تاريخ المقبرة
في أوائل القرن التاسع عشر، كانت مقابر الرعية التقليدية في يورك تعاني من الاكتظاظ الشديد، مما أثار مخاوف بشأن الصحة العامة والنظافة. استجابةً لهذه المخاوف، تم تشكيل لجنة في عام 1836 بهدف إنشاء مقبرة جديدة كبيرة خارج حدود المدينة. اختارت اللجنة موقعًا يقع على تل خارج بوابة “فيسجيت” (Fishergate Bar)، والذي كان يتمتع بموقع مرتفع وإطلالات واسعة على المدينة.
تم تصميم المقبرة من قبل المهندس المعماري جيمس سميث، الذي صمم أيضًا العديد من المباني الأخرى في يورك. تم تخطيط المقبرة على طراز “المقبرة الحدائقية”، الذي كان شائعًا في ذلك الوقت. يتميز هذا الطراز بتصميمه المنظم، والممرات المتعرجة، والمساحات الخضراء الواسعة، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الأشجار والشجيرات المزروعة لإضفاء جو من الهدوء والسكينة.
تم تكريس المقبرة في 31 يناير 1837، وسرعان ما أصبحت مكانًا شهيرًا للدفن. على مر السنين، تم دفن آلاف الأشخاص في المقبرة، بمن فيهم العديد من الشخصيات البارزة في تاريخ يورك. تتضمن هذه الشخصيات رؤساء البلديات، ورجال الأعمال، والفنانين، والكتاب، والعلماء، وغيرهم.
التصميم والمعمار
تتميز مقبرة يورك بتصميمها المعماري المميز والمتنوع. تتضمن المقبرة مجموعة واسعة من المعالم الأثرية والشواهد، التي تعكس مختلف الأساليب الفنية والمعمارية التي كانت شائعة في العصر الفيكتوري. من بين هذه المعالم:
- المقابر العائلية الكبيرة: غالبًا ما كانت هذه المقابر مزينة بنقوش معقدة وتماثيل رمزية، وكانت تعكس ثروة ومكانة العائلات المدفونة فيها.
- الشواهد البسيطة: كانت هذه الشواهد أكثر شيوعًا بين الطبقات العاملة، وعادة ما كانت تحمل اسم المتوفى وتاريخ وفاته.
- الأضرحة: توجد بعض الأضرحة الصغيرة في المقبرة، والتي كانت تستخدم لحفظ رفات العائلات الثرية.
- الكنيسة الصغيرة: تقع في قلب المقبرة كنيسة صغيرة أنيقة، كانت تستخدم لإقامة الجنازات والاحتفالات الدينية الأخرى. تم تصميم الكنيسة على الطراز القوطي الجديد، وتتميز بنوافذها الزجاجية الملونة وأقواسها المدببة.
بالإضافة إلى المعالم الأثرية والشواهد، تتميز المقبرة أيضًا بمساحاتها الخضراء الواسعة وأشجارها وشجيراتها المتنوعة. تخلق هذه المساحات الخضراء جوًا من الهدوء والسكينة، مما يجعل المقبرة مكانًا مثاليًا للتأمل والتفكير.
أهمية المقبرة
تُعتبر مقبرة يورك ذات أهمية تاريخية وثقافية كبيرة. فهي تمثل جزءًا هامًا من تاريخ مدينة يورك، وتعكس تطور المجتمع المحلي على مر السنين. كما أنها تُعتبر مثالًا هامًا على مقابر العصر الفيكتوري، التي كانت تمثل تحولًا في طريقة التعامل مع الموت والدفن.
بالإضافة إلى ذلك، تُعتبر المقبرة مكانًا ذا قيمة جمالية كبيرة. تصميمها المنظم، ومعالمها الأثرية المتنوعة، ومساحاتها الخضراء الواسعة تجعلها مكانًا جذابًا للزوار من جميع أنحاء العالم.
في السنوات الأخيرة، تم بذل جهود كبيرة للحفاظ على المقبرة وترميمها. تم ترميم العديد من المعالم الأثرية والشواهد المتضررة، وتم تحسين المساحات الخضراء. تهدف هذه الجهود إلى ضمان الحفاظ على المقبرة للأجيال القادمة.
الزوار والمعلومات
تستقبل مقبرة يورك الزوار على مدار العام. يمكن للزوار استكشاف المقبرة سيرًا على الأقدام، والتعرف على تاريخها ومعالمها الأثرية. تُقام أيضًا جولات إرشادية منتظمة في المقبرة، والتي تقدم معلومات مفصلة عن تاريخ المقبرة وأهم الشخصيات المدفونة فيها.
توجد أيضًا معلومات متاحة للزوار في مكتب الاستقبال بالمقبرة. يمكن للزوار الحصول على خرائط للمقبرة، بالإضافة إلى معلومات عن تاريخ المقبرة وأهم معالمها.
تعتبر المقبرة مكانًا هادئًا ومناسبًا للتأمل، ولكن يجب على الزوار احترام قدسية المكان والالتزام بالقواعد والتعليمات الموجودة.
أبرز الشخصيات المدفونة في المقبرة
تضم مقبرة يورك رفات العديد من الشخصيات البارزة في تاريخ المدينة، بما في ذلك:
- السير فرانك جرين: رئيس بلدية يورك السابق ورجل الأعمال البارز.
- ماري وارد: عالمة الطبيعة والفنانة الشهيرة.
- جون فيليبس: عالم الجيولوجيا وعالم الأحياء القديمة الشهير.
- وليام إيتي: رسام مشهور من مدينة يورك.
زيارة قبور هذه الشخصيات تمنح الزائر نظرة ثاقبة على تاريخ يورك وثقافتها.
الحياة البرية في المقبرة
بالإضافة إلى أهميتها التاريخية والثقافية، تعتبر مقبرة يورك أيضًا ملاذًا للحياة البرية. توفر المساحات الخضراء والأشجار والشجيرات في المقبرة موطنًا لمجموعة متنوعة من الحيوانات والطيور. يمكن للزوار رؤية السناجب والأرانب والطيور المغردة وغيرها من المخلوقات الصغيرة في المقبرة.
تُشجع إدارة المقبرة على الحفاظ على الحياة البرية في المقبرة، وتتخذ تدابير لضمان حماية الحيوانات والنباتات الموجودة.
خاتمة
مقبرة يورك هي مكان فريد يجمع بين التاريخ والثقافة والجمال الطبيعي. إنها ليست مجرد مكان للدفن، بل هي أيضًا معلم تاريخي وملاذ للحياة البرية ومكان للتأمل والتفكير. زيارة المقبرة هي تجربة لا تُنسى، وتمنح الزائر نظرة ثاقبة على تاريخ يورك وثقافتها.