نشأته وبداياته
ولد ميليان في هافانا، كوبا، في عام 1933. عانى من طفولة مضطربة، حيث انتحر والده عندما كان ميليان في العشرينات من عمره. هذه التجربة المؤلمة أثرت بعمق في حياته وقراراته المهنية. بعد وفاة والده، قرر ميليان الهجرة إلى الولايات المتحدة بحثًا عن فرص جديدة ومستقبل أفضل.
في نيويورك، التحق ميليان بـ “أكتورز ستوديو” الشهير، حيث درس التمثيل تحت إشراف مدربين بارزين مثل لي ستراسبرج وإيليا كازان. هذه الفترة كانت حاسمة في تطوير مهاراته التمثيلية وصقل موهبته. خلال دراسته، عمل ميليان في وظائف مختلفة لدعم نفسه ماليًا، بما في ذلك العمل كنادل وغاسل صحون.
بدأ ميليان مسيرته التمثيلية في المسرح، حيث شارك في العديد من الإنتاجات المسرحية في نيويورك. سرعان ما لفت انتباه النقاد والمنتجين بأدائه المتميز وحضوره القوي على خشبة المسرح. في منتصف الخمسينيات، حصل على أدوار صغيرة في بعض المسلسلات التلفزيونية والأفلام الأمريكية.
الانتقال إلى إيطاليا والشهرة
في عام 1958، قرر ميليان الانتقال إلى إيطاليا، حيث وجد فرصًا أفضل في صناعة السينما المزدهرة آنذاك. سرعان ما أتقن اللغة الإيطالية وبدأ في الحصول على أدوار في أفلام إيطالية متنوعة. في البداية، لعب أدوارًا ثانوية في أفلام تاريخية وأفلام مغامرات، لكنه سرعان ما بدأ في الحصول على أدوار أكثر أهمية.
في الستينيات، بدأ ميليان في الظهور في أفلام الغرب الأمريكي الإيطالية المعروفة باسم “سباغيتي ويسترن”. هذه الأفلام، التي أخرجها مخرجون مثل سيرجيو ليون وسيرجيو كوربوتشي، حققت نجاحًا كبيرًا على مستوى العالم وساعدت ميليان على اكتساب شهرة واسعة. من بين الأفلام البارزة التي شارك فيها في هذه الفترة “The Ugly Ones” (1966) و “Run, Man, Run” (1968).
لم يقتصر نجاح ميليان على أفلام الغرب الأمريكي فقط، بل تألق أيضًا في أفلام الجريمة البوليزية الإيطالية التي كانت شائعة في السبعينيات والثمانينيات. في هذه الأفلام، لعب ميليان غالبًا دور الشرطي الفاسد أو المجرم القاسي، وقدم أداءً قويًا ومقنعًا جعله أحد أبرز نجوم هذا النوع من الأفلام. من بين الأفلام البارزة التي شارك فيها في هذه الفترة “Almost Human” (1974) و “Syndicate Sadists” (1975) و “Free Hand for a Tough Cop” (1976).
أدواره المميزة
تميز ميليان بقدرته على تجسيد شخصيات متنوعة ومختلفة، سواء كانت شخصيات طيبة أو شريرة. كان قادرًا على إضفاء العمق والتعقيد على شخصياته، مما جعلها أكثر واقعية وقابلية للتصديق. من بين الأدوار المميزة التي لعبها ميليان:
- Cuchillo في أفلام الغرب الأمريكي: لعب ميليان دور شخصية “Cuchillo” في عدة أفلام غرب أمريكي، وهي شخصية متمردة وخارجة عن القانون تتميز بذكائها وسرعتها في استخدام السلاح.
- الشرطي الفاسد أو المجرم في أفلام الجريمة البوليزية: قدم ميليان أداءً لا يُنسى في دور الشرطي الفاسد أو المجرم القاسي في أفلام الجريمة البوليزية، حيث جسد شخصيات عنيفة ولا ترحم.
- شخصيات كوميدية: بالإضافة إلى الأدوار الجادة، لعب ميليان أيضًا أدوارًا كوميدية في بعض الأفلام، حيث أظهر موهبته في الكوميديا وقدرته على إضحاك الجمهور.
حياته الشخصية
تزوج ميليان من مارغريت واليس في عام 1964، واستمر زواجهما حتى وفاته في عام 2017. أنجب الزوجان ابنًا واحدًا اسمه دانيال. كان ميليان يتمتع بشخصية محبوبة وكان معروفًا بروحه المرحة وحبه للحياة. كان أيضًا صديقًا مقربًا للعديد من الممثلين والمخرجين الإيطاليين.
وفاته
توفي توماس ميليان في 22 مارس 2017 في ميامي، فلوريدا، عن عمر يناهز 84 عامًا. ترك وراءه إرثًا فنيًا غنيًا ومسيرة مهنية حافلة بالإنجازات. يُعتبر ميليان أحد أبرز الممثلين في تاريخ السينما الإيطالية، وسيظل اسمه محفورًا في ذاكرة محبي السينما حول العالم.
جوائز وتكريمات
خلال مسيرته المهنية الطويلة، حصل ميليان على العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لموهبته وإسهاماته في صناعة السينما. من بين الجوائز التي حصل عليها:
- جائزة أفضل ممثل في مهرجان كارتاخينا السينمائي: عن دوره في فيلم “The Council of Egypt” (1982).
- جائزة ديفيد دي دوناتيلو: وهي جائزة سينمائية إيطالية مرموقة، عن مجمل أعماله.
تأثيره وإرثه
ترك توماس ميليان بصمة واضحة في السينما الإيطالية والعالمية. يُعتبر أحد أبرز الممثلين الذين ساهموا في تطوير أفلام الغرب الأمريكي الإيطالية وأفلام الجريمة البوليزية. أثرت أدواره وأدائه المتميز في العديد من الممثلين والمخرجين الذين جاؤوا من بعده. سيظل ميليان رمزًا للإبداع والتميز في عالم التمثيل.
خاتمة
توماس ميليان كان ممثلًا موهوبًا ومتعدد الاستخدامات، تميز بقدرته على تجسيد شخصيات متنوعة ومختلفة. من خلال أدواره في أفلام الغرب الأمريكي وأفلام الجريمة البوليزية، حقق شهرة واسعة وأصبح أحد أبرز نجوم السينما الإيطالية. سيظل ميليان في ذاكرة محبي السينما كفنان مبدع وممثل متميز.