نشأته وبداياته
ترعرع دريد لحام في دمشق، وتلقى تعليمه في مدارسها. بعد حصوله على شهادة الثانوية، التحق بجامعة دمشق لدراسة الكيمياء. تخرج من الجامعة وحصل على شهادة في الكيمياء، وعمل لفترة قصيرة كمدرس للكيمياء في إحدى مدارس دمشق. إلا أن شغفه بالفن والتمثيل كان أقوى، فقرر ترك التدريس والاتجاه إلى عالم الفن.
بدأ دريد لحام مسيرته الفنية في ستينيات القرن الماضي، من خلال المشاركة في بعض البرامج التلفزيونية والإذاعية. سرعان ما لفت الأنظار إليه بموهبته الكوميدية وقدرته على تجسيد الشخصيات المختلفة ببراعة. كانت انطلاقته الحقيقية من خلال شخصية “غوار الطوشة” التي قدمها لأول مرة في برنامج “ساعة لقلبك” الإذاعي، ثم انتقلت هذه الشخصية إلى التلفزيون والمسرح والسينما، وحققت نجاحًا كبيرًا وشهرة واسعة.
شخصية غوار الطوشة
تعتبر شخصية غوار الطوشة من أشهر الشخصيات الكوميدية في تاريخ الفن العربي. غوار هو شاب دمشقي بسيط، يعيش في حي شعبي، ويتسم بالطيبة والسذاجة وحب المغامرة. يواجه غوار العديد من المشاكل والمواقف الكوميدية في حياته اليومية، ويتعامل معها بطريقة فكاهية وساخرة. تتميز شخصية غوار بالصدق والعفوية والبعد عن التصنع، وهذا ما جعلها قريبة من قلوب المشاهدين.
قدم دريد لحام شخصية غوار الطوشة في العديد من الأعمال الفنية، من أبرزها:
- مسلسل “حمام الهنا”
- مسلسل “صح النوم”
- فيلم “غوار جيمس بوند”
- فيلم “غوار الطوشة”
- مسرحية “ضيعة تشرين”
- مسرحية “كاسك يا وطن”
ساهمت شخصية غوار الطوشة في إبراز قضايا اجتماعية وسياسية هامة، من خلال الكوميديا الساخرة. كان دريد لحام يستخدم شخصية غوار لانتقاد الأوضاع السلبية في المجتمع، والتعبير عن آمال وتطلعات الناس البسطاء. لذلك، لم تكن شخصية غوار مجرد شخصية كوميدية، بل كانت أيضًا شخصية وطنية واجتماعية.
أعماله الفنية الأخرى
بالإضافة إلى شخصية غوار الطوشة، قدم دريد لحام العديد من الأعمال الفنية الأخرى التي حققت نجاحًا كبيرًا. من أبرز هذه الأعمال:
- مسلسل “الدنيا بخير”
- مسلسل “عودة غوار”
- فيلم “الحدود”
- فيلم “الكفرون”
- مسرحية “شقائق النعمان”
- مسرحية “العصفور الأزرق”
تميزت أعمال دريد لحام بالتنوع والشمولية، حيث قدم الكوميديا والتراجيديا والدراما الاجتماعية والسياسية. كان دريد لحام حريصًا على تقديم أعمال فنية هادفة، تسلط الضوء على قضايا المجتمع وتعبر عن هموم الناس. لذلك، يعتبر دريد لحام فنانًا ملتزمًا بقضايا وطنه وأمته.
إخراجه
إلى جانب التمثيل، قام دريد لحام بإخراج عدد من الأفلام والمسرحيات الناجحة. أظهر لحام قدرة إخراجية متميزة، حيث استطاع أن يجمع بين الكوميديا والتراجيديا في أعماله، وأن يقدم رؤية فنية متكاملة. من أبرز الأفلام التي أخرجها دريد لحام:
- فيلم “الحدود”
- فيلم “الكفرون”
كما أخرج العديد من المسرحيات الناجحة، مثل “ضيعة تشرين” و “كاسك يا وطن”.
جوائز وتكريمات
حصل دريد لحام على العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لمساهماته القيمة في عالم الفن. من أبرز هذه الجوائز والتكريمات:
- جائزة الدولة التقديرية في سوريا
- جائزة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي
- جائزة مهرجان قرطاج السينمائي
- العديد من الجوائز والتكريمات الأخرى من مختلف الدول العربية والأجنبية
مواقفه السياسية
عرف عن دريد لحام مواقفه السياسية الداعمة للقضايا العربية، وخاصة القضية الفلسطينية. عبر لحام عن هذه المواقف من خلال أعماله الفنية ومن خلال تصريحاته الإعلامية. كما عرف عنه دعمه للوحدة العربية، ومناهضته للاستعمار والاحتلال.
تعرض دريد لحام لانتقادات بسبب مواقفه السياسية، إلا أنه ظل متمسكًا بمبادئه وقيمه، ولم يتراجع عن دعم القضايا التي يؤمن بها.
حياته الشخصية
تزوج دريد لحام من السيدة هالة بيطار، ولديهما ثلاثة أبناء: دينا، وعبير، وثائر. يعيش دريد لحام في دمشق، ويواصل مسيرته الفنية بكل حيوية ونشاط.
استمراريته الفنية
على الرغم من تقدمه في السن، إلا أن دريد لحام لم يتوقف عن العمل الفني. يشارك لحام في العديد من الفعاليات الفنية والثقافية، ويقدم محاضرات وورش عمل للشباب. كما يواصل تقديم أعمال فنية جديدة، تحافظ على مكانته كأحد أبرز فناني الكوميديا في العالم العربي.
يعتبر دريد لحام قدوة للعديد من الفنانين الشباب، الذين يعتبرونه رمزًا للإبداع والالتزام.
تأثيره في الفن العربي
ترك دريد لحام بصمة واضحة في تاريخ الفن العربي، حيث ساهم في تطوير الكوميديا السورية والعربية، وقدم شخصيات فنية خالدة، وأثرى المكتبة الفنية العربية بالعديد من الأعمال القيمة. يعتبر دريد لحام فنانًا شاملاً، فهو ممثل ومخرج ومؤلف ومنتج، وهذا ما جعله قادرًا على تقديم أعمال فنية متكاملة ومتميزة.
خاتمة
في الختام، يمكن القول أن دريد لحام هو قامة فنية شامخة في تاريخ الفن العربي. فنان مبدع ومثقف وملتزم، قدم للجمهور العربي أعمالًا فنية خالدة، وساهم في إثراء الوجدان العربي. سيظل دريد لحام رمزًا للكوميديا السورية والعربية، وقدوة للأجيال القادمة من الفنانين.