نشأته وتعليمه
ولد أندرو سكوت وو في نورثمبرلاند، إنجلترا، في 3 فبراير 1810. تلقى تعليمه في أكاديمية قلعة بلير، حيث أظهر تفوقًا في الرياضيات والعلوم. التحق بعد ذلك بالأكاديمية العسكرية لشركة الهند الشرقية في أديسكومب، حيث تدرب ليصبح مهندسًا وضابطًا في الجيش. تميز وو بقدرته على استيعاب المفاهيم المعقدة وتطبيقها، مما جعله مرشحًا واعدًا للخدمة في الهند.
الخدمة في الهند
في عام 1827، انضم وو إلى سلاح المهندسين في جيش شركة الهند الشرقية ووصل إلى الهند. تم تكليفه في البداية بمهام هندسية مختلفة، بما في ذلك بناء الطرق والجسور. سرعان ما لفت انتباه رؤسائه بسبب كفاءته واجتهاده. في عام 1832، تم تعيينه في هيئة المساحة الطبوغرافية للهند، وهي مؤسسة حيوية مسؤولة عن رسم خرائط دقيقة وشاملة لشبه القارة الهندية الشاسعة.
المسح الطبوغرافي العظيم للهند
كان المسح الطبوغرافي العظيم للهند مشروعًا ضخمًا بدأ في أوائل القرن التاسع عشر بهدف رسم خرائط شبه القارة الهندية بأكملها بدقة غير مسبوقة. كان هذا المسح ضروريًا للأغراض العسكرية والإدارية والتجارية. لعب أندرو سكوت وو دورًا حاسمًا في هذا المشروع، حيث عمل تحت إشراف السير جورج إفرست، ثم خلفه في منصب المدير العام للمساحة في عام 1843.
تحديات المسح:
واجه المسح الطبوغرافي العظيم للهند العديد من التحديات، بما في ذلك:
- المساحة الشاسعة والتضاريس المتنوعة: كان على المساحين تغطية مناطق شاسعة من الأراضي، بما في ذلك الصحاري والجبال والغابات الكثيفة.
- المناخ القاسي: كان على المساحين العمل في ظروف مناخية قاسية، بما في ذلك الحرارة الشديدة والأمطار الموسمية الغزيرة.
- الأمراض: كانت الأمراض الاستوائية تهديدًا دائمًا للمساحين وأطقمهم.
- المقاومة المحلية: في بعض المناطق، واجه المساحون مقاومة من السكان المحليين الذين كانوا متخوفين من نواياهم.
إنجازات وو في المسح:
على الرغم من هذه التحديات، حقق أندرو سكوت وو تقدمًا كبيرًا في المسح الطبوغرافي العظيم للهند. أدخل تحسينات على تقنيات المسح واستخدم معدات جديدة، مثل التيودوليت المتطور، لزيادة الدقة. كما قام بتدريب وتوجيه فريق من المساحين الهنود، الذين لعبوا دورًا حيويًا في نجاح المشروع.
من بين أبرز إنجازات وو خلال فترة إدارته للمسح:
- تحديد ارتفاع قمة جبل إفرست: في عام 1852، قام فريق من المساحين بقيادة راداناث سيكدار، أحد مرؤوسي وو، بحساب ارتفاع قمة “القمة الخامسة عشرة” (Peak XV) في جبال الهيمالايا. أظهرت الحسابات أن القمة كانت الأعلى في العالم.
- تسمية جبل إفرست: في عام 1856، أعلن أندرو سكوت وو رسميًا أن القمة الخامسة عشرة هي الأعلى في العالم وأطلق عليها اسم جبل إفرست تكريمًا لسلفه، السير جورج إفرست. أثار هذا القرار بعض الجدل، حيث كان هناك من يعتقد أن الجبل يجب أن يحمل اسمًا محليًا. ومع ذلك، دافع وو عن قراره بحجة أن إفرست قد كرس حياته للمسح الطبوغرافي للهند وأن تكريمه كان مستحقًا.
- إكمال رسم خرائط تفصيلية لمناطق واسعة من الهند: أشرف وو على إكمال رسم خرائط تفصيلية لمناطق واسعة من الهند، بما في ذلك مناطق البنجاب والسند وشمال غرب الهند. كانت هذه الخرائط ذات قيمة كبيرة للأغراض العسكرية والإدارية والتجارية.
الخلاف حول تسمية جبل إفرست
أثار قرار أندرو سكوت وو بتسمية قمة “القمة الخامسة عشرة” بجبل إفرست جدلاً كبيرًا. جادل البعض بأن الجبل يجب أن يحمل اسمًا محليًا، حيث أن للسكان المحليين أسماءهم الخاصة للقمة منذ فترة طويلة. على سبيل المثال، كان التبتيون يسمون الجبل “تشومولونغما” (Chomolungma)، والتي تعني “آلهة الأم في العالم”، بينما كان النيباليون يسمونه “ساغارماثا” (Sagarmatha)، والتي تعني “جبين السماء”.
دافع وو عن قراره بالإشارة إلى أن السير جورج إفرست كان له دور أساسي في المسح الطبوغرافي للهند، وأنه من المناسب تكريمه بهذه الطريقة. كما أشار إلى أنه لم يكن هناك اسم محلي واحد متفق عليه على نطاق واسع للقمة، وأن اسم إفرست كان محايدًا ومقبولًا عالميًا.
على الرغم من الجدل، ظل اسم جبل إفرست هو الاسم الرسمي للقمة الأعلى في العالم، ولا يزال يستخدم على نطاق واسع حتى اليوم. ومع ذلك، فقد أدى الجدل إلى زيادة الوعي بالأسماء المحلية للقمة وأهميتها الثقافية.
الترقيات والجوائز
تقديراً لخدماته المتميزة في المسح الطبوغرافي للهند، تمت ترقية أندرو سكوت وو إلى رتبة لواء في الجيش البريطاني. كما حصل على العديد من الأوسمة والجوائز، بما في ذلك وسام رفيق آمر الإمبراطورية الهندية (CB) ووسام فارس القائد للإمبراطورية الهندية (KCIE). تم انتخابه أيضًا زميلًا في الجمعية الملكية (FRS).
تقاعده ووفاته
تقاعد أندرو سكوت وو من الخدمة في عام 1861 وعاد إلى إنجلترا. توفي في لندن في 21 فبراير 1878 عن عمر يناهز 68 عامًا.
إرثه
يعتبر أندرو سكوت وو شخصية بارزة في تاريخ المسح الطبوغرافي للهند. لعب دورًا حاسمًا في إكمال المسح الطبوغرافي العظيم للهند، وساهم في رسم خرائط دقيقة وشاملة لشبه القارة الهندية. كما يُذكر بشكل خاص لتسمية جبل إفرست، وهو قرار أثار بعض الجدل ولكنه ساهم أيضًا في شهرة الجبل كأعلى قمة في العالم.
تستمر الخرائط والبيانات التي جمعها وو وفريقه في استخدامها حتى اليوم، وهي ذات قيمة كبيرة للباحثين والمخططين والمسؤولين الحكوميين. لقد ترك إرثًا دائمًا في مجال المسح ورسم الخرائط.
خاتمة
كان أندرو سكوت وو ضابطًا بريطانيًا متميزًا ومديرًا عامًا للمساحة في الهند. لعب دورًا حاسمًا في المسح الطبوغرافي العظيم للهند، وأشرف على إكمال رسم خرائط تفصيلية لمناطق واسعة من شبه القارة الهندية. سيظل اسمه مرتبطًا إلى الأبد بجبل إفرست، القمة الأعلى في العالم، والتي سماها تكريمًا لسلفه. على الرغم من الجدل الذي أثاره هذا القرار، فإن إرث وو كواحد من أبرز المساحين في التاريخ لا يزال قائمًا.