيون منذ قرون. ومع ذلك، يمكننا أن نجد إجابات لهذه الأسئلة في الكتاب المقدس وفي حياة يسوع المسيح. من خلال دراسة الكتاب المقدس والصلاة، يمكننا أن نتعلم كيف نسمع صوت الله وكيف نتبع قيادته. يمكننا أيضًا أن نتعلم من حياة يسوع المسيح، الذي أظهر لنا كيف نعيش حياة الإيمان والشجاعة.
خاتمة
يوحنا 7 هو فصل غني بالمعنى والدروس القيمة. يركز على زيارة يسوع إلى عيد المظال في أورشليم، والجدل الذي أثاره تعليمه، والوعد بإرسال الروح القدس. يقدم هذا الفصل دروسًا مهمة حول الشجاعة في الإيمان، والتمييز الروحي، والاستعداد لقبول الروح القدس. تظل هذه الدروس ذات صلة اليوم، وتساعدنا على فهم أعمق لإيماننا المسيحي.