حياته المبكرة ونشأته
ولد روي زورزي في أرتشيتشيارا، وهي بلدة صغيرة في مقاطعة أوديني بإقليم فريولي فينيتسيا جوليا بشمال شرق إيطاليا. نشأ في أسرة تنتمي إلى الطبقة المتوسطة. انخرط زورزي في السياسة في سن مبكرة، حيث انجذب إلى الأفكار اليمينية المتطرفة والفاشية الجديدة التي كانت منتشرة في إيطاليا في فترة ما بعد الحرب.
التورط في الإرهاب اليميني المتطرف
في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، انخرط زورزي بعمق في الجماعات اليمينية المتطرفة والإرهابية في إيطاليا. كان عضوًا في منظمة “فanguardia Nazionale” (الطليعة الوطنية)، وهي جماعة فاشية جديدة مسؤولة عن العديد من التفجيرات والهجمات العنيفة في جميع أنحاء إيطاليا.
تورط زورزي في تفجير ساحة فونتانا في ميلانو عام 1969، وهو أحد أكثر الهجمات الإرهابية دموية في تاريخ إيطاليا الحديث. أسفر التفجير عن مقتل 17 شخصًا وإصابة أكثر من 80 آخرين. على الرغم من أن تورطه لم يتم إثباته بشكل قاطع في المحكمة، إلا أن العديد من الأدلة والشهادات تشير إلى أنه كان متورطًا بشكل مباشر في التخطيط للهجوم وتنفيذه.
بالإضافة إلى تفجير ساحة فونتانا، يُزعم أن زورزي شارك في العديد من الهجمات الإرهابية الأخرى، بما في ذلك تفجير قطار روما-تورينو عام 1970 وتفجير مركز الشرطة في ميلانو عام 1973.
الهروب إلى اليابان وتغيير الهوية
في منتصف السبعينيات، فر زورزي من إيطاليا لتجنب الاعتقال والمحاكمة بتهم تتعلق بالإرهاب. استقر في اليابان، حيث تبنى اسمًا مستعارًا هو “هاكو ريو” وبدأ حياة جديدة كرجل أعمال.
استغل زورزي معرفته باللغة اليابانية وثقافتها (تعلم اللغة اليابانية قبل هروبه) لإنشاء شركة استيراد وتصدير ناجحة. بمرور الوقت، أصبح شخصية بارزة في المجتمع التجاري الياباني، واختفى ماضيه المثير للجدل إلى حد كبير.
الكشف عن هويته ومحاولات تسليمه
في التسعينيات، تم الكشف عن هوية زورزي الحقيقية من قبل الصحفيين والباحثين الإيطاليين الذين تعقبوه في اليابان. أثار هذا الكشف ضجة كبيرة في إيطاليا، حيث طالبت الحكومة اليابانية بتسليمه لمحاكمته عن جرائمه المزعومة.
رفضت المحاكم اليابانية تسليم زورزي، مستشهدة بقوانين التقادم وعدم كفاية الأدلة. ومع ذلك، ظل زورزي شخصية مثيرة للجدل في كل من إيطاليا واليابان، حيث يرى البعض أنه إرهابي فار من العدالة، بينما يرى البعض الآخر أنه ضحية للملاحقات السياسية.
على الرغم من عدم تسليمه، حوكم زورزي غيابيًا في إيطاليا وحكم عليه بالسجن المؤبد بتهمة التورط في تفجير ساحة فونتانا. ومع ذلك، نظرًا لعدم قدرة السلطات الإيطالية على القبض عليه، لم يتم تنفيذ الحكم.
حياته في اليابان
استمر زورزي في العيش في اليابان تحت اسم هاكو ريو، حيث حافظ على نمط حياة هادئ نسبيًا. على الرغم من فضيحة الكشف عن هويته، تمكن من الحفاظ على أعماله التجارية وتجنب المزيد من التدقيق القانوني.
أجرى العديد من الصحفيين والمؤرخين مقابلات مع زورزي على مر السنين، حيث قدم رواياته عن الأحداث التي وقعت في إيطاليا في السبعينيات. ومع ذلك، ظل زورزي مثيرًا للجدل ومراوغًا، وغالبًا ما يقدم روايات متضاربة أو يرفض التعليق على جوانب معينة من ماضيه.
إرثه وتأثيره
تظل قضية ديلفو زورزي (روي زورزي) رمزًا معقدًا ومثيرًا للجدل في تاريخ إيطاليا الحديث. إنه يجسد فترة الاضطرابات السياسية والعنف التي شهدتها إيطاليا في السبعينيات، بالإضافة إلى صعوبات تحقيق العدالة في قضايا الإرهاب السياسي.
كما تثير قضيته تساؤلات حول مسؤولية الدول عن تسليم المتهمين بارتكاب جرائم خطيرة، وحدود قوانين التقادم، وإمكانية إعادة تأهيل الأفراد المتورطين في العنف السياسي.
مواقف وآراء
على الرغم من مرور سنوات عديدة على الأحداث التي تورط فيها، لم يتراجع زورزي علنًا عن آرائه اليمينية المتطرفة. وفي مقابلات مختلفة، أعرب عن تعاطفه مع الأفكار الفاشية الجديدة ودافع عن أعمال العنف السياسي التي ارتكبتها الجماعات اليمينية المتطرفة في إيطاليا في السبعينيات.
كما انتقد زورزي النظام الديمقراطي في إيطاليا، زاعمًا أنه فاسد وغير فعال. ودعا إلى نظام سياسي أكثر سلطوية، على غرار النظام الفاشي الذي حكم إيطاليا في عهد بينيتو موسوليني.
الجدل المستمر
لا تزال قضية ديلفو زورزي تثير جدلاً كبيرًا في إيطاليا. يرى البعض أنه يجب أن يحاسب على جرائمه المزعومة، بينما يعتقد البعض الآخر أنه ضحية للملاحقات السياسية. يرى البعض الآخر أن قضيته معقدة للغاية بحيث لا يمكن الحكم عليها ببساطة.
بغض النظر عن وجهة النظر، من الواضح أن قضية زورزي ستظل جزءًا مهمًا من تاريخ إيطاليا الحديث لسنوات عديدة قادمة.
آخر التطورات
- في عام 2022، أعادت محكمة إيطالية فتح التحقيق في تفجير ساحة فونتانا، وذلك بعد ظهور أدلة جديدة. لم يتم الكشف عن طبيعة هذه الأدلة الجديدة، ولكن يُعتقد أنها قد تسلط ضوءًا جديدًا على تورط زورزي في الهجوم.
- في نفس العام، دعا عدد من السياسيين الإيطاليين الحكومة اليابانية إلى إعادة النظر في قرارها بعدم تسليم زورزي. ومع ذلك، لم يصدر أي رد رسمي من الحكومة اليابانية حتى الآن.
خاتمة
ديلفو زورزي، أو روي زورزي، شخصية مثيرة للجدل في التاريخ الإيطالي المعاصر. يظل تورطه المزعوم في الإرهاب اليميني المتطرف في السبعينيات، وهربه اللاحق إلى اليابان وتغيير هويته، موضوعًا للنقاش والجدل المستمر. على الرغم من إدانته غيابيًا في إيطاليا، إلا أنه تمكن من تجنب العدالة من خلال العيش في اليابان تحت اسم مستعار. تظل قضيته بمثابة تذكير معقد بصعوبات التعامل مع الإرث السياسي للعنف والإرهاب.