مقدمة
البوروفاجيني (Borophaginae) هي فصيلة فرعية منقرضة تنتمي إلى عائلة الكلبيات (Canidae). تُعرف هذه المجموعة أحيانًا باسم “الكلاب الساحقة للعظام” نظرًا لأسنانها القوية المتخصصة في سحق العظام، وهي سمة تطورت بشكل مستقل في العديد من الثدييات آكلة اللحوم الأخرى. ظهرت البوروفاجيني في أمريكا الشمالية خلال العصر الأوليغوسيني المتأخر (حوالي 34 مليون سنة مضت) وازدهرت طوال العصر الميوسيني والبليوسيني، قبل أن تنقرض في العصر البليستوسيني المبكر (حوالي 2.5 مليون سنة مضت).
التصنيف والتطور
تنتمي البوروفاجيني إلى عائلة الكلبيات، والتي تشمل أيضًا الكلاب والذئاب والثعالب والراكون. تعتبر الكلبيات من بين أكثر الحيوانات آكلة اللحوم تنوعًا ونجاحًا، وقد تطورت لتشغل مجموعة واسعة من البيئات والمنافذ البيئية. تنقسم الكلبيات إلى ثلاث فصائل فرعية رئيسية:
- هيسبيروكيونيني (Hesperocyoninae): وهي مجموعة منقرضة من الكلبيات المبكرة التي ظهرت في العصر الإيوسيني. تعتبر هذه المجموعة بمثابة الجد المشترك لجميع الكلبيات الحديثة والمنقرضة.
- بوروفاجيني (Borophaginae): وهي موضوع هذه المقالة، وتمثل مجموعة متخصصة من الكلبيات آكلة اللحوم التي ازدهرت في أمريكا الشمالية.
- كلبيني (Caninae): وهي الفصيلة الفرعية التي تشمل جميع الكلبيات الحديثة، مثل الكلاب والذئاب والثعالب.
تطورت البوروفاجيني من الكلبيات الشبيهة بالثعالب في العصر الأوليغوسيني. شهدت هذه المجموعة تنوعًا كبيرًا خلال العصر الميوسيني، حيث ظهرت أشكال مختلفة بأحجام وأشكال أسنان متباينة. بعض الأنواع كانت صغيرة ورشيقة، بينما كانت أنواع أخرى كبيرة وضخمة. ومع ذلك، اشتركت جميع البوروفاجيني في سمة مشتركة وهي أسنانها المتخصصة في سحق العظام.
الخصائص الفيزيائية
تراوحت أحجام البوروفاجيني بشكل كبير، حيث كان أصغرها بحجم الثعلب، وأكبرها بحجم الذئب الرمادي. امتلكت معظم الأنواع جماجم قوية وعضلات فك قوية، مما سمح لها بتوليد قوة عض كبيرة. كانت أسنانها مصممة لسحق العظام، حيث كانت الأضراس الخلفية عريضة ومسطحة، والأنياب قوية وحادة.
تختلف الخصائص الفيزيائية للبوروفاجيني باختلاف الأنواع، ولكن بعض السمات المشتركة تشمل:
- الجماجم القوية: كانت جماجم البوروفاجيني قوية ومتينة، مما يوفر قاعدة صلبة لعضلات الفك القوية.
- عضلات الفك القوية: كانت عضلات الفك لديهم كبيرة وقوية، مما يسمح لهم بتوليد قوة عض كبيرة لسحق العظام.
- الأسنان المتخصصة: كانت الأضراس الخلفية عريضة ومسطحة لسحق العظام، وكانت الأنياب قوية وحادة لتمزيق اللحم.
- الأطراف القوية: امتلكت العديد من الأنواع أطرافًا قوية وعضلية، مما سمح لها بالركض والقبض على الفريسة.
النظام الغذائي
كانت البوروفاجيني حيوانات آكلة للحوم، وكان نظامها الغذائي يتكون بشكل أساسي من الفقاريات الكبيرة، مثل الغزلان والخيول والحيوانات المجترة الأخرى. تشير أسنانها المتخصصة إلى أنها كانت قادرة على سحق العظام واستخراج النخاع، وهو مصدر غني بالعناصر الغذائية. ربما كانت تتنافس مع الحيوانات آكلة اللحوم الأخرى، مثل القطط ذات الأسنان السيفية والدببة، على الموارد الغذائية.
تشير الأدلة الأحفورية إلى أن بعض أنواع البوروفاجيني ربما كانت انتهازية في نظامها الغذائي، حيث تتناول أيضًا الحيوانات الصغيرة والحيوانات النافقة. ربما كانت هذه القدرة على التكيف ميزة مهمة في البقاء على قيد الحياة في بيئات متغيرة.
التوزيع الجغرافي والموطن
عاشت البوروفاجيني في أمريكا الشمالية خلال العصر الأوليغوسيني والميوسيني والبليوسيني. تم العثور على أحافيرها في مجموعة واسعة من المواقع، من فلوريدا إلى كاليفورنيا ومن كندا إلى المكسيك. يشير هذا التوزيع الواسع إلى أنها كانت قادرة على التكيف مع مجموعة متنوعة من البيئات.
تشير الأدلة الأحفورية إلى أن البوروفاجيني عاشت في مجموعة متنوعة من الموائل، بما في ذلك:
- الغابات: ربما كانت الغابات توفر غطاءً وفرصًا للصيد على الحيوانات العاشبة.
- المراعي: ربما كانت المراعي توفر وفرة من الفرائس الكبيرة، مثل الغزلان والخيول.
- الأراضي الرطبة: ربما كانت الأراضي الرطبة توفر مصدرًا للمياه والغذاء، بالإضافة إلى المأوى من الحيوانات المفترسة.
أسباب الانقراض
انقرضت البوروفاجيني في العصر البليستوسيني المبكر، منذ حوالي 2.5 مليون سنة. لا يزال سبب انقراضها غير واضح تمامًا، ولكن هناك عدة عوامل محتملة قد تكون ساهمت في ذلك:
- المنافسة مع الحيوانات آكلة اللحوم الأخرى: ربما أدت المنافسة مع الحيوانات آكلة اللحوم الأخرى، مثل الكلاب الحديثة والقطط ذات الأسنان السيفية، إلى تقليل مواردها الغذائية.
- تغير المناخ: ربما أدت التغيرات المناخية في العصر البليستوسيني، مثل التبريد والتجفيف، إلى تغيير الموائل وتقليل توافر الفرائس.
- الانقراض الجماعي لحيوانات الميجافونا: أدى انقراض العديد من الحيوانات الكبيرة في العصر البليستوسيني إلى تقليل توافر الفرائس للبوروفاجيني.
من المحتمل أن يكون مزيج من هذه العوامل قد أدى في النهاية إلى انقراض البوروفاجيني.
أهمية البوروفاجيني
على الرغم من انقراضها، إلا أن البوروفاجيني تلعب دورًا مهمًا في فهمنا لتطور الكلبيات وتاريخ الحياة على الأرض. تُظهر هذه المجموعة كيف يمكن للحيوانات أن تتطور لتتكيف مع بيئات معينة، وكيف يمكن أن تؤدي التغيرات في البيئة إلى الانقراض.
كما تساعدنا دراسة البوروفاجيني على فهم أفضل للعلاقات بين الحيوانات آكلة اللحوم والحيوانات العاشبة، وكيف يمكن أن تؤثر التغيرات في مجموعات الحيوانات المفترسة على النظم البيئية بأكملها.
أشهر أنواع البوروفاجيني
- Borophagus secundus: أحد أكثر أنواع البوروفاجيني انتشارًا.
- Epicyon haydeni: كان أحد أكبر أنواع البوروفاجيني، وربما كان يزن أكثر من 100 كيلوغرام.
- Osteoborus cyonoides: نوع آخر كبير من البوروفاجيني.
خاتمة
البوروفاجيني هي فصيلة فرعية منقرضة من الكلبيات التي ازدهرت في أمريكا الشمالية خلال العصر الأوليغوسيني والميوسيني والبليوسيني. كانت هذه الحيوانات آكلة اللحوم متخصصة في سحق العظام، وقد تطورت لتشغل مجموعة متنوعة من البيئات والمنافذ البيئية. على الرغم من انقراضها، إلا أن البوروفاجيني تلعب دورًا مهمًا في فهمنا لتطور الكلبيات وتاريخ الحياة على الأرض.