مقدمة
جون سيمور كونواي (31 ديسمبر 1929 – 23 يونيو 2017) كان أستاذاً فخرياً للتاريخ في جامعة كولومبيا البريطانية. اشتهر كونواي بدراساته المتعمقة حول الكنيسة المسيحية في ألمانيا النازية، بالإضافة إلى أبحاثه حول الهولوكوست والتاريخ الأوروبي الحديث. ترك إرثًا أكاديميًا غنيًا من خلال مؤلفاته ومقالاته التي ساهمت في فهم أعمق لتلك الحقبة التاريخية المعقدة.
حياته وتعليمه
ولد جون سيمور كونواي في بريطانيا في عام 1929. تلقى تعليمه في جامعة كامبريدج المرموقة، حيث حصل على درجة الدكتوراه في التاريخ. بعد الانتهاء من دراسته، انتقل إلى كندا للعمل كأستاذ في جامعة كولومبيا البريطانية في فانكوفر. أمضى معظم حياته المهنية في هذه الجامعة، حيث قام بتدريس التاريخ وأشرف على العديد من طلاب الدراسات العليا.
أبحاثه حول الكنيسة المسيحية في ألمانيا النازية
يعتبر جون كونواي من أبرز الباحثين الذين تناولوا موضوع الكنيسة المسيحية في ألمانيا النازية. ركزت أبحاثه على تحليل العلاقة المعقدة بين الكنيسة والدولة في ظل النظام النازي، وكيف تفاعلت الكنيسة مع سياسات النظام القمعية. أظهرت دراساته أن موقف الكنيسة لم يكن موحدًا، بل شهد انقسامات حادة بين مؤيدين ومعارضين للنظام النازي.
أحد أهم أعماله في هذا المجال هو كتابه “الكنائس المسيحية والرايخ الثالث” (The Nazi Persecution of the Churches 1933-45). يقدم هذا الكتاب تحليلاً شاملاً لموقف الكنائس البروتستانتية والكاثوليكية من النظام النازي، وكيف تأثرت بالسياسات النازية. يوضح الكتاب كيف أن بعض رجال الدين دعموا النظام النازي، في حين قاومه آخرون بشجاعة، ودفعوا ثمن ذلك غاليًا.
من بين القضايا التي تناولها كونواي في أبحاثه:
- دور الكنيسة في مقاومة النظام النازي: سلط الضوء على دور بعض رجال الدين المسيحيين الذين قاوموا النظام النازي علنًا أو سرًا، وقدموا المساعدة لليهود وغيرهم من المضطهدين.
- تأثير الأيديولوجية النازية على الكنيسة: بين كيف أثرت الأيديولوجية النازية على الكنيسة، وكيف حاولت بعض الجماعات النازية دمج المسيحية مع الأيديولوجية النازية.
- موقف الكنيسة من الهولوكوست: فحص موقف الكنيسة من الهولوكوست، وكيف فشلت الكنيسة في كثير من الأحيان في الدفاع عن اليهود ضد الاضطهاد النازي.
أبحاثه حول الهولوكوست
بالإضافة إلى أبحاثه حول الكنيسة المسيحية في ألمانيا النازية، قدم جون كونواي مساهمات كبيرة في دراسة الهولوكوست. درس أسباب الهولوكوست، وكيف تمكن النظام النازي من تنفيذ هذه الجريمة البشعة. كما فحص دور الأفراد والمؤسسات في الهولوكوست، وكيف ساهمت في تسهيل عملية الإبادة الجماعية.
ركزت أبحاثه على الجوانب التالية:
- دور الأيديولوجية النازية في الهولوكوست: أوضح كيف أن الأيديولوجية النازية العنصرية والمعادية للسامية كانت الأساس الفكري للهولوكوست.
- مسؤولية الأفراد والمؤسسات: بين كيف أن الأفراد والمؤسسات، بما في ذلك الجيش والشرطة والبيروقراطية، لعبوا دورًا في تنفيذ الهولوكوست.
- ردود فعل العالم على الهولوكوست: فحص ردود فعل العالم على الهولوكوست، وكيف فشلت العديد من الدول في التدخل لوقف الإبادة الجماعية.
من خلال أبحاثه، ساهم كونواي في فهم أعمق لأسباب الهولوكوست وعواقبه، وأهمية تذكر هذه الجريمة البشعة لمنع تكرارها في المستقبل.
مؤلفاته الرئيسية
ترك جون كونواي إرثًا أكاديميًا غنيًا من خلال مؤلفاته ومقالاته. من بين أهم مؤلفاته:
- الكنائس المسيحية والرايخ الثالث (The Nazi Persecution of the Churches 1933-45): يعتبر هذا الكتاب مرجعًا أساسيًا لدراسة موقف الكنائس المسيحية من النظام النازي.
- صعود وسقوط جمهورية فايمار (The Rise and Fall of the Weimar Republic): يقدم هذا الكتاب تحليلاً شاملاً لتاريخ جمهورية فايمار، وهي الفترة المضطربة التي سبقت صعود النظام النازي إلى السلطة.
- أوروبا بين الحربين (Europe Between the Wars): يدرس هذا الكتاب تاريخ أوروبا في الفترة بين الحربين العالميتين، ويسلط الضوء على الأسباب التي أدت إلى اندلاع الحرب العالمية الثانية.
بالإضافة إلى هذه الكتب، نشر كونواي العديد من المقالات في الدوريات العلمية المتخصصة، وشارك في العديد من المؤتمرات والندوات حول التاريخ الأوروبي الحديث والهولوكوست.
إسهاماته الأكاديمية
يعتبر جون كونواي من أبرز المؤرخين المتخصصين في التاريخ الأوروبي الحديث والهولوكوست. قدم إسهامات كبيرة في فهم هذه الحقبة التاريخية المعقدة، من خلال أبحاثه ومؤلفاته ومحاضراته. كان له تأثير كبير على طلابه وزملائه، وألهمهم لمواصلة البحث والدراسة في هذا المجال.
من بين أبرز إسهاماته الأكاديمية:
- تحليل العلاقة بين الكنيسة والدولة في ألمانيا النازية: قدم تحليلاً دقيقًا ومعمقًا للعلاقة المعقدة بين الكنيسة والدولة في ظل النظام النازي، وكشف عن الانقسامات الداخلية في الكنيسة حول موقفها من النظام.
- دراسة أسباب الهولوكوست: ساهم في فهم أسباب الهولوكوست، وكيف تمكن النظام النازي من تنفيذ هذه الجريمة البشعة.
- توعية الجمهور بتاريخ الهولوكوست: عمل على توعية الجمهور بتاريخ الهولوكوست، وأهمية تذكر هذه الجريمة لمنع تكرارها في المستقبل.
الجوائز والتكريمات
تقديراً لإسهاماته الأكاديمية المتميزة، حصل جون كونواي على العديد من الجوائز والتكريمات، من بينها:
- زمالة الجمعية الملكية الكندية.
- جائزة الكتاب الكندي.
- الدكتوراه الفخرية من جامعة وينيبيغ.
وفاته
توفي جون سيمور كونواي في 23 يونيو 2017، عن عمر يناهز 87 عامًا. ترك وراءه إرثًا أكاديميًا غنيًا سيظل يلهم الباحثين والطلاب في مجال التاريخ الأوروبي الحديث والهولوكوست لسنوات عديدة قادمة.
خاتمة
كان جون إس. كونواي مؤرخًا بارزًا متخصصًا في التاريخ الأوروبي الحديث والهولوكوست. قدم مساهمات كبيرة في فهم العلاقة المعقدة بين الكنيسة والدولة في ألمانيا النازية، وأسباب الهولوكوست. من خلال أبحاثه ومؤلفاته ومحاضراته، ساهم في توعية الجمهور بتاريخ الهولوكوست وأهمية تذكره لمنع تكراره في المستقبل. ترك إرثًا أكاديميًا غنيًا سيظل يلهم الباحثين والطلاب في هذا المجال لسنوات عديدة قادمة.