حياتها المبكرة وعائلتها
ولدت بياتريس في باريس، وهي ابنة البارون ألفونس دي روتشيلد والبارونة ليونورا دي روتشيلد (ني مونتيفيوري). كانت تنتمي إلى فرع روتشيلد الفرنسي، وهي عائلة مصرفية دولية ذات نفوذ كبير. تلقت بياتريس تعليمًا جيدًا في الفنون والآداب، ونشأت في بيئة ثقافية ثرية عززت تقديرها للجمال والإبداع.
كان زواج بياتريس المبكر من موريس إفروسي، وهو مصرفي روسي، زواجًا مدبرًا يهدف إلى تعزيز العلاقات بين عائلتي روتشيلد وإفروسي. ومع ذلك، كان زواجًا مضطربًا اتسم بالخيانة الزوجية ومشكلات المقامرة من جانب موريس. انتهى الزواج بالانفصال، تاركًا بياتريس بثروة كبيرة وإحساسًا بالاستقلال المالي.
فيلا إفروسي دي روتشيلد
بعد انفصالها، كرست بياتريس نفسها لبناء الفيلا التي تحمل اسمها، فيلا إفروسي دي روتشيلد. اشترت قطعة أرض صخرية في سان جان كاب فيرات، المطلة على البحر الأبيض المتوسط، وبدأت في مشروع طموح لتحويلها إلى تحفة فنية معمارية وبستانية. استغرق بناء الفيلا سبع سنوات، من عام 1905 إلى عام 1912، وتطلب جهود مئات العمال والمهندسين المعماريين والبستانيين.
تم تصميم الفيلا على الطراز الإيطالي النهضوي، وتتميز بواجهة وردية أنيقة، وشرفات واسعة، ونوافذ مقوسة. تم تزيين الداخل بأثاث فاخر، ولوحات فنية، ومنحوتات، وأشياء فنية جمعتها بياتريس من جميع أنحاء العالم. تعكس كل غرفة في الفيلا ذوق بياتريس الرفيع وشغفها بالفن، وتعرض مجموعة متنوعة من الأساليب والفترات التاريخية.
تشتهر الفيلا أيضًا بحدائقها التسع المختلفة، والتي تم تصميمها بأساليب متنوعة، بما في ذلك الحديقة الفرنسية، والحديقة الإسبانية، والحديقة اليابانية، والحديقة الإنجليزية، والحديقة الإيطالية، وحديقة الورود، والحديقة الغريبة، وحديقة بروفنسال، وحديقة فلورنسا. تم تصميم كل حديقة بعناية فائقة، وتضم مجموعة متنوعة من النباتات والزهور والأشجار، بالإضافة إلى النوافير والمنحوتات والعناصر الزخرفية الأخرى. تُعد الحدائق بمثابة شهادة على رؤية بياتريس الإبداعية ومهاراتها البستانية.
- الحديقة الفرنسية: تتميز بتصميم هندسي متناسق، مع مسطحات عشبية مقلمة، وأحواض زهور مرتبة، ونوافير مياه متلألئة.
- الحديقة الإسبانية: مستوحاة من الحدائق الأندلسية، وتضم فناءً مركزيًا مزينًا بالبلاط الملون، ونباتات عطرية، ونوافير مياه هادئة.
- الحديقة اليابانية: تعكس فلسفة Zen، وتتميز ببركة أسماك Koi، وشلالات صغيرة، وصخور مرتبة بعناية، ونباتات يابانية تقليدية.
- الحديقة الإنجليزية: تبدو طبيعية وعفوية، مع مساحات خضراء واسعة، وأشجار متفرقة، وأزهار برية، مما يخلق جوًا من الاسترخاء والهدوء.
- الحديقة الإيطالية: تتميز بتصميم متماثل، مع تراسات متدرجة، ونوافير مياه ضخمة، ومنحوتات كلاسيكية، ونباتات متوسطية.
- حديقة الورود: تضم مجموعة واسعة من الورود من مختلف الأنواع والألوان، مما يخلق عرضًا مذهلاً من الجمال والعطور.
- الحديقة الغريبة: تعرض مجموعة متنوعة من النباتات النادرة والغريبة من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الصبار والعصارة والأشجار الاستوائية.
- حديقة بروفنسال: تتميز بنباتات عطرية مثل الخزامى وإكليل الجبل والزعتر، مما يخلق جوًا من الهدوء والسكينة.
- حديقة فلورنسا: مستوحاة من حدائق عصر النهضة في فلورنسا، وتضم نوافير ومنحوتات نباتية رائعة.
جامعة الفن
كانت بياتريس إفروسي دي روتشيلد جامعًا شغوفًا للفن، وجمعت مجموعة واسعة من اللوحات والمنحوتات والأثاث والأشياء الفنية من مختلف العصور والأساليب. شملت مجموعتها أعمالًا لفنانين مشهورين مثل جان أونوريه فراغونارد وفرانسوا باوتشر وأوغست رينوار. كما جمعت أيضًا مجموعة كبيرة من الخزف، بما في ذلك الخزف من سيفر وسافونا ومايسن.
عرضت بياتريس مجموعتها الفنية في الفيلا، مما حولها إلى متحف حي يعكس ذوقها الرفيع ومعرفتها العميقة بالفن. كانت تستقبل الضيوف بانتظام في الفيلا، وتشاركهم شغفها بالفن وتعرض عليهم مجموعتها الثمينة. بعد وفاتها، تركت الفيلا ومجموعتها الفنية للأكاديمية الفرنسية للفنون الجميلة، والتي تديرها الآن كمتحف مفتوح للجمهور.
الحياة الاجتماعية
كانت بياتريس شخصية اجتماعية بارزة في عصرها، وكانت تستقبل بانتظام كبار الشخصيات من عالم الفن والأدب والسياسة في الفيلا. كانت معروفة بذكائها وروح الدعابة والكرم، وكانت مضيفة سخية ومرحبة. كانت صديقة للعديد من الفنانين والكتاب والموسيقيين، ودعمتهم ماليًا ومعنويًا.
على الرغم من ثروتها ونفوذها، كانت بياتريس تعاني من مشاكل صحية طوال حياتها. عانت من مرض السل، الذي أثر سلبًا على صحتها وقدرتها على الاستمتاع بالحياة. ومع ذلك، لم تدع مرضها يمنعها من متابعة شغفها بالفن والبستنة، وعاشت حياة كاملة ومثمرة.
إرثها
توفيت بياتريس إفروسي دي روتشيلد في عام 1934، عن عمر يناهز 69 عامًا. تركت وراءها إرثًا دائمًا كجامعة فنية وفاعلة خير وسيدة مجتمع بارزة. تُعد فيلا إفروسي دي روتشيلد بمثابة شهادة على رؤيتها الإبداعية وذوقها الرفيع، وهي وجهة سياحية شهيرة تجذب الزوار من جميع أنحاء العالم.
تعتبر فيلا إفروسي دي روتشيلد اليوم من أهم المعالم السياحية في الريفييرا الفرنسية، حيث تعرض الفيلا نفسها، والحدائق الخلابة، ومجموعة بياتريس الفنية الرائعة. تُقام في الفيلا بانتظام فعاليات ثقافية ومعارض فنية، مما يجعلها مركزًا حيويًا للفن والثقافة في المنطقة.
خاتمة
كانت بياتريس إفروسي دي روتشيلد امرأة استثنائية تركت بصمة لا تُمحى في عالم الفن والمجتمع. من خلال فيلا إفروسي دي روتشيلد، قدمت للعالم تحفة فنية معمارية وبستانية تجسد ذوقها الرفيع وشغفها بالجمال والإبداع. ستظل ذكرى بياتريس حية من خلال الفيلا والحدائق والمجموعة الفنية التي تركتها وراءها، مما يلهم الأجيال القادمة لتقدير الفن والجمال في جميع أشكاله.