التاريخ والتأسيس
تعود جذور الآباء البولسيين إلى حركة التحويل إلى الكاثوليكية التي شهدتها الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر. كان الأب إسحاق هيكر، المؤسس، عضوًا في جماعة الروم الكاثوليك (Redemptorists)، وهي جماعة دينية أوروبية. ومع ذلك، شعر هيكر وبعض رفاقه بالحاجة إلى طريقة تبشيرية أكثر ملاءمة للثقافة الأمريكية. أرادوا إنشاء جمعية دينية أمريكية خالصة تركز على التواصل مع الأمريكيين بطريقة يفهمونها.
في عام 1858، حصل هيكر على إذن من البابا بيوس التاسع لتأسيس جمعية جديدة. أطلق على الجمعية اسم “جمعية المرسلين للقديس بولس الرسول”، تكريمًا للقديس بولس الذي يعتبر نموذجًا للمبشرين. كان الهدف الرئيسي للجمعية هو التبشير بالإيمان الكاثوليكي في الولايات المتحدة، مع التركيز على استخدام وسائل الإعلام الحديثة لنشر الرسالة.
الأهداف والرسالة
تتمثل الأهداف الرئيسية للآباء البولسيين في:
- التبشير بالإيمان الكاثوليكي: نشر رسالة الإنجيل وتعزيز فهم الكاثوليكية في الولايات المتحدة.
- استخدام وسائل الإعلام الحديثة: التواصل مع الناس من خلال الكتب والمجلات والإذاعة والتلفزيون والإنترنت.
- تعزيز الحوار بين الأديان: بناء علاقات مع أتباع الديانات الأخرى وتعزيز التفاهم المتبادل.
- خدمة الفقراء والمهمشين: مساعدة المحتاجين والعمل من أجل العدالة الاجتماعية.
- تعزيز الوحدة المسيحية: العمل مع المسيحيين من الطوائف الأخرى لتعزيز الوحدة والتعاون.
تتميز رسالة الآباء البولسيين بالتركيز على الحوار والانفتاح. إنهم يسعون إلى التواصل مع الناس من جميع الخلفيات، بغض النظر عن معتقداتهم الدينية. يؤمنون بأهمية استخدام وسائل الإعلام الحديثة لنشر رسالة الإنجيل، ويعملون على تطوير برامج وموارد مبتكرة للوصول إلى جمهور واسع.
الأنشطة والخدمات
ينخرط الآباء البولسيون في مجموعة متنوعة من الأنشطة والخدمات، بما في ذلك:
- الرعاية الرعوية: خدمة المجتمعات الكاثوليكية في الكنائس والمدارس والمستشفيات.
- التبشير: نشر الإيمان الكاثوليكي من خلال المحاضرات والندوات وورش العمل.
- النشر: إنتاج الكتب والمجلات والمواد الأخرى التي تشرح الإيمان الكاثوليكي.
- وسائل الإعلام: إنتاج البرامج الإذاعية والتلفزيونية والمحتوى عبر الإنترنت.
- الخدمة الاجتماعية: تقديم المساعدة للفقراء والمحتاجين من خلال برامج الإغاثة والملاجئ.
- التعليم: التدريس في المدارس والجامعات الكاثوليكية.
يشتهر الآباء البولسيون بإنتاجهم الغزير من الكتب والمجلات والمواد الأخرى التي تشرح الإيمان الكاثوليكي. كما أنهم نشطون في مجال وسائل الإعلام، حيث ينتجون البرامج الإذاعية والتلفزيونية والمحتوى عبر الإنترنت. يمتلكون ويشغلون العديد من المؤسسات الإعلامية، بما في ذلك مطبعة بولس (Paulist Press) ومجلة أمريكا الكاثوليكية (Catholic Digest).
الشخصيات البارزة
من بين الشخصيات البارزة التي انتمت إلى الآباء البولسيين:
- الأب إسحاق توماس هيكر: المؤسس.
- الأب جورج ديسهوس: كاتب ومؤرخ.
- الأب والتر إليوت: مبشر وكاتب.
- الأب جون بيرك: رئيس جامعة.
- الأب ريموند براون: عالم الكتاب المقدس.
ترك هؤلاء الرجال وغيرهم من الآباء البولسيين بصمة كبيرة على الكنيسة الكاثوليكية في الولايات المتحدة. لقد ساهموا في نشر الإيمان الكاثوليكي وتعزيز الحوار بين الأديان وخدمة الفقراء والمهمشين.
التحديات المعاصرة
يواجه الآباء البولسيون، مثل العديد من الجماعات الدينية، عددًا من التحديات في العصر الحديث. وتشمل هذه التحديات:
- تراجع العضوية: انخفاض عدد الرجال الذين ينضمون إلى الجمعية.
- الشيخوخة: ارتفاع متوسط عمر أعضاء الجمعية.
- التحديات المالية: صعوبة جمع الأموال اللازمة لدعم أنشطة الجمعية.
- التغيرات الثقافية: الحاجة إلى التكيف مع التغيرات في المجتمع والثقافة.
على الرغم من هذه التحديات، يظل الآباء البولسيون ملتزمين برسالتهم في التبشير بالإيمان الكاثوليكي وخدمة المجتمع. إنهم يعملون على تطوير طرق جديدة للتواصل مع الناس، واستخدام وسائل الإعلام الحديثة لنشر رسالة الإنجيل، وتعزيز الحوار بين الأديان.
الهيكل التنظيمي
يتم تنظيم الآباء البولسيين كهيئة كهنوتية، يرأسها رئيس عام ينتخب لفترة محددة. يتم تقسيم الجمعية إلى وحدات إقليمية، ولكل وحدة رئيس إقليمي. الأعضاء الكاملون في الجمعية هم الكهنة والشمامسة والرهبان الذين نذروا نذورهم الدينية. يوجد أيضًا عدد من الأعضاء المنتسبين والداعمين الذين يساعدون في دعم عمل الجمعية.
يتم تمويل أنشطة الآباء البولسيين من خلال التبرعات والهبات والمنح. لديهم أيضًا عدد من المؤسسات التجارية، مثل Paulist Press، التي تساعد في توليد الدخل.
التأثير في المجتمع الأمريكي
كان للآباء البولسيين تأثير كبير على المجتمع الأمريكي، خاصة في مجالات الدين والثقافة والتعليم. لقد لعبوا دورًا رائدًا في الترويج للحوار بين الأديان، وتعزيز العدالة الاجتماعية، وتوفير التعليم الجيد للشباب.
لقد ساهمت كتاباتهم ومنشوراتهم في تعزيز فهم أفضل للإيمان الكاثوليكي، كما ساعدت برامجهم الإعلامية في نشر رسالة الأمل والإلهام. لقد عملوا أيضًا بلا كلل لمساعدة الفقراء والمهمشين، والدفاع عن حقوق العمال والمهاجرين.
مستقبل الآباء البولسيين
مستقبل الآباء البولسيين غير مؤكد، لكنهم يظلون ملتزمين بمهمتهم في التبشير بالإيمان الكاثوليكي وخدمة المجتمع. إنهم يعملون على تطوير طرق جديدة للوصول إلى الناس، واستخدام وسائل الإعلام الحديثة لنشر رسالة الإنجيل، وتعزيز الحوار بين الأديان.
مع استمرار المجتمع الأمريكي في التغير، سيتعين على الآباء البولسيين التكيف مع التحديات الجديدة والفرص الجديدة. ومع ذلك، فإن التزامهم بالإنجيل وخدمة الآخرين سيظل بمثابة قوة دافعة لهم في السنوات القادمة.
خاتمة
الآباء البولسيون هم جمعية كهنوتية كاثوليكية تأسست في الولايات المتحدة عام 1858. تهدف الجمعية إلى تبشير الأمريكيين بالإيمان الكاثوليكي، مع التركيز بشكل خاص على المثقفين وغير الملتزمين دينيًا. على مر السنين، لعب الآباء البولسيون دورًا هامًا في نشر الإيمان الكاثوليكي، وتعزيز الحوار بين الأديان، وخدمة الفقراء والمحتاجين. على الرغم من التحديات التي يواجهونها في العصر الحديث، يظل الآباء البولسيون ملتزمين برسالتهم ويسعون جاهدين للتأثير بشكل إيجابي على المجتمع.