نشأته وتعليمه
ولد صموئيل تولانسكي في نيوكاسل أبون تاين في إنجلترا لعائلة يهودية هاجرت من روسيا. تلقى تعليمه المبكر في مدرسة روذرهام النحوية، حيث أظهر تفوقًا مبكرًا في العلوم والرياضيات. التحق بجامعة دورهام، حيث حصل على درجة البكالوريوس في الفيزياء عام 1927، ودرجة الدكتوراه عام 1930. خلال فترة دراسته، أظهر تولانسكي اهتمامًا خاصًا بالضوء والبصريات، وهو ما سيصبح لاحقًا محورًا رئيسيًا لأبحاثه.
مسيرته المهنية
بعد حصوله على الدكتوراه، بدأ تولانسكي مسيرته المهنية في جامعة مانشستر كباحث. هناك، عمل تحت إشراف ويليام لورنس براغ، الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء. بدأ تولانسكي في تطوير تقنيات جديدة للتصوير المجهري المتداخل، مستفيدًا من ظاهرة التداخل الضوئي لإنتاج صور عالية الدقة للأسطح. في عام 1937، انتقل إلى جامعة لندن، حيث عمل محاضرًا ثم أستاذًا في الفيزياء. خلال الحرب العالمية الثانية، عمل تولانسكي في أبحاث تتعلق بالرادار. بعد الحرب، عاد إلى جامعة لندن، حيث استمر في أبحاثه وتدريسه حتى وفاته.
إسهاماته العلمية
كان لصموئيل تولانسكي إسهامات كبيرة في مجال الفيزياء، وخاصة في مجال البصريات والتصوير المجهري المتداخل. تتضمن بعض إسهاماته البارزة ما يلي:
- تطوير تقنيات التصوير المجهري المتداخل: كان تولانسكي رائدًا في تطوير تقنيات التصوير المجهري المتداخل، والتي تستخدم ظاهرة التداخل الضوئي لإنتاج صور عالية الدقة للأسطح. سمحت هذه التقنيات للعلماء بدراسة الأسطح بتفاصيل غير مسبوقة، مما أدى إلى اكتشافات جديدة في مجالات مثل علم المواد، وعلم الأحياء، والهندسة.
- قياس الأسطح: استخدم تولانسكي تقنيات التصوير المجهري المتداخل لقياس الأسطح بدقة عالية. سمحت هذه التقنيات بتحديد خشونة الأسطح، وقياس سمك الأفلام الرقيقة، والكشف عن العيوب الصغيرة. كانت هذه التقنيات ذات قيمة كبيرة في الصناعة، حيث استخدمت لضمان جودة المنتجات المصنعة.
- دراسة البلورات: استخدم تولانسكي تقنيات التصوير المجهري المتداخل لدراسة البلورات. سمحت هذه التقنيات بتحديد التركيب البلوري، ودراسة العيوب البلورية، وفهم خصائص البلورات. كانت هذه الدراسات ذات أهمية كبيرة في تطوير مواد جديدة ذات خصائص محسنة.
- تحليل الأغشية الرقيقة: قام تولانسكي بتطوير طرق لتحليل الأغشية الرقيقة باستخدام تقنيات التداخل الضوئي. ساعدت هذه الطرق في تحديد سمك وتركيب وخواص الأغشية الرقيقة، مما كان له تطبيقات في مجالات مثل الإلكترونيات والبصريات.
أعماله ومؤلفاته
نشر صموئيل تولانسكي العديد من الكتب والمقالات العلمية الهامة التي ساهمت في تطوير مجال البصريات والتصوير المجهري المتداخل. من بين أبرز مؤلفاته:
- “Multiple-beam Interferometry of Surfaces and Films” (1948): يعتبر هذا الكتاب مرجعًا أساسيًا في مجال التداخل الضوئي، ويقدم شرحًا شاملاً لتقنيات التداخل متعدد الحزم وتطبيقاتها في قياس الأسطح والأفلام الرقيقة.
- “Surface Microtopography” (1952): يستعرض هذا الكتاب أحدث التقنيات المستخدمة لدراسة تضاريس الأسطح المجهرية، بما في ذلك تقنيات التداخل الضوئي والتصوير المجهري الإلكتروني.
- “An Introduction to Interferometry” (1955): يقدم هذا الكتاب مقدمة مبسطة لأساسيات التداخل الضوئي، ويشرح كيفية استخدام تقنيات التداخل في مجموعة متنوعة من التطبيقات العلمية والهندسية.
- “Optical Illusions” (1964): يستكشف هذا الكتاب الظواهر الغريبة والمثيرة للاهتمام للخداع البصري، ويشرح الآليات الفيزيائية والنفسية التي تكمن وراء هذه الظواهر.
جوائز وتكريمات
تقديرًا لإسهاماته العلمية البارزة، حصل صموئيل تولانسكي على العديد من الجوائز والتكريمات، بما في ذلك:
- انتخابه زميلًا في الجمعية الملكية (FRS) عام 1952: تعتبر الزمالة في الجمعية الملكية واحدة من أرفع الجوائز التي يمكن أن يحصل عليها العالم في المملكة المتحدة.
- ميدالية يونغ من معهد الفيزياء عام 1960: تُمنح هذه الميدالية تقديرًا للإسهامات البارزة في مجال البصريات.
- انتخابه زميلًا في الجمعية الملكية للفنون (FRSA): تعترف هذه الزمالة بإسهامات تولانسكي في مجال العلوم والفنون.
- انتخابه زميلًا في الجمعية الفلكية الملكية (FRAS): تعكس هذه الزمالة اهتمام تولانسكي بعلم الفلك والفيزياء الفلكية.
حياته الشخصية
تزوج صموئيل تولانسكي من ميريام ديفيس، وأنجبا ثلاثة أطفال. كان تولانسكي شخصية محبوبة ومحترمة في الأوساط الأكاديمية. كان يتمتع بروح الدعابة وحب المعرفة، وكان دائمًا على استعداد لمساعدة طلابه وزملائه.
تأثيره وإرثه
ترك صموئيل تولانسكي إرثًا دائمًا في مجال الفيزياء. ساهمت أبحاثه في تطوير تقنيات جديدة للتصوير المجهري المتداخل، والتي أحدثت ثورة في العديد من المجالات العلمية. ألهم تولانسكي أجيالًا من العلماء والمهندسين، وسيظل عمله مصدر إلهام للأجيال القادمة.
خاتمة
كان صموئيل تولانسكي عالم فيزياء بريطانيًا بارزًا، اشتهر بعمله الرائد في مجال التداخل الضوئي وتطبيقاته المتعددة. ساهم بشكل كبير في تطوير تقنيات التصوير المجهري المتداخل وقياس الأسطح ودراسة البلورات وتحليل الأغشية الرقيقة. حصل على العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لإسهاماته العلمية، وترك إرثًا دائمًا في مجال الفيزياء.