نشأته وتعليمه
ولد بول شتاينيتز في تشيتشستر بإنجلترا، وتلقى تعليمه في مدرسة بيتر سيموندز، وينشستر، وكلية سانت جون، أكسفورد. خلال فترة وجوده في أكسفورد، درس العزف على الأرغن تحت إشراف الدكتور إرنست ووكر، وهو مرجع معروف في موسيقى باخ. هذا التعرض المبكر لخبرة ووكر في موسيقى باخ كان له تأثير عميق على شتاينيتز، مما شكل مسيرته الموسيقية اللاحقة.
بعد تخرجه من أكسفورد، واصل شتاينيتز دراساته الموسيقية في الكلية الملكية للموسيقى في لندن. هناك، صقل مهاراته في العزف على الأرغن والتأليف الموسيقي، ووضع الأساس لمسيرته المهنية المتميزة كعازف منفرد وقائد أوركسترا.
مسيرته المهنية
بدأت مسيرة شتاينيتز المهنية كعازف أرغن في عدة كنائس في لندن. شغل مناصب في كنيسة المسيح، ساوثgate، وكنيسة القديس بارثولوميو العظيم، سميثفيلد. من خلال هذه المناصب، اكتسب خبرة قيمة في العزف على موسيقى الكنيسة، وقام ببناء ذخيرته الموسيقية، وصقل مهاراته في الأداء.
في عام 1951، أسس شتاينيتز جمعية لندن باخ، وهي مجموعة جوقة وأوركسترا مكرسة لأداء أعمال يوهان سباستيان باخ. كانت هذه بداية فصل جديد ومثير في حياته المهنية. تحت قيادته، سرعان ما اكتسبت جمعية لندن باخ سمعة طيبة لأدائها المتقن والمستنير لموسيقى باخ. قدمت الجمعية العديد من العروض الأولى في بريطانيا لأعمال باخ الكورالية واسعة النطاق، مما أتاح للجماهير البريطانية فرصة تقدير هذه الروائع بشكل كامل.
كان تركيز شتاينيتز على الأصالة الموسيقية سمة مميزة لأدائه. سعى جاهدًا إلى إعادة إنشاء الصوت الذي كان سيسمعه باخ نفسه، باستخدام الأدوات المناسبة للفترة وتقنيات الأداء. كان هذا النهج الرائد في ذلك الوقت، وساعد على إحداث ثورة في طريقة أداء موسيقى باخ في بريطانيا.
بالإضافة إلى عمله مع جمعية لندن باخ، كان شتاينيتز أيضًا مدرسًا مطلوبًا. قام بتدريس العزف على الأرغن والهاربسكورد في الكلية الملكية للموسيقى وكلية ترينيتي للموسيقى. ألهم أجيالًا من الموسيقيين الشباب بشغفه بموسيقى باخ وتفانيه في تحقيق الأصالة الموسيقية.
إحياء أعمال باخ
كان بول شتاينيتز شخصية محورية في إحياء الاهتمام بأعمال يوهان سباستيان باخ في بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية. في ذلك الوقت، كانت موسيقى باخ تعتبر في كثير من الأحيان قديمة الطراز وأكاديمية. تحدى شتاينيتز هذه المفاهيم من خلال عروضه المفعمة بالحيوية والعاطفية. أظهر أن موسيقى باخ يمكن أن تكون آسرة ومؤثرة وحديثة.
كانت عروض جمعية لندن باخ لأعمال باخ الكورالية واسعة النطاق، مثل قداس “ب” الصغير وأوراتوريو عيد الميلاد، أحداثًا بارزة في المشهد الموسيقي البريطاني. جذبت هذه العروض جماهير كبيرة وحظيت بإشادة النقاد. ساعدت في ترسيخ سمعة باخ كواحد من أعظم المؤلفين على الإطلاق.
كان التزام شتاينيتز بالأصالة الموسيقية عاملاً رئيسيًا في نجاحه. لقد كان أحد أوائل الموسيقيين في بريطانيا الذين استخدموا الأدوات المناسبة للفترة وتقنيات الأداء في موسيقى باخ. ساعد هذا النهج على إحياء الصوت الأصلي للموسيقى، وجعلها أكثر جاذبية للجمهور الحديث.
- قداس “ب” الصغير: يعتبر هذا العمل من أعظم الإنجازات في تاريخ الموسيقى الغربية، وقدمت جمعية لندن باخ عروضًا بارزة له تحت قيادة شتاينيتز.
- أوراتوريو عيد الميلاد: سلسلة من الكانتات التي تحكي قصة عيد الميلاد، وقد قدمت الجمعية هذه السلسلة بشكل كامل، مما أتاح للجمهور تجربة العمل بأكمله.
- شغف القديس متى: عمل درامي يروي قصة آلام المسيح، وقد قدمت جمعية لندن باخ هذا العمل بعمق وتأثر.
تكريمه
تقديرًا لمساهماته في الموسيقى، حصل بول شتاينيتز على وسام الإمبراطورية البريطانية (OBE) في عام 1974. كان هذا اعترافًا كبيرًا بعمله في تعزيز موسيقى باخ في بريطانيا وخارجها. بالإضافة إلى ذلك، حصل على العديد من الجوائز والأوسمة الأخرى طوال حياته المهنية.
تراثه
يستمر إرث بول شتاينيتز في إلهام الموسيقيين وعشاق الموسيقى اليوم. ساعدت عروضه وتسجيلاته في تعريف أجيال جديدة بموسيقى باخ. لا تزال جمعية لندن باخ تؤدي وتُسجل، وتحافظ على رؤية شتاينيتز للأصالة الموسيقية والتميز حية.
تُعد مساهمات شتاينيتز في الموسيقى الكورالية ذات أهمية خاصة. لقد رفع مستوى الأداء الكورالي في بريطانيا وساعد على إنشاء تقليد قوي للغناء الكورالي. العديد من المطربين الذين غنوا تحت قيادته أصبحوا قادة موسيقيين بأنفسهم، ونشروا شغفه بموسيقى باخ في جميع أنحاء العالم.
تأثير شتاينيتز على أداء موسيقى باخ في بريطانيا لا يمكن إنكاره. لقد ساعد في تغيير الطريقة التي يتم بها أداء موسيقى باخ، وألهم أجيالًا من الموسيقيين. سيتم تذكره دائمًا كواحد من أعظم مفسري موسيقى باخ في عصره.
خاتمة
كان بول شتاينيتز شخصية بارزة في عالم الموسيقى، وخاصةً في مجال تفسير أعمال يوهان سباستيان باخ. من خلال تأسيس جمعية لندن باخ وعمله كمدرس وعازف أرغن، لعب دورًا حاسمًا في إحياء الاهتمام بموسيقى باخ في بريطانيا. ساهم التزامه بالأصالة الموسيقية وشغفه بالموسيقى في إلهام أجيال من الموسيقيين وعشاق الموسيقى، وسيظل إرثه حيًا من خلال عروض وتسجيلات جمعية لندن باخ.