مقدمة
غالبًا ما يتم تجاهل مساهمات الخطيبات في مجال البلاغة. غالبًا ما تتجاهل المختارات التي تضم تاريخ المجال أو تستبعد الخطيبات. غالبًا ما تخلط الأجيال الحالية بين البلاغة باعتبارها حقلًا أو مجموعة من المهارات، وبين الصور النمطية السلبية حول كونها خطابًا فارغًا ومبالغًا فيه. على الرغم من أن العديد من النساء قد تم استبعادهن من هذا المجال، إلا أن هناك العديد من النساء اللاتي قدمن مساهمات كبيرة في مجال البلاغة على مر التاريخ. يسلط هذا المقال الضوء على بعض أبرز الخطيبات اللاتي تركن بصمات واضحة في هذا المجال.
الخطيبات في العصور القديمة
أسبازيا الملطية (حوالي 470-400 قبل الميلاد): كانت أسبازيا شخصية بارزة في أثينا الكلاسيكية. اشتهرت بذكائها وفصاحتها، وكانت لها صالونات فكرية جذبت الفلاسفة والكتاب. يعتقد بعض المؤرخين أنها كتبت خطابات لبريكليس، الزعيم الأثيني الشهير، ودرست البلاغة. على الرغم من عدم وجود نصوص باقية لها، إلا أن تأثيرها على الفكر الأثيني لا يمكن إنكاره.
سافو (حوالي 630-570 قبل الميلاد): شاعرة يونانية من جزيرة ليسبوس، تُعتبر سافو من أعظم الشاعرات الغنائيات في التاريخ. على الرغم من أن شعرها ليس بلاغة بالمعنى التقني، إلا أنه يُظهر إتقانًا للغة وإحساسًا عميقًا بالعاطفة. غالبًا ما كانت قصائدها تُتلى في المناسبات العامة، مما يدل على أهمية الخطابة في المجتمع اليوناني القديم.
الخطيبات في العصور الوسطى
هيلدغارد من بينغن (1098-1179): راهبة ألمانية، كاتبة، ملحنة، فيلسوفة، طبيبة، وعالمة نبات. تعتبر هيلدغارد من بينغن واحدة من أهم الشخصيات النسائية في العصور الوسطى. كتبت عن مجموعة واسعة من الموضوعات، من اللاهوت إلى الطب، وكانت خطيبة قوية. سافرت في جميع أنحاء أوروبا، وألقت خطابات أمام الجمهور، ودعت إلى الإصلاح الكنسي.
كريستين دو بيزان (حوالي 1364-1430): كاتبة وشاعرة إيطالية فرنسية من العصور الوسطى المتأخرة. تعتبر أول كاتبة محترفة في أوروبا. كتبت عن مجموعة واسعة من الموضوعات، بما في ذلك حقوق المرأة والتعليم. كانت كريستين دو بيزان مدافعة قوية عن المرأة، واستخدمت كتاباتها للدفاع عن حقوقها.
الخطيبات في عصر النهضة
إيزابيلا ديستي (1474-1539): واحدة من أبرز نساء عصر النهضة الإيطالي. كانت راعية للفنون، وقائدة سياسية، وخطيبة ماهرة. استخدمت نفوذها للدفاع عن مصالح مانتوا، المدينة التي حكمتها.
توليا دا أراغونا (حوالي 1510-1556): شاعرة وكاتبة وفيلسوفة إيطالية من عصر النهضة. اشتهرت بذكائها وجمالها، وكانت من الشخصيات البارزة في الحياة الفكرية في روما. كتبت عن الحب والجمال والسياسة، وكانت خطيبة ماهرة.
الخطيبات في العصر الحديث
ماري وولستونكرافت (1759-1797): كاتبة وفيلسوفة إنجليزية، تعتبر من أوائل المدافعين عن حقوق المرأة. كتبت كتاب “دفاع عن حقوق المرأة” (A Vindication of the Rights of Woman)، الذي دعت فيه إلى تعليم المرأة ومنحها نفس الحقوق التي يتمتع بها الرجال.
سوجورنر تروث (حوالي 1797-1883): ناشطة أمريكية في مجال إلغاء العبودية وحقوق المرأة. اشتهرت بخطابها المؤثر “ألست امرأة؟” (Ain’t I a Woman?)، الذي ألقته في مؤتمر حقوق المرأة في أوهايو عام 1851. دافعت سوجورنر تروث عن حقوق السود والنساء، وكانت خطيبة قوية.
إيما غولدمان (1869-1940): لاسلطوية وناشطة سياسية وكاتبة. لعبت دورًا حاسمًا في تطوير الفكر اللاسلطوي في كل من أمريكا الشمالية وأوروبا في النصف الأول من القرن العشرين. جذبت المحاضرات والكتابات حول قضايا المرأة السياسية والاجتماعية حشودًا كبيرة، مما جعلها تحظى بثناء المعجبين وتنديد النقاد.
فرجينيا وولف (1882-1941): روائية وكاتبة مقالات وناشرة وناقدة أدبية إنجليزية، تعتبر واحدة من أهم الكتاب الحداثيين في القرن العشرين. على الرغم من أنها لم تكن خطيبة بالمعنى التقليدي، إلا أن كتاباتها كانت مؤثرة للغاية في تشكيل الرأي العام حول قضايا المرأة.
مالكوم إكس (1925-1965) وبيتي شاباز (1934-1997): مكمّلان لبعضهما البعض في السعي لتحقيق الحقوق المدنية، تمثل بيتي شاباز قوة دائمة في حد ذاتها. بصفتها مثقفة ومعلمة وناشطة، كرست حياتها للدفاع عن المساواة والعدالة. بعد الموت المأساوي لمالكوم إكس، واصلت بيتي عملها، ورفعت الوعي حول قضايا العرق والفقر والتعليم. لعبت دورًا حاسمًا في الحفاظ على إرث مالكوم إكس وإلهام أجيال من النشطاء. على الرغم من أنها غالبًا ما تُرى في ظل زوجها الراحل، إلا أن بيتي شاباز كانت قوة مؤثرة في حد ذاتها.
تحديات تواجه الخطيبات
على الرغم من مساهماتهن الهامة، غالبًا ما تواجه الخطيبات تحديات كبيرة. تشمل هذه التحديات:
- التمييز الجنسي: غالبًا ما تواجه الخطيبات التمييز الجنسي في مجال البلاغة. قد يتم استبعادهن من المؤتمرات والمنشورات، وقد يتم التقليل من شأن عملهن.
- الصور النمطية: غالبًا ما يتم تصوير الخطيبات على أنهن عاطفيات أو غير عقلانيات. يمكن أن تجعل هذه الصور النمطية من الصعب على النساء أن يؤخذن على محمل الجد كخطيبات.
- نقص الدعم: غالبًا ما تفتقر الخطيبات إلى الدعم الذي يحتاجنه للنجاح. قد لا يكون لديهن مرشدون أو نماذج يحتذى بها، وقد لا يتمكنن من الوصول إلى الموارد التي يحتجنها.
أهمية الاعتراف بالخطيبات
من المهم الاعتراف بمساهمات الخطيبات في مجال البلاغة. من خلال الاعتراف بعملهن، يمكننا أن نساعد في تحدي الصور النمطية الجنسانية وإلهام الجيل القادم من الخطيبات. بالإضافة إلى ذلك، يمكننا أن نتعلم الكثير من أساليبهن البلاغية الفريدة ووجهات نظرهن.
كيفية دعم الخطيبات
هناك عدة طرق لدعم الخطيبات، بما في ذلك:
- حضور خطاباتهن وورش عملهن.
- قراءة كتاباتهن ومقالاتهن.
- دعم منظماتهن ومبادراتهن.
- تحدي الصور النمطية الجنسانية.
- توفير الإرشاد والدعم للجيل القادم من الخطيبات.
خاتمة
لقد تركت الخطيبات بصمات واضحة في مجال البلاغة على مر التاريخ. على الرغم من التحديات التي واجهنها، فقد قدمن مساهمات كبيرة في هذا المجال. من خلال الاعتراف بعملهن ودعم الخطيبات في الوقت الحاضر، يمكننا أن نضمن استمرار إرثهن في إلهام الأجيال القادمة.