مقدمة
عمير بن سعد الأنصاري، صحابي جليل شهد بيعة العقبة وكان من السابقين إلى الإسلام. يتميز بالزهد والورع والصدق والأمانة، وتقلد مناصب مهمة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، حيث كان أميراً على حمص. عُرف بنزاهته وعدله، ويُضرب به المثل في الإخلاص والتفاني في خدمة المسلمين.
نسبه ونشأته
هو عمير بن سعد بن عُبيد الأنصاري الأوسي. ينتمي إلى بني أوس، إحدى القبيلتين الأنصاريتين الرئيسيتين في المدينة المنورة. نشأ يتيماً بعد وفاة والده وهو صغير السن، فتولت أمه تربيته ورعايته. عُرف منذ صغره بالأخلاق الحميدة والصفات النبيلة، مما جعله محبوباً بين قومه.
إسلامه وهجرته
أسلم عمير بن سعد في وقت مبكر، وشهد بيعة العقبة الثانية، التي كانت علامة فارقة في تاريخ الإسلام، حيث بايع الأنصار النبي محمد صلى الله عليه وسلم على النصرة والحماية. وبعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، استقبل الأنصار المهاجرين وآووهم ونصروهم، وكان لعمير بن سعد دور بارز في هذه المؤاخاة.
صفاته ومناقبه
تميز عمير بن سعد بالعديد من الصفات الحميدة والمناقب الجليلة، التي جعلته قدوة حسنة للمسلمين. من أبرز هذه الصفات:
- الزهد والورع: كان عمير بن سعد زاهداً في الدنيا، لا يحرص على جمع المال أو اكتناز الثروة، بل كان يعيش عيشة الكفاف، ويقتصر على ما يكفيه لحاجته. وكان ورعاً يتقي الله في كل أفعاله وأقواله، ويحرص على اجتناب الشبهات.
- الصدق والأمانة: عُرف عمير بن سعد بصدقه وأمانته، وكان الناس يثقون به ويأتمنونه على أموالهم وأسرارهم. ولم يُعرف عنه قط أنه كذب أو خان الأمانة.
- العدل والإنصاف: كان عمير بن سعد عادلاً في حكمه، ومنصفاً في معاملته للناس، لا يفرق بين غني وفقير، ولا بين قوي وضعيف، بل كان يعامل الجميع على قدم المساواة.
- التواضع ولين الجانب: كان عمير بن سعد متواضعاً في تعامله مع الناس، ليناً في جانبه، لا يتكبر على أحد، ولا يتعالى على أحد، بل كان يخاطب الناس بلطف وأدب، ويستمع إليهم باهتمام.
- الشجاعة والإقدام: كان عمير بن سعد شجاعاً مقداماً، لا يخشى في الحق لومة لائم، وكان يدافع عن الحق بكل ما أوتي من قوة.
ولايته على حمص
في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، تولى عمير بن سعد ولاية حمص. وقد عُرف خلال فترة ولايته بالعدل والإحسان، وحسن السياسة، مما جعله محبوباً بين أهل حمص. وكان حريصاً على تطبيق الشريعة الإسلامية، وحماية حقوق المسلمين، والدفاع عنهم ضد أعدائهم.
ذات مرة، تأخر عمير بن سعد في إرسال خراج حمص إلى المدينة، فاستغرب عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وأرسل إليه يسأله عن سبب التأخير. وعندما وصل عمير بن سعد إلى المدينة، لم يكن معه من المال إلا القليل. فسأله عمر: “ماذا فعلت بمال الخراج؟” فأجاب عمير: “قسمته على الفقراء والمساكين والمحتاجين من أهل حمص”. فتعجب عمر من زهده وأمانته، وقال: “والله ما ظننت أن في الناس مثلك”.
عندما علم عمر بن الخطاب رضي الله عنه بنزاهة عمير بن سعد، وأمانته، وزهده، أثنى عليه خيراً، وقال عنه: “هذا خير مني”. وأبقاه والياً على حمص.
علاقته بالصحابة
كان عمير بن سعد يحظى بمكانة مرموقة بين الصحابة، رضي الله عنهم، وكان يحظى بتقديرهم واحترامهم. وكان على علاقة طيبة مع جميع الصحابة، وخاصة مع الخلفاء الراشدين، رضي الله عنهم. وكان يستشيرهم في الأمور المهمة، ويأخذ بنصائحهم وتوجيهاتهم.
روايته للحديث
روى عمير بن سعد بعض الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نقلت عنه هذه الأحاديث في كتب السنة. وتدل روايته للحديث على مكانته العلمية، وحرصه على نشر العلم الشرعي بين المسلمين.
أقوال العلماء فيه
أثنى العلماء على عمير بن سعد، وذكروا فضله ومناقبه. وقد قال عنه الإمام الذهبي: “كان من فضلاء الصحابة وزهادهم”. وقال عنه ابن حجر العسقلاني: “كان من السابقين إلى الإسلام، وشهد بيعة العقبة”.
وفاته
توفي عمير بن سعد، رضي الله عنه، في خلافة عثمان بن عفان، رضي الله عنه. وقد ترك وراءه إرثاً عظيماً من الزهد والورع والصدق والأمانة، وسيبقى قدوة حسنة للمسلمين على مر العصور.
أثر عمير بن سعد في التاريخ الإسلامي
يعتبر عمير بن سعد من الشخصيات البارزة في التاريخ الإسلامي، لما له من دور كبير في خدمة الإسلام والمسلمين. وقد ترك بصمة واضحة في مجالات مختلفة، منها:
- الدعوة إلى الله: كان عمير بن سعد داعية إلى الله، يدعو الناس إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، وكان له دور كبير في نشر الإسلام في حمص والمناطق المجاورة.
- الجهاد في سبيل الله: شارك عمير بن سعد في العديد من الغزوات والفتوحات الإسلامية، وكان له دور بارز في الدفاع عن الإسلام والمسلمين.
- القدوة الحسنة: كان عمير بن سعد قدوة حسنة للمسلمين في الزهد والورع والصدق والأمانة والعدل والإحسان، وقد اقتدى به الكثير من المسلمين في حياتهم.
خاتمة
عمير بن سعد الأنصاري، صحابي جليل، ضرب أروع الأمثلة في الزهد والورع والصدق والأمانة. كان أميراً عادلاً، وقائداً حكيماً، ومجاهداً شجاعاً. ترك بصمة واضحة في التاريخ الإسلامي، وسيبقى قدوة حسنة للمسلمين على مر العصور. نسأل الله أن يرحمه، ويجزيه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.