مقدمة
أُجريت انتخابات برلمانية في زيمبابوي يومي 24 و 25 يونيو 2000 لانتخاب أعضاء مجلس الأمة. كان هذا الاقتراع حاسماً في تاريخ البلاد، حيث جرى في فترة من التوترات السياسية والاقتصادية المتزايدة. وقد تميزت الحملة الانتخابية بالعنف والترهيب، مما أثار تساؤلات حول نزاهة العملية الانتخابية.
الخلفية السياسية والاقتصادية
في أواخر التسعينيات، واجهت زيمبابوي أزمة اقتصادية حادة تفاقمت بسبب سياسات الإصلاح الاقتصادي التي فرضها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. أدت هذه السياسات إلى ارتفاع معدلات البطالة والتضخم، مما أثار استياءً واسع النطاق بين السكان. بالإضافة إلى ذلك، أثارت مسألة الإصلاح الزراعي، وتحديداً إعادة توزيع الأراضي من المزارعين البيض إلى السكان السود، جدلاً حاداً وعمقت الانقسامات العرقية والسياسية في البلاد.
سياسياً، كان حزب الاتحاد الوطني الأفريقي الزيمبابوي – الجبهة الوطنية (ZANU-PF) الحاكم، بقيادة الرئيس روبرت موغابي، يواجه تحديات متزايدة من حركة التغيير الديمقراطي (MDC)، وهي حزب معارض جديد اكتسب شعبية سريعة بقيادة مورغان تسفانجيراي. اتهمت حركة التغيير الديمقراطي حزب ZANU-PF بالفساد وسوء الإدارة، ودعت إلى إصلاحات ديمقراطية واقتصادية شاملة.
النظام الانتخابي
تم انتخاب أعضاء مجلس الأمة البالغ عددهم 150 عضواً عن طريق نظام الدوائر الانتخابية ذات المقعد الواحد. يحق لجميع المواطنين الزيمبابويين الذين تبلغ أعمارهم 18 عاماً أو أكثر التسجيل للتصويت. ومع ذلك، واجهت عملية التسجيل تحديات كبيرة، بما في ذلك القيود المفروضة على الوصول إلى مراكز التسجيل والاتهامات بالتلاعب في سجلات الناخبين.
بالإضافة إلى المقاعد المنتخبة، كان الرئيس يعين 30 عضواً آخرين في البرلمان، مما يمنح حزب ZANU-PF الحاكم ميزة كبيرة. كما تم تخصيص 20 مقعداً لرؤساء القبائل التقليديين، الذين يُنظر إليهم عموماً على أنهم موالون لحزب ZANU-PF.
الحملة الانتخابية والعنف
تميزت الحملة الانتخابية لعام 2000 بمستوى غير مسبوق من العنف والترهيب. اتهمت حركة التغيير الديمقراطي حزب ZANU-PF بتنظيم حملة من العنف السياسي ضد أنصارها، بما في ذلك الاعتداءات والاعتقالات التعسفية وحتى القتل. ونفى حزب ZANU-PF هذه الاتهامات، لكن العديد من المراقبين المستقلين أكدوا وقوع انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان.
بالإضافة إلى العنف، اتُهم حزب ZANU-PF باستخدام موارد الدولة لصالحه، بما في ذلك وسائل الإعلام الحكومية التي كانت منحازة بشكل واضح للحزب الحاكم. كما اتُهم الحزب بتوزيع المواد الغذائية وغيرها من المساعدات على أنصاره فقط، وحرمان المناطق التي يُنظر إليها على أنها معارضة.
نتائج الانتخابات
أسفرت الانتخابات عن فوز حزب ZANU-PF بأغلبية ضئيلة في البرلمان، حيث حصل على 62 مقعداً من أصل 120 مقعداً تم التنافس عليها. وفازت حركة التغيير الديمقراطي بـ 57 مقعداً، بينما فاز مرشح مستقل بمقعد واحد. على الرغم من فوزه، كان هذا أسوأ أداء لحزب ZANU-PF منذ الاستقلال في عام 1980، مما يشير إلى تراجع شعبيته المتزايدة.
اتهمت حركة التغيير الديمقراطي حزب ZANU-PF بتزوير الانتخابات على نطاق واسع، مشيرة إلى مخالفات في سجلات الناخبين، والترهيب في مراكز الاقتراع، والتلاعب في فرز الأصوات. رفضت المحاكم الزيمبابوية معظم الطعون الانتخابية التي قدمتها حركة التغيير الديمقراطي.
ردود الفعل الدولية
أثارت الانتخابات انتقادات واسعة النطاق من المجتمع الدولي، حيث أعرب العديد من الحكومات والمنظمات عن قلقها بشأن العنف والترهيب والمخالفات الأخرى التي شابت العملية الانتخابية. سحبت العديد من الدول الغربية مساعداتها لزيمبابوي احتجاجاً على سلوك الحكومة.
أرسل الاتحاد الأوروبي فريق مراقبة إلى زيمبابوي، لكنه سحب فريقه قبل يوم الانتخابات بسبب القيود المفروضة على عمله. أصدر الاتحاد الأوروبي بياناً يدين العنف والترهيب، ودعا إلى إجراء تحقيق مستقل في المخالفات الانتخابية.
تداعيات الانتخابات
كانت لانتخابات عام 2000 تداعيات بعيدة المدى على زيمبابوي. أدت إلى تفاقم الأزمة السياسية والاقتصادية في البلاد، وساهمت في تدهور سيادة القانون وحقوق الإنسان. كما أدت إلى تعميق الانقسامات العرقية والسياسية في المجتمع الزيمبابوي.
في السنوات التي تلت الانتخابات، واجهت زيمبابوي المزيد من التدهور الاقتصادي، وارتفاع معدلات البطالة والتضخم، ونقصاً حاداً في السلع الأساسية. كما شهدت البلاد موجة من العنف السياسي والترهيب، حيث استمر حزب ZANU-PF في استخدام القوة للحفاظ على السلطة.
الإصلاح الزراعي
بعد الانتخابات مباشرة، كثف حزب ZANU-PF برنامج الإصلاح الزراعي المثير للجدل، والذي تضمن مصادرة الأراضي من المزارعين البيض وإعادة توزيعها على السكان السود. أدى هذا البرنامج إلى انخفاض حاد في الإنتاج الزراعي، وتفاقم الأزمة الاقتصادية، ونزوح آلاف المزارعين البيض وعمال المزارع السود.
زعم حزب ZANU-PF أن الإصلاح الزراعي كان ضرورياً لتصحيح الظلم التاريخي المتمثل في الاستيلاء على الأراضي خلال الحقبة الاستعمارية. ومع ذلك، انتقد المعارضون البرنامج باعتباره وسيلة لمكافأة أنصار حزب ZANU-PF ومعاقبة معارضيه.
خاتمة
كانت انتخابات برلمان زيمبابوي عام 2000 نقطة تحول في تاريخ البلاد. لقد كشفت عن الانقسامات العميقة داخل المجتمع الزيمبابوي، وفاقمت الأزمة السياسية والاقتصادية، وأدت إلى تدهور سيادة القانون وحقوق الإنسان. على الرغم من أن حزب ZANU-PF فاز في الانتخابات، إلا أن فوزه كان باهظ الثمن، حيث أدى إلى عزلة دولية وتدهور اقتصادي واجتماعي مستمر.