سيليه (Sèlèh)

ما هو غاميلان؟

قبل الخوض في تفاصيل السيليه، من الضروري فهم ماهية الغاميلان. الغاميلان هو مجموعة موسيقية تقليدية من جاوة وبالي في إندونيسيا، وتتكون بشكل أساسي من آلات قرع مثل الأجراس المعدنية (metallophones)، والأجراس المعلقة (gongs)، والطبول، بالإضافة إلى آلات أخرى مثل الكمان ذي الوترين (rebab) والناي الخيزراني (suling) وأحيانًا أصوات المغنين. تشتهر موسيقى الغاميلان بصوتها الغني والمعقد والمتعدد الطبقات، وغالبًا ما تستخدم في الاحتفالات الدينية والمناسبات الاجتماعية والعروض المسرحية.

أهمية السيليه في موسيقى الغاميلان

تعتبر السيليه جوهرية لتحديد هوية قطعة غاميلان موسيقية. فهي تحدد العلاقات المقامية بين النغمات، وتحدد النوتة الأساسية أو “تونيك” (tonic) التي تستند إليها اللحن. بالإضافة إلى ذلك، تؤثر السيليه على اختيار النغمات المستخدمة في اللحن، وتحدد الترتيب الهرمي للأصوات، وتساهم في خلق مزاج أو عاطفة معينة. يمكن اعتبار السيليه بمثابة “مفتاح” موسيقي يفتح الباب أمام فهم وتقدير العمق والتنوع في موسيقى الغاميلان.

أنواع السيليه

توجد عدة أنواع من السيليه في موسيقى الغاميلان الجاوية، ولكل منها خصائصه المميزة والمزاج الخاص الذي تخلقه. من بين الأنواع الأكثر شيوعًا:

  • سليندرو (Sléndro): هو نظام ضبط خماسي النغمات (pentatonic) يعتبر من أقدم الأنظمة وأكثرها استخدامًا في موسيقى الغاميلان. يتميز السليندرو بتباعد متساوٍ نسبيًا بين النغمات، مما يخلق إحساسًا بالهدوء والتوازن. غالبًا ما يرتبط السليندرو بالمناسبات الرسمية والاحتفالات الدينية.
  • بيلوغ (Pélog): هو نظام ضبط سباعي النغمات (heptatonic) يوفر مجموعة أوسع من النغمات مقارنة بالسليندرو. يتميز البيلوغ بتباعد غير متساوٍ بين النغمات، مما يخلق مجموعة متنوعة من الاحتمالات اللحنية والتوافقية. غالبًا ما يرتبط البيلوغ بالمناسبات الأقل رسمية والعروض المسرحية.

بالإضافة إلى هذين النظامين الرئيسيين، توجد أيضًا أنواع فرعية من السيليه، مثل:

  • مانتيول (Manyura): وهو نوع من البيلوغ يتميز بمجموعة معينة من النغمات ذات الأهمية الخاصة.
  • بارانج (Barang): وهو نوع آخر من البيلوغ يتميز بخصائص لحنية محددة.
  • ليمبوغان (Limbu الغان): وهو نوع من السليندرو غالبًا ما يستخدم في سياقات معينة.

كل نوع من أنواع السيليه هذه يخلق طابعًا موسيقيًا فريدًا، ويساهم في التنوع الغني لموسيقى الغاميلان.

كيف تعمل السيليه؟

تعتمد السيليه على تحديد العلاقات بين النغمات المختلفة في الغاميلان. يتم ذلك عن طريق تحديد النوتة الأساسية (تونيك) التي تعتبر نقطة ارتكاز المقام. ثم يتم تحديد النغمات الأخرى بالنسبة إلى النوتة الأساسية، مما يخلق سلسلة من العلاقات المقامية التي تحدد هوية السيليه.

تتأثر السيليه أيضًا بالفترة الزمنية (tempo) والإيقاع (rhythm) المستخدمين في القطعة الموسيقية. يمكن أن يؤدي تغيير الفترة الزمنية أو الإيقاع إلى تغيير الإحساس العام بالقطعة، حتى لو كانت تستخدم نفس السيليه. علاوة على ذلك، تلعب الزخارف اللحنية والتناغم دورًا في التعبير عن شخصية السيليه.

تأثير السيليه على العزف

يؤثر اختيار السيليه بشكل كبير على طريقة العزف في الغاميلان. يجب على الموسيقيين أن يكونوا على دراية بالسيليه المستخدمة في القطعة الموسيقية وأن يختاروا النغمات التي تتناسب مع المقام. يجب عليهم أيضًا أن يكونوا على دراية بالعلاقات المقامية بين النغمات وأن يستخدموها لخلق لحن متماسك ومعبر. يتطلب العزف الجيد في الغاميلان فهمًا عميقًا للسيليه وقدرة على تطبيق هذا الفهم في الممارسة العملية.

السيليه والثقافة الجاوية

ترتبط السيليه ارتباطًا وثيقًا بالثقافة الجاوية. غالبًا ما تستخدم موسيقى الغاميلان في الاحتفالات الدينية والمناسبات الاجتماعية والعروض المسرحية، وتعتبر السيليه جزءًا لا يتجزأ من هذه المناسبات. يعتقد الكثير من الجاويين أن السيليه لها قوة روحية ويمكن أن تؤثر على مزاج وعواطف المستمعين. على هذا النحو، يتم اختيار السيليه بعناية لضمان أن القطعة الموسيقية مناسبة للمناسبة وللجمهور.

السيليه في الموسيقى المعاصرة

على الرغم من أن السيليه هي مفهوم تقليدي، إلا أنها لا تزال ذات صلة بالموسيقى المعاصرة. يستخدم العديد من الموسيقيين المعاصرين السيليه في مؤلفاتهم، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. يمكن أن يكون هذا وسيلة لتكريم التقاليد الجاوية، أو يمكن أن يكون وسيلة لاستكشاف إمكانيات موسيقية جديدة. في كلتا الحالتين، تظل السيليه مصدر إلهام للموسيقيين في جميع أنحاء العالم.

أمثلة على استخدام السيليه

لتوضيح كيفية عمل السيليه، دعونا ننظر في بعض الأمثلة:

  • قطعة غاميلان في سليندرو: قد تستخدم هذه القطعة النغمات الخمس في مقياس سليندرو لإنشاء لحن هادئ ومتوازن. قد يكون الإيقاع بطيئًا وثابتًا، وقد تكون الزخارف اللحنية بسيطة ومباشرة.
  • قطعة غاميلان في بيلوغ: قد تستخدم هذه القطعة النغمات السبع في مقياس بيلوغ لإنشاء لحن أكثر تعقيدًا وتنوعًا. قد يكون الإيقاع أكثر حيوية، وقد تكون الزخارف اللحنية أكثر تفصيلاً.
  • قطعة معاصرة تستخدم السيليه: قد تجمع هذه القطعة بين عناصر من موسيقى الغاميلان التقليدية والموسيقى الغربية لخلق صوت جديد ومبتكر. قد تستخدم القطعة السيليه كأساس للحن، ولكنها قد تتضمن أيضًا عناصر أخرى مثل التناغمات الغربية والإلكترونيات.

توضح هذه الأمثلة كيف يمكن استخدام السيليه في مجموعة متنوعة من السياقات الموسيقية.

التحديات في دراسة السيليه

قد يكون تعلم السيليه أمرًا صعبًا، خاصة بالنسبة لأولئك الذين ليسوا على دراية بالموسيقى الجاوية. أحد التحديات هو أن السيليه ليست مفهومًا نظريًا بسيطًا، ولكنها بالأحرى مجموعة من الممارسات الموسيقية التي يتم تعلمها بشكل أفضل من خلال الخبرة العملية. تحدٍ آخر هو أن هناك العديد من الأنواع المختلفة من السيليه، ولكل منها خصائصه المميزة. ومع ذلك، مع الصبر والممارسة، من الممكن تعلم السيليه وتقدير جمال موسيقى الغاميلان.

خاتمة

السيليه هي مفهوم موسيقي إندونيسي أساسي يستخدم في موسيقى الغاميلان. إنها تحدد العلاقات بين النغمات وتؤثر على الطابع العام للقطعة الموسيقية. هناك عدة أنواع من السيليه، ولكل منها خصائصه المميزة. ترتبط السيليه ارتباطًا وثيقًا بالثقافة الجاوية وتظل ذات صلة بالموسيقى المعاصرة. على الرغم من أن تعلم السيليه قد يكون أمرًا صعبًا، إلا أنه يستحق الجهد المبذول لفهم وتقدير العمق والتنوع في موسيقى الغاميلان.

المراجع