مقدمة
كان “النادي اليميني” مجموعة صغيرة منشقّة ضمن المؤسسة البريطانية، تعاطف أعضاؤها مع معاداة السامية والفاشية. تأسس النادي في عام 1939 على يد النائب المحافظ “هنري بيملي” (Henry Beamish)، وكان يضم شخصيات بارزة من الطبقة الأرستقراطية والسياسيين والعسكريين ورجال الأعمال. على الرغم من صغر حجمه، إلا أن النادي أثار جدلاً واسعاً بسبب آرائه المتطرفة وعلاقاته المشبوهة.
الأهداف والتأسيس
تأسس النادي اليميني في يوليو 1939، قبل وقت قصير من اندلاع الحرب العالمية الثانية. كان الهدف المعلن للنادي هو “معارضة وتدمير النفوذ الهدام لليهودية المنظمة”. كان “هنري بيملي”، وهو سياسي محافظ معروف بآرائه المعادية للسامية، القوة الدافعة وراء تأسيس النادي. اعتقد بيملي أن اليهود كانوا يسيطرون على السياسة والاقتصاد البريطانيين، وأنهم كانوا يسعون لتدمير الإمبراطورية البريطانية. كان بيملي ناشطًا في نشر الدعاية المعادية للسامية لعقود، وكان يعتبر “المحارب القديم لمعاداة السامية” في بريطانيا.
اجتذب النادي اليميني مجموعة متنوعة من الأعضاء، بما في ذلك:
- أعضاء البرلمان: مثل “جون ماكناب” و”اللورد ليمينغتون”.
- أفراد من الطبقة الأرستقراطية: مثل “دوق ويلينغتون” و”الليدي غراهام”.
- ضباط عسكريون: مثل “الأدميرال سير باري دومفيل”.
- رجال أعمال: الذين دعموا النادي مالياً.
كانت اجتماعات النادي تعقد في أماكن سرية، وغالبًا ما كانت تتضمن خطابات معادية للسامية. كان الأعضاء ملزمين بالتوقيع على تعهد ينص على أنهم “يعترفون بأن أفضل حماية لبريطانيا تكمن في معارضة وتدمير النفوذ الهدام لليهودية المنظمة”.
أيديولوجية النادي اليميني
كانت أيديولوجية النادي اليميني مزيجًا من معاداة السامية والفاشية والقومية المتطرفة. كان الأعضاء يعتقدون أن اليهود كانوا يشكلون تهديدًا لبريطانيا وللعالم بأسره، وأنهم كانوا مسؤولين عن جميع المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. كما كانوا يعتقدون أن الفاشية كانت الحل الأمثل لمشاكل بريطانيا، وأن بريطانيا يجب أن تتبع نموذج ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية.
تضمنت الأفكار الرئيسية التي روج لها النادي اليميني ما يلي:
- نظرية المؤامرة اليهودية: الاعتقاد بأن اليهود كانوا يتآمرون للسيطرة على العالم.
- التحيز العنصري: الاعتقاد بتفوق العرق الآري على الأعراق الأخرى.
- القومية المتطرفة: الاعتقاد بأن مصالح بريطانيا يجب أن تأتي قبل أي اعتبار آخر.
- معاداة الشيوعية: اعتبار الشيوعية مؤامرة يهودية لتقويض الحضارة الغربية.
نشر النادي اليميني أفكاره من خلال منشورات مختلفة، بما في ذلك مجلة “The Britons” التي أسسها “هنري بيملي”. استخدمت هذه المنشورات لغة تحريضية لنشر الكراهية ضد اليهود وغيرهم من الأقليات.
أبرز الشخصيات المنتمية للنادي
على الرغم من أن النادي كان صغيرًا نسبيًا، إلا أنه ضم بعض الشخصيات البارزة من المجتمع البريطاني. من بين أبرز الأعضاء:
- هنري بيملي (Henry Beamish): المؤسس والزعيم الفعلي للنادي. كان بيملي شخصية رئيسية في الحركة المعادية للسامية في بريطانيا.
- الأدميرال سير باري دومفيل (Admiral Sir Barry Domvile): ضابط بحري متقاعد كان متعاطفًا مع الفاشية. تم اعتقاله في عام 1940 بتهمة التآمر مع ألمانيا النازية.
- اللورد ليمينغتون (Lord Lymington): عضو في البرلمان كان معجبًا بأفكار الزراعة العضوية والقومية.
على الرغم من أن بعض الأعضاء نفوا علنًا دعمهم لمعاداة السامية، إلا أن أفعالهم وتصريحاتهم تشير إلى خلاف ذلك. على سبيل المثال، دافع الأدميرال دومفيل عن كتابه “يهودية الديمقراطية” الذي احتوى على حجج معادية للسامية.
أنشطة النادي اليميني
تضمنت أنشطة النادي اليميني:
- عقد الاجتماعات السرية: لمناقشة الأفكار المعادية للسامية والفاشية.
- نشر الدعاية: من خلال مجلة “The Britons” ومنشورات أخرى.
- التأثير على السياسة البريطانية: من خلال الضغط على أعضاء البرلمان وغيرهم من الشخصيات السياسية.
- جمع التبرعات: لتمويل أنشطة النادي.
كان تأثير النادي على السياسة البريطانية محدودًا نسبيًا، لكنه ساهم في خلق مناخ من التعصب والكراهية. خلال الحرب العالمية الثانية، تم اعتقال العديد من أعضاء النادي بتهمة التآمر مع ألمانيا النازية.
تأثير الحرب العالمية الثانية وحل النادي
أدى اندلاع الحرب العالمية الثانية في عام 1939 إلى تغيير جذري في موقف الحكومة البريطانية تجاه الجماعات المتطرفة مثل النادي اليميني. مع تصاعد التهديد النازي، أصبحت معاداة السامية والفاشية غير مقبولتين على نطاق واسع في المجتمع البريطاني. بدأت السلطات في اتخاذ إجراءات صارمة ضد أعضاء النادي اليميني وغيرهم من المتعاطفين مع الفاشية.
في عام 1940، تم اعتقال العديد من أعضاء النادي اليميني، بمن فيهم الأدميرال سير باري دومفيل، بموجب قانون الدفاع رقم 18B، الذي سمح باحتجاز الأشخاص المشتبه في أنهم يشكلون تهديدًا للأمن القومي. تم إغلاق مجلة “The Britons” وتم حظر أنشطة النادي اليميني.
بعد الحرب، لم يستأنف النادي اليميني أنشطته. ومع ذلك، استمرت الأفكار المعادية للسامية والفاشية في الانتشار في بعض الدوائر المتطرفة في بريطانيا.
إرث النادي اليميني
على الرغم من قصر مدة وجوده وتأثيره المحدود، إلا أن النادي اليميني يمثل تذكيرًا بخطورة التعصب والكراهية. يُنظر إليه على أنه مثال على كيف يمكن للأفكار المتطرفة أن تجد موطئ قدم في المجتمع، حتى في المجتمعات الديمقراطية. يُعد تاريخ النادي اليميني تحذيرًا من مخاطر معاداة السامية والفاشية، وأهمية مكافحة هذه الأيديولوجيات.
يظل النادي اليميني موضوع اهتمام المؤرخين والباحثين الذين يدرسون تاريخ معاداة السامية والفاشية في بريطانيا. يُستخدم كدراسة حالة لفهم كيف يمكن للأفراد والجماعات أن يتبنوا أفكارًا متطرفة وكيف يمكن لهذه الأفكار أن تؤثر على المجتمع.
خاتمة
كان النادي اليميني مجموعة صغيرة لكنها مؤثرة من المعادين للسامية والمتعاطفين مع الفاشية في بريطانيا خلال الفترة التي سبقت الحرب العالمية الثانية. على الرغم من أن النادي لم يدم طويلاً وتم حظره في نهاية المطاف، إلا أنه يمثل تذكيرًا دائمًا بمخاطر التعصب والكراهية وأهمية مكافحة الأيديولوجيات المتطرفة.