مقدمة
الأب ويليام كوربي (2 أكتوبر 1833 – 28 ديسمبر 1897) كان كاهنًا أمريكيًا من مجمع الصليب المقدس، ورئيسًا لجامعة نوتردام خلال الحرب الأهلية الأمريكية وبعدها. يشتهر كوربي بدوره كقسيس في لواء أيرلندي خلال معركة جيتيسبيرغ، حيث منح الغفران العام للجنود الكاثوليك قبل المعركة الحاسمة. هذه اللحظة تم تخليدها في تمثال شهير موجود في ساحة المعركة وفي جامعة نوتردام.
نشأته وتعليمه
ولد ويليام كوربي في ديترويت بولاية ميشيغان، لعائلة مهاجرة من مقاطعة وكسفورد في أيرلندا. تلقى تعليمه في مدرسة ابتدائية محلية قبل أن يلتحق بجامعة نوتردام في عام 1849. كان كوربي طالبًا متفوقًا، وبرز في دراساته اللاهوتية والفلسفية. بعد تخرجه عام 1853، انضم إلى مجمع الصليب المقدس، وهي جماعة دينية كاثوليكية تدير جامعة نوتردام.
الحرب الأهلية الأمريكية
مع اندلاع الحرب الأهلية الأمريكية في عام 1861، تطوع كوربي للخدمة كقسيس في الجيش الاتحادي. تم تعيينه في البداية في فوج المشاة المتطوعين التاسع في ولاية إنديانا، ثم انتقل لاحقًا إلى اللواء الأيرلندي الشهير. كان كوربي محبوبًا للغاية من قبل الجنود، ليس فقط بسبب خدمته الروحية، ولكن أيضًا بسبب شجاعته وتعاطفه. غالبًا ما كان يعرض نفسه للخطر لتقديم الطقوس الدينية للمحتضرين والجرحى في ساحة المعركة.
معركة جيتيسبيرغ: أشهر لحظات كوربي خلال الحرب الأهلية كانت في معركة جيتيسبيرغ في 2 يوليو 1863. قبل أن يشارك اللواء الأيرلندي في القتال، قام كوربي بمنح الغفران العام لجميع الجنود الكاثوليك. وقف كوربي على صخرة كبيرة ورفع يده، وقرأ صلاة الغفران، بينما ركع الجنود أمامه. كانت هذه اللحظة بمثابة مصدر كبير للراحة الروحية والمعنوية للجنود قبل المعركة الدموية. تم تخليد هذه اللحظة في تمثالين، أحدهما في جيتيسبيرغ والآخر في جامعة نوتردام.
رئاسة جامعة نوتردام
بعد الحرب الأهلية، عاد كوربي إلى جامعة نوتردام، حيث شغل مناصب إدارية مختلفة. في عام 1866، تم تعيينه رئيسًا للجامعة، وهو المنصب الذي شغله حتى عام 1872، ثم مرة أخرى من عام 1877 إلى عام 1882. خلال فترة رئاسته، أشرف كوربي على فترة من النمو والتوسع الكبيرين في جامعة نوتردام. قام بتوسيع المناهج الدراسية، وتحسين المرافق، وزيادة عدد الطلاب. كما لعب دورًا فعالًا في جمع الأموال للجامعة، مما ساعدها على التعافي من حريق مدمر دمر الحرم الجامعي في عام 1879.
إنجازاته كرئيس للجامعة:
- توسيع المناهج الدراسية ليشمل المزيد من العلوم والفنون الليبرالية.
- بناء مبانٍ جديدة، بما في ذلك مكتبة الجامعة ومبنى العلوم.
- زيادة عدد الطلاب وأعضاء هيئة التدريس.
- تحسين الوضع المالي للجامعة.
سنواته اللاحقة ووفاته
بعد انتهاء فترة رئاسته الثانية، واصل كوربي خدمة جامعة نوتردام بعدة طرق. قام بالتدريس، وجمع الأموال، وعمل كمستشار للرئيس الحالي. كما ظل نشطًا في الشؤون الدينية، وخدم كقسيس في العديد من الكنائس والأبرشيات في جميع أنحاء الولايات المتحدة. توفي كوربي في 28 ديسمبر 1897، في هولي كروس كوليج في واشنطن العاصمة. تم دفنه في مقبرة الحرم الجامعي في جامعة نوتردام.
إرثه وتكريمه
يعتبر الأب ويليام كوربي شخصية محترمة في تاريخ جامعة نوتردام والولايات المتحدة. يُذكر بشجاعته وخدمته خلال الحرب الأهلية، وكذلك لقيادته ورؤيته كرئيس لجامعة نوتردام. تم تكريمه بعدة طرق، بما في ذلك:
- تمثال في ساحة المعركة في جيتيسبيرغ.
- تمثال في جامعة نوتردام.
- سميت قاعة كوربي في جامعة نوتردام باسمه.
- تم نشر سيرته الذاتية، “ذكريات الحرب الأهلية”.
الغفران العام في جيتيسبيرغ: تفاصيل إضافية
الغفران العام الذي منحه كوربي في جيتيسبيرغ لم يكن مجرد طقس ديني، بل كان له تأثير نفسي عميق على الجنود. كان الجنود يعلمون أنهم قد يواجهون الموت في المعركة القادمة، والغفران منحهم شعورًا بالسلام والراحة. كان كوربي يعلم أن العديد من الجنود لم يكن لديهم الوقت للاعتراف الفردي بخطاياهم، لذا فقد منحهم الغفران العام كطريقة لتطهير أرواحهم قبل المعركة. أظهر كوربي فهمًا عميقًا للاحتياجات الروحية لجنوده، وقدم لهم الراحة والدعم في وقت حاجتهم الشديدة.
كوربي كقائد روحي
كان كوربي أكثر من مجرد كاهن؛ كان قائدًا روحيًا للجنود الذين خدم معهم. لقد فهم التحديات التي واجهوها، سواء الجسدية أو العاطفية أو الروحية، وعمل بلا كلل لتلبية احتياجاتهم. لقد كان دائمًا على استعداد للاستماع إلى مخاوفهم، وتقديم النصيحة، وتقديم الدعم. لقد كسب احترام وثقة جنوده، وأصبح شخصية مركزية في حياتهم. شجاعته وتفانيه وإيمانه الثابت جعلوه شخصية مؤثرة في تاريخ جامعة نوتردام والولايات المتحدة.
خاتمة
كان الأب ويليام كوربي شخصية بارزة في التاريخ الأمريكي، اشتهر بشجاعته وخدمته خلال الحرب الأهلية، وقيادته كرئيس لجامعة نوتردام. يعتبر إرثه مصدر إلهام للأجيال القادمة. يظل تمثاله في جيتيسبيرغ وفي جامعة نوتردام تذكيرًا دائمًا بتفانيه في خدمة الآخرين وإيمانه الثابت.