<![CDATA[
مقدمة
رودني ستيوارت يونغ (بالإنجليزية: Rodney Stuart Young) عالم آثار أمريكي بارز، ولد في الأول من أغسطس عام 1907 في بيرناردسفيل، نيوجيرسي، وتوفي في 25 أكتوبر عام 1974 في تشيستر سبرينغز، بنسلفانيا. اشتهر يونغ بمساهماته الهامة في علم الآثار الكلاسيكي، وخاصةً في دراسة موقع غورديون في تركيا، حيث قاد الحفريات التي كشفت عن كنوز تاريخية وثقافية لا تقدر بثمن.
نشأته وتعليمه
ترعرع رودني يونغ في بيئة حفزته على حب المعرفة والاستكشاف. تلقى تعليمه الأولي في مدارس نيوجيرسي، ثم التحق بجامعة برنستون المرموقة، حيث حصل على درجة البكالوريوس في عام 1929. لم يكتفِ يونغ بهذا القدر، بل واصل تعليمه العالي، وحصل على درجة الماجستير من جامعة برنستون في عام 1931، ثم الدكتوراه في عام 1934. خلال فترة دراسته، أبدى يونغ اهتمامًا خاصًا بالحضارات القديمة، مما دفعه إلى التخصص في علم الآثار الكلاسيكي.
مسيرته المهنية
بدأ رودني يونغ مسيرته المهنية في عالم الآثار بعد حصوله على درجة الدكتوراه. انضم إلى فريق التنقيب في موقع غورديون في تركيا، الذي كان يعتبر موقعًا أثريًا واعدًا يحمل في طياته أسرارًا من الماضي. سرعان ما أظهر يونغ مهارات استثنائية في التنقيب والتأريخ وتحليل القطع الأثرية، مما جعله شخصية محورية في المشروع. في عام 1950، تولى يونغ منصب مدير الحفريات في غورديون، وهو المنصب الذي شغله حتى وفاته.
غورديون: اكتشاف مدينة الملوك
تحت قيادة رودني يونغ، شهدت الحفريات في غورديون تطورات كبيرة واكتشافات مذهلة. كشفت الحفريات عن مدينة غورديون القديمة، عاصمة مملكة فريجيا، التي ازدهرت في الألفية الأولى قبل الميلاد. تم العثور على العديد من المباني الهامة، بما في ذلك القلعة الملكية، والمعابد، والمقابر، والمنازل السكنية. كما تم اكتشاف مجموعة كبيرة من القطع الأثرية، مثل الأواني الفخارية، والمجوهرات، والأسلحة، والأدوات، التي قدمت رؤى قيمة حول الحياة اليومية والثقافة والدين في مملكة فريجيا.
مقبرة الملك ميداس: من بين أهم الاكتشافات في غورديون، كانت مقبرة الملك ميداس، وهو حاكم فريجي أسطوري اشتهر بقدرته على تحويل كل ما يلمسه إلى ذهب. تم العثور على المقبرة في عام 1957، وكانت سليمة تمامًا، مما سمح للباحثين بدراسة طقوس الدفن الملكية الفريجية بالتفصيل. احتوت المقبرة على هيكل عظمي يعتقد أنه للملك ميداس، بالإضافة إلى العديد من الأثاث الجنائزي الفاخر، مثل الأواني البرونزية، والأطباق الخشبية، والأقمشة المنسوجة.
الأهمية التاريخية والثقافية لغورديون: يعتبر موقع غورديون من أهم المواقع الأثرية في تركيا، حيث يقدم معلومات قيمة عن تاريخ وثقافة منطقة الأناضول في العصور القديمة. ساهمت الاكتشافات في غورديون في فهم أفضل لمملكة فريجيا، التي كانت قوة إقليمية هامة في العصر الحديدي. كما ساعدت هذه الاكتشافات في تتبع تطور الفن والعمارة والدين في المنطقة.
مساهمات أخرى في علم الآثار
بالإضافة إلى عمله في غورديون، قدم رودني يونغ مساهمات هامة أخرى في علم الآثار. شارك في العديد من المشاريع الأثرية الأخرى في الشرق الأدنى، وقام بتدريس علم الآثار في جامعة بنسلفانيا لسنوات عديدة. كما نشر يونغ العديد من الكتب والمقالات العلمية حول علم الآثار الكلاسيكي، والتي تعتبر مراجع أساسية للباحثين والطلاب حتى اليوم.
التدريس في جامعة بنسلفانيا: كان رودني يونغ أستاذاً مرموقاً في جامعة بنسلفانيا، حيث قام بتدريس علم الآثار الكلاسيكي لأجيال من الطلاب. كان يونغ معلماً ملهماً، وكان يتمتع بقدرة فريدة على إيصال المعلومات المعقدة بطريقة سهلة وممتعة. قام بتوجيه العديد من الطلاب الذين أصبحوا فيما بعد علماء آثار بارزين.
المنشورات العلمية: نشر رودني يونغ العديد من الكتب والمقالات العلمية حول علم الآثار الكلاسيكي. من بين أبرز أعماله كتاب “غورديون: تقرير أولي عن الحفريات، 1950-1955” (Gordion: A Preliminary Report on the Excavations, 1950-1955)، الذي يقدم وصفًا شاملاً للاكتشافات في غورديون خلال السنوات الأولى من الحفريات. كما نشر يونغ العديد من المقالات في المجلات العلمية المتخصصة، والتي تناولت مواضيع مختلفة في علم الآثار الكلاسيكي.
جوائز وتكريمات
تقديرًا لمساهماته البارزة في علم الآثار، حصل رودني يونغ على العديد من الجوائز والتكريمات. تم انتخابه عضوًا في الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم، وحصل على ميدالية ذهبية من المعهد الأثري الأمريكي. كما تم تكريمه من قبل الحكومة التركية لجهوده في الحفاظ على التراث الثقافي لتركيا.
إرثه
ترك رودني يونغ إرثًا دائمًا في عالم الآثار. يعتبر عمله في غورديون إنجازًا تاريخيًا، وقد ساهم بشكل كبير في فهمنا للحضارات القديمة في منطقة الأناضول. ألهم يونغ العديد من الطلاب والباحثين لمتابعة شغفهم بعلم الآثار، ولا تزال أعماله العلمية مرجعًا أساسيًا للباحثين والطلاب حتى اليوم.
حياته الشخصية
تزوج رودني يونغ من إليزابيث جاردنر يونغ، وكانت شريكته في الحياة والعمل. كان لديهما طفلان، وقد شاركته عائلته اهتمامه بعلم الآثار والتاريخ. كان يونغ يتمتع بشخصية محبوبة، وكان يتمتع بتقدير كبير من قبل زملائه وطلابه.
وفاته
توفي رودني ستيوارت يونغ في 25 أكتوبر عام 1974 في تشيستر سبرينغز، بنسلفانيا، عن عمر يناهز 67 عامًا. ترك وراءه إرثًا علميًا وثقافيًا لا يقدر بثمن، وسيظل اسمه محفورًا في ذاكرة عالم الآثار.
خاتمة
كان رودني ستيوارت يونغ عالم آثار استثنائيًا، كرس حياته لاستكشاف الماضي وكشف أسراره. من خلال عمله الرائد في موقع غورديون، قدم يونغ مساهمات هامة في فهمنا للحضارات القديمة في منطقة الأناضول. سيظل إرثه العلمي والثقافي مصدر إلهام للأجيال القادمة من علماء الآثار.