نشأته ومسيرته العسكرية المبكرة
ولد لويجي كابيلو في بلدة إنترا الصغيرة الواقعة على ضفاف بحيرة ماجوري. انضم إلى الجيش الإيطالي في سن مبكرة، وشق طريقه بثبات عبر الرتب. أظهر كابيلو قدرات قيادية واضحة، بالإضافة إلى اهتمام بالتكتيكات والاستراتيجيات العسكرية الحديثة. كانت إيطاليا في هذه الفترة تسعى لتعزيز نفوذها كقوة عظمى، وكان الجيش محورًا أساسيًا في هذه الطموحات.
في بداية القرن العشرين، شارك كابيلو في تطوير الجيش الإيطالي، مع التركيز على تحديث المعدات وتحسين التدريب. كان من بين الضباط الذين أدركوا أهمية المدفعية الثقيلة والتكنولوجيا الجديدة في الحروب الحديثة. عمل أيضًا على تحسين التواصل والتنسيق بين مختلف وحدات الجيش.
الحرب الإيطالية التركية (1911-1912)
كانت الحرب الإيطالية التركية، التي اندلعت في عام 1911، أول اختبار حقيقي لقدرات كابيلو القيادية. شاركت إيطاليا في هذه الحرب بهدف الاستيلاء على طرابلس وبرقة، وهما إقليمين عثمانيين يقعان في شمال إفريقيا. تميز كابيلو في هذه الحرب، حيث قاد القوات الإيطالية بنجاح في عدة معارك ضد الجيش العثماني والقوات المحلية.
لعب كابيلو دورًا مهمًا في احتلال مدينة طرابلس، حيث قاد هجومًا جريئًا على المواقع الدفاعية العثمانية. أظهر شجاعة كبيرة وقدرة على اتخاذ قرارات سريعة تحت الضغط. كما كان فعالاً في تنظيم القوات الإيطالية والحفاظ على الروح المعنوية للجنود.
ساهمت انتصارات كابيلو في الحرب الإيطالية التركية في تعزيز مكانته كقائد عسكري واعد. حصل على تقدير كبير من قادة الجيش الإيطالي، وتمت ترقيته إلى رتب أعلى. كانت هذه الحرب بمثابة نقطة انطلاق لمسيرته المهنية، حيث أظهر قدرته على قيادة القوات في ظروف قتالية حقيقية.
الحرب العالمية الأولى
عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى في عام 1914، كانت إيطاليا في البداية محايدة. ومع ذلك، في عام 1915، قررت إيطاليا الانضمام إلى جانب الحلفاء، ودخلت الحرب ضد الإمبراطورية النمساوية المجرية. كان لويجي كابيلو من بين الضباط الذين دعموا دخول إيطاليا الحرب، معتقدين أن ذلك سيعزز مكانة إيطاليا كقوة عظمى.
تم تعيين كابيلو قائدًا للفرقة الثانية، وشارك في معارك شرسة على الجبهة الإيطالية، وخاصة على طول نهر إيسونزو. كانت الجبهة الإيطالية مسرحًا لمعارك دموية وطويلة الأمد، حيث واجهت القوات الإيطالية مقاومة عنيدة من الجيش النمساوي المجري. كانت التضاريس الوعرة لجبال الألب تجعل العمليات العسكرية صعبة للغاية.
أظهر كابيلو قدرة على التكيف مع الظروف الصعبة للحرب في الجبال. طور تكتيكات جديدة للقتال في التضاريس الوعرة، وعمل على تحسين الإمدادات والخدمات اللوجستية للقوات. كما كان مهتمًا برفاهية جنوده، وحاول تخفيف معاناتهم قدر الإمكان.
في عام 1916، تمت ترقية كابيلو إلى رتبة فريق أول، وتم تعيينه قائدًا للفيلق السادس. استمر في قيادة القوات الإيطالية في معارك عنيفة على طول نهر إيسونزو. حقق الفيلق السادس بقيادته بعض النجاحات، لكن التقدم الإيطالي كان بطيئًا ومكلفًا.
بحلول عام 1917، كان الإرهاق قد نال من القوات الإيطالية. كانت الخسائر فادحة، والروح المعنوية منخفضة. كان كابيلو يعلم أن الوضع خطير، وحذر القيادة العليا من المخاطر. ومع ذلك، استمرت القيادة العليا في الضغط من أجل شن هجمات جديدة.
معركة كابوريتو
في أكتوبر 1917، شن الجيش النمساوي المجري، بدعم من القوات الألمانية، هجومًا كبيرًا على الجبهة الإيطالية بالقرب من بلدة كابوريتو (كوباريد حاليًا في سلوفينيا). كان الهجوم النمساوي المجري الألماني مفاجئًا وقويًا، وتمكن المهاجمون من اختراق الخطوط الإيطالية في عدة نقاط.
انهارت الجبهة الإيطالية، وتراجعت القوات الإيطالية بشكل فوضوي. كان كابيلو في ذلك الوقت قائدًا للجيش الثاني، الذي كان مسؤولاً عن قطاع كبير من الجبهة. اتُهم كابيلو بالمسؤولية عن الهزيمة في كابوريتو، حيث زعم البعض أنه لم يتخذ الاحتياطات اللازمة للدفاع عن الجبهة، وأنه ارتكب أخطاء تكتيكية فادحة.
أدت الهزيمة في كابوريتو إلى أزمة سياسية وعسكرية في إيطاليا. تمت إقالة رئيس الوزراء، وتم استبداله بحكومة جديدة. تم أيضًا استبدال رئيس الأركان العامة، وتم تعيين أرماندو دياز مكانه. تم إجراء تحقيق في أسباب الهزيمة، وتم توجيه اتهامات إلى العديد من الضباط، بمن فيهم لويجي كابيلو.
تم عزل كابيلو من منصبه كقائد للجيش الثاني، وتم وضعه تحت التحقيق. على الرغم من أنه نفى ارتكاب أي أخطاء، إلا أنه تم تحميله جزءًا من المسؤولية عن الهزيمة. تم انتقاده بسبب أسلوبه القيادي المتسلط، وعدم قدرته على التواصل بفعالية مع مرؤوسيه.
سنواته الأخيرة
بعد الحرب العالمية الأولى، تمت محاكمة كابيلو عسكريًا بتهمة الإهمال وعدم الكفاءة. تمت تبرئته من التهم الجنائية، لكن تم إدانته بارتكاب أخطاء في التقدير. تم تخفيض رتبته، وتم إجباره على التقاعد من الجيش.
لم يستسلم كابيلو للإحباط، بل كرس نفسه للكتابة والدفاع عن سمعته. كتب عدة كتب ومقالات حول الحرب العالمية الأولى، وحاول تبرير أفعاله وشرح وجهة نظره. كما انخرط في السياسة، وأصبح عضوًا في الحزب الفاشي.
على الرغم من مشاركته في الحزب الفاشي، إلا أن كابيلو لم يلعب دورًا بارزًا في النظام الفاشي. كان يعيش حياة هادئة نسبيًا في روما، وتوفي في عام 1941 عن عمر يناهز 82 عامًا.
إرثه
لا يزال إرث لويجي كابيلو مثيرًا للجدل. يعتبره البعض قائدًا عسكريًا كفؤًا، لعب دورًا مهمًا في تطوير الجيش الإيطالي. يرى آخرون أنه مسؤول جزئيًا عن الهزيمة في كابوريتو، وأنه لم يكن قائدًا فعالاً في الحرب العالمية الأولى.
بغض النظر عن التقييم النهائي، لا يمكن إنكار أن لويجي كابيلو كان شخصية بارزة في تاريخ إيطاليا العسكري. شارك في بعض الأحداث الرئيسية في تاريخ إيطاليا في أوائل القرن العشرين، وترك بصمة واضحة على الجيش الإيطالي.
خاتمة
كان لويجي كابيلو جنرالًا إيطاليًا لعب دورًا مهمًا في الحرب الإيطالية التركية والحرب العالمية الأولى. تميز في مسيرته العسكرية المبكرة، لكنه واجه انتقادات حادة بسبب الهزيمة في معركة كابوريتو. على الرغم من الجدل المحيط به، إلا أنه يبقى شخصية بارزة في تاريخ إيطاليا العسكري، حيث ساهم في تطوير الجيش الإيطالي وكان له تأثير كبير على الأحداث في عصره.