مقدمة
استعادة (Reclaiming) هي تقليد في الوثنية الجديدة الساحرة، يهدف إلى الجمع بين حركة الآلهة النسوية والنشاط السياسي. تأسست في منطقة خليج سان فرانسيسكو في أواخر السبعينيات، وسرعان ما اكتسبت شعبية بين النسويات والناشطين البيئيين الذين يبحثون عن طريق روحاني أكثر ارتباطًا بالأرض.
أصول استعادة
يمكن تتبع أصول استعادة إلى عمل كل من ستارهاوك وديان بيكر، اللتين بدأتا في تدريس ورش عمل حول السحر والروحانية النسوية في منتصف السبعينيات. تأثرت كلتا المرأتين بشدة بحركة الآلهة النسوية، التي بدأت في الظهور في الستينيات والسبعينيات. اعتقدت حركة الآلهة النسوية أن الإلهة كانت قوة روحية صالحة وذات صلة، وأن عبادة الإلهة يمكن أن تكون وسيلة لتمكين المرأة واستعادة قوتها.
استلهمت ستارهاوك وديان بيكر أيضًا من أعمال الساحرة البريطانية جيرالد غاردنر، الذي يعتبر على نطاق واسع مؤسس ويكا الحديثة. ومع ذلك، فقد ابتعدتا عن التركيز الهرمي والتسلطي لويكا، لصالح نهج أكثر ديمقراطية وتشاركية. لقد أرادتا إنشاء تقليد ساحر يكون شاملاً ويمكن الوصول إليه لجميع الناس، بغض النظر عن جنسهم أو ميولهم الجنسية أو خلفيتهم.
في عام 1979، أسست ستارهاوك وديان بيكر مع آخرين تنظيم استعادة (Reclaiming Collective) الذي أصبح مركزًا للحركة. بدأت المجموعة في نشر مجلة تسمى “Reclaiming Newsletter”، وعقدت ورش عمل ومهرجانات، وأنشأت شبكة من المجتمعات في جميع أنحاء العالم.
المبادئ الأساسية لاستعادة
تعتمد استعادة على عدد من المبادئ الأساسية، بما في ذلك:
- الإلهة: تؤمن استعادة بأن الإلهة قوة روحية صالحة وذات صلة. غالبًا ما تُرى الإلهة على أنها أم كل شيء، مصدر كل الحياة والإبداع.
- السحر: تعتبر استعادة السحر وسيلة لتغيير الوعي وتغيير العالم. يُنظر إلى السحر على أنه قوة طبيعية يمكن تسخيرها من خلال النية والطقوس.
- النسوية: استعادة هي حركة نسوية تلتزم بإنهاء التحيز الجنسي والتمييز الجنسي. تعتقد استعادة أن المرأة يجب أن تتمتع بالمساواة في الحقوق والفرص مع الرجال، وأن أصوات المرأة يجب أن تُسمع وتحترم.
- العدالة الاجتماعية: تلتزم استعادة بالعدالة الاجتماعية والبيئية. تعتقد استعادة أنه يجب علينا العمل من أجل خلق عالم عادل ومستدام للجميع.
- التجربة الشخصية: تضع استعادة قيمة عالية على التجربة الشخصية والتجريب الروحي. يتم تشجيع الناس على تطوير معتقداتهم وممارساتهم الخاصة، بناءً على تجاربهم الخاصة.
ممارسات استعادة
تتضمن ممارسات استعادة مجموعة متنوعة من الطقوس والاحتفالات والممارسات الروحية الأخرى. تشمل بعض الممارسات الأكثر شيوعًا ما يلي:
- الطقوس: تستخدم استعادة الطقوس للاحتفال بالدورات الطبيعية للحياة، ولتأكيد النية، وللتواصل مع الإلهة والأرواح الأخرى. غالبًا ما تتضمن الطقوس الغناء والرقص ورواية القصص والعمل السحري.
- التأمل: يستخدم التأمل لتهدئة العقل، وتطوير الوعي، والتواصل مع الإلهة. غالبًا ما تتضمن التأملات التصور والتنفس العميق والتركيز على الحواس.
- العمل السحري: يستخدم العمل السحري لتغيير الوعي وتغيير العالم. غالبًا ما يتضمن العمل السحري استخدام النية والرمزية والتصور.
- الشفاء: تسعى استعادة إلى الشفاء على جميع المستويات: الشخصية والمجتمعية والكوكبية. تشمل ممارسات الشفاء العمل بالطاقة، والعمل بالأعشاب، والتواصل مع الطبيعة.
- النشاط السياسي: يعتبر النشاط السياسي جزءًا أساسيًا من استعادة. يتم تشجيع الناس على المشاركة في الاحتجاجات والمظاهرات وغيرها من أشكال العمل المباشر للدفاع عن العدالة الاجتماعية والبيئية.
هيكل استعادة
استعادة ليست منظمة مركزية. بدلاً من ذلك، هي شبكة من المجتمعات والأفراد المستقلين الذين يشتركون في مجموعة مشتركة من القيم والمعتقدات. لا يوجد زعيم أو سلطة مركزية لاستعادة. بدلاً من ذلك، يتم تشجيع كل مجتمع وكل فرد على تطوير معتقداتهم وممارساتهم الخاصة.
ومع ذلك، هناك عدد من المنظمات التي تلعب دورًا مهمًا في حركة استعادة. وتشمل هذه:
- Reclaiming Collective: وهي المنظمة الأصلية التي أسستها ستارهاوك وديان بيكر. تواصل المجموعة استضافة ورش عمل ومهرجانات، ونشر مجلة “Reclaiming Quarterly”.
- Reclaiming Teachers’ Collective: وهي مجموعة من المعلمين المعتمدين الذين يقدمون ورش عمل ودورات تدريبية حول استعادة.
- Reclaiming WitchCamp: وهي سلسلة من المعسكرات الصيفية التي تقام كل عام في جميع أنحاء العالم. توفر WitchCamps فرصة للناس لتعلم السحر والتواصل مع الآخرين الذين يشاركونهم اهتماماتهم.
تأثير استعادة
كان لاستعادة تأثير كبير على حركة الوثنية الجديدة والحركة النسوية. ساعدت استعادة على نشر فكرة الإلهة، وساهمت في تطوير ممارسات سحرية نسوية، وألهمت عددًا لا يحصى من الناس ليصبحوا ناشطين في مجال العدالة الاجتماعية والبيئية.
لا تزال استعادة حركة حيوية ومتنامية. لديها مجتمعات في جميع أنحاء العالم، وتستمر في جذب أشخاص جدد يبحثون عن طريق روحاني أكثر ارتباطًا بالأرض وأكثر التزامًا بالعدالة الاجتماعية.
انتقادات لاستعادة
على الرغم من شعبيتها وتأثيرها، واجهت استعادة أيضًا بعض الانتقادات. تتضمن بعض الانتقادات الأكثر شيوعًا ما يلي:
- الاستيلاء الثقافي: يجادل البعض بأن استعادة تستولي على الممارسات الروحية من الثقافات الأخرى دون إذن أو فهم مناسب.
- التأميم الثقافي: يرى البعض أن استعادة تميل إلى تعميم الممارسات الروحية من ثقافات مختلفة، مما يؤدي إلى فقدان المعنى والجوهر.
- التركيز على الامتياز الأبيض: يجادل البعض بأن استعادة تركز بشكل كبير على تجارب النساء البيض من الطبقة الوسطى، وتتجاهل تجارب النساء الملونات والآخرين الذين تم تهميشهم.
- الافتقار إلى المساءلة: يرى البعض أن استعادة تفتقر إلى آليات المساءلة، مما قد يؤدي إلى إساءة استخدام السلطة والإيذاء.
يجب أخذ هذه الانتقادات على محمل الجد. من المهم أن تكون استعادة على دراية بتأثيرها على الثقافات والمجتمعات الأخرى، وأن تعمل على خلق مساحة أكثر شمولاً وعدلاً للجميع.
خاتمة
استعادة هي تقليد وثني جديد فريد ومؤثر يجمع بين الروحانية النسوية والنشاط السياسي. تأسست في منطقة خليج سان فرانسيسكو في أواخر السبعينيات، وسرعان ما اكتسبت شعبية بين الأشخاص الذين يبحثون عن طريق روحاني أكثر ارتباطًا بالأرض والتزامًا بالعدالة الاجتماعية. على الرغم من أنها واجهت بعض الانتقادات، إلا أن استعادة تظل حركة حيوية ومتنامية تستمر في إلهام الناس في جميع أنحاء العالم.