مقدمة
قضية هنداوي هي حادثة إرهابية فاشلة وقعت في 17 أبريل 1986، عندما حاولت امرأة حامل، آن ماري ميرفي، صعود طائرة تابعة لشركة العال الإسرائيلية (الرحلة 016) في مطار هيثرو بلندن، حاملة قنبلة خبأها خطيبها نزار نواف منصور الهنداوي. كان من المفترض أن تنفجر القنبلة في الجو، ولكن تم اكتشافها قبل الإقلاع.
تفاصيل القضية
الخلفية: في ربيع عام 1986، قام نزار نواف منصور الهنداوي، وهو مواطن أردني، بتجنيد آن ماري ميرفي، وهي خادمة أيرلندية تبلغ من العمر 32 عامًا، لتنفيذ هجوم إرهابي. التقى الاثنان في لندن، حيث كان الهنداوي يعمل كنادل في فندق. أقنع الهنداوي ميرفي بأنها حامل بطفله، ووعدها بالزواج بعد الانتهاء من “مهمة” بسيطة.
التخطيط للهجوم: أوهم الهنداوي ميرفي بأنها ستنقل جهاز راديو إلى أقارب له في إسرائيل. قام بتخبئة متفجرات بلاستيكية من نوع سيمتكس ومفجر في حقيبة الراديو دون علمها. كان من المقرر أن تسافر ميرفي على متن رحلة العال رقم 016 المتجهة من لندن إلى تل أبيب.
يوم الهجوم: في 17 أبريل 1986، وصل الهنداوي وميرفي إلى مطار هيثرو. قبل دخولها إلى منطقة التفتيش الأمني، أخبرها الهنداوي أن يودع سيارتها المستأجرة في موقف السيارات. وعندما وصلت ميرفي إلى نقطة التفتيش التابعة لشركة العال، أثار سلوكها المتوتر شكوك رجال الأمن. قاموا بتفتيش حقيبتها بدقة واكتشفوا المتفجرات المخفية.
القبض على الهنداوي: بعد اكتشاف القنبلة، فر الهنداوي من المطار. تم القبض عليه في اليوم التالي في لندن بعد أن تعرف عليه أحد موظفي الفندق من صورته المنشورة في الصحف. اعترف الهنداوي في البداية بأنه كان جزءًا من مؤامرة أكبر، لكنه نفى لاحقًا معرفته بالقنبلة.
التحقيقات والمحاكمة
التحقيقات الأولية: كشفت التحقيقات أن الهنداوي كان على اتصال بالاستخبارات السورية. أظهرت الأدلة أن سوريا كانت متورطة في التخطيط وتمويل الهجوم. نفت الحكومة السورية أي تورط لها في الحادث.
المحاكمة: بدأت محاكمة الهنداوي في أكتوبر 1986. قدم الادعاء أدلة قوية تربط الهنداوي بالمخابرات السورية وتورطه المباشر في التخطيط للهجوم. شهدت آن ماري ميرفي ضد الهنداوي، وروت كيف قام بخداعها واستغلالها. في 24 أكتوبر 1986، أدين الهنداوي وحكم عليه بالسجن لمدة 45 عامًا.
ردود الفعل الدولية
إدانة واسعة: أثارت قضية هنداوي إدانة دولية واسعة النطاق. اعتبرت العديد من الدول الهجوم محاولة لزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط وتقويض عملية السلام.
العقوبات ضد سوريا: بعد ثبوت تورط سوريا في القضية، فرضت العديد من الدول عقوبات دبلوماسية واقتصادية على سوريا. قطعت بريطانيا علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا، وطردت العديد من الدول الأخرى دبلوماسيين سوريين.
تأثير الحادث على أمن الطيران: أدت قضية هنداوي إلى تشديد الإجراءات الأمنية في المطارات حول العالم. تم تعزيز عمليات التفتيش، واستخدام أجهزة الكشف عن المتفجرات بشكل أوسع، وتدريب رجال الأمن على كشف محاولات التهريب.
آن ماري ميرفي
بعد الحادث، تلقت آن ماري ميرفي حصانة من الملاحقة القضائية مقابل شهادتها ضد الهنداوي. عاشت ميرفي حياة هادئة بعد ذلك، وحاولت الابتعاد عن الأضواء. تم تناول قصتها في العديد من الأفلام الوثائقية والكتب التي تناولت قضية هنداوي.
نزار الهنداوي بعد السجن
قضى نزار الهنداوي فترة طويلة في السجن في بريطانيا. تم إطلاق سراحه في عام 2001، بعد أن قضى 15 عامًا من مدة عقوبته، وتم ترحيله إلى الأردن. أثارت عودته إلى الأردن جدلاً واسعًا، حيث اعتبره البعض بطلاً فلسطينياً، بينما اعتبره آخرون إرهابياً خطيراً.
تداعيات القضية
- تدهور العلاقات البريطانية السورية: أدت القضية إلى تدهور كبير في العلاقات بين بريطانيا وسوريا، واستمرت التوترات بين البلدين لسنوات عديدة.
- تشديد الإجراءات الأمنية في المطارات: كانت القضية حافزًا لتعزيز الإجراءات الأمنية في المطارات حول العالم، مما جعل السفر الجوي أكثر أمانًا.
- تسليط الضوء على الإرهاب المدعوم من الدول: سلطت القضية الضوء على خطر الإرهاب المدعوم من الدول، وأهمية التعاون الدولي لمكافحة هذه الظاهرة.
الدروس المستفادة
تعتبر قضية هنداوي مثالًا صارخًا على كيفية استغلال الإرهابيين للأفراد الأبرياء لتنفيذ مخططاتهم. كما تظهر أهمية اليقظة الأمنية والتعاون الدولي لمكافحة الإرهاب. يجب على الدول أن تعمل معًا لتبادل المعلومات وتنسيق الجهود لمنع وقوع هجمات مماثلة في المستقبل.
خاتمة
قضية هنداوي هي تذكير دائم بخطر الإرهاب وأهمية اتخاذ التدابير اللازمة لمنعه. على الرغم من أن الهجوم فشل، إلا أنه كان يمكن أن يتسبب في خسائر فادحة في الأرواح. يجب أن نستفيد من هذه التجربة لتعزيز أمننا وحماية مجتمعاتنا من التهديدات الإرهابية.