<![CDATA[
نشأتها وتعليمها
ولدت روث سيجر في شيكاغو، إلينوي، لعائلة ذات خلفية أكاديمية قوية. تلقت تعليمها في جامعة شيكاغو، حيث حصلت على درجة البكالوريوس في علم الحيوان عام 1939. ثم واصلت دراستها في جامعة هارفارد، وحصلت على درجة الماجستير في علم النبات عام 1944 والدكتوراه في علم الأحياء عام 1948. خلال فترة دراستها، أبدت سيجر اهتمامًا خاصًا بالوراثة وعلم الوراثة الخلوية، مما أثر على مسارها المهني اللاحق.
مسيرتها المهنية المبكرة: الوراثة غير الكروموسومية
بعد حصولها على الدكتوراه، بدأت سيجر العمل في جامعة روكفلر كزميلة ما بعد الدكتوراه. في هذه الفترة، بدأت أبحاثها الرائدة في مجال الوراثة غير الكروموسومية، والتي تعرف أيضًا بالوراثة السيتوبلازمية أو الوراثة خارج النواة. ركزت سيجر بشكل خاص على وراثة البلاستيدات الخضراء في طحلب الكلاميدوموناس (Chlamydomonas reinhardtii)، وهو كائن حي وحيد الخلية يستخدم على نطاق واسع في الدراسات الوراثية.
اكتشفت سيجر أن بعض الصفات الوراثية في الكلاميدوموناس تنتقل عن طريق البلاستيدات الخضراء، وهي العضيات المسؤولة عن عملية التمثيل الضوئي، وليس عن طريق الحمض النووي الموجود في نواة الخلية. أظهرت سيجر وفريقها أن البلاستيدات الخضراء تحتوي على الحمض النووي الخاص بها، والذي يحمل معلومات وراثية مستقلة عن الحمض النووي النووي. هذا الاكتشاف كان له تأثير كبير على فهمنا لوراثة العضيات وتطور الخلايا حقيقية النواة.
بالإضافة إلى ذلك، اكتشفت سيجر آليات مقاومة المضادات الحيوية في الكلاميدوموناس. أظهرت أن بعض الطفرات في الحمض النووي للبلاستيدات الخضراء يمكن أن تؤدي إلى مقاومة المضادات الحيوية مثل الستربتومايسين. هذه النتائج ساهمت في فهمنا لآليات مقاومة المضادات الحيوية في الكائنات الدقيقة، والتي تعتبر مشكلة صحية عالمية متزايدة.
التحول إلى علم الوراثة الجزيئي للسرطان
في منتصف السبعينيات، غيرت سيجر مسارها البحثي بشكل جذري وانتقلت إلى مجال علم الوراثة الجزيئي للسرطان. كانت سيجر مهتمة بفهم الأساس الجيني للسرطان، وكيف يمكن أن تؤدي التغيرات في الحمض النووي إلى تطور الخلايا السرطانية. انضمت إلى معهد دانا فاربر للسرطان في بوسطن، حيث أسست مختبرًا متخصصًا في دراسة الجينات الكابتة للورم.
كانت سيجر من أوائل العلماء الذين أدركوا أهمية الجينات الكابتة للورم في منع تطور السرطان. الجينات الكابتة للورم هي جينات تعمل على تنظيم نمو الخلايا ومنعها من الانقسام بشكل غير طبيعي. عندما تتعطل وظيفة هذه الجينات بسبب الطفرات أو التغيرات الأخرى، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تطور السرطان.
اكتشفت سيجر وفريقها عددًا من الجينات الكابتة للورم المهمة، بما في ذلك جين RB (Retinoblastoma) وجين p53. يلعب جين RB دورًا حاسمًا في تنظيم دورة الخلية، ويمنع الخلايا من الانقسام بشكل غير المنضبط. أما جين p53، فهو “حارس الجينوم”، حيث يقوم بالكشف عن تلف الحمض النووي وتفعيل آليات الإصلاح أو التدمير الذاتي للخلايا التالفة.
أظهرت سيجر أن تعطيل وظيفة جينات RB و p53 يمكن أن يؤدي إلى تطور مجموعة متنوعة من أنواع السرطان، بما في ذلك سرطان الشبكية وسرطان الرئة وسرطان الثدي. هذه الاكتشافات كان لها تأثير كبير على فهمنا لآليات تطور السرطان، وفتحت الباب أمام تطوير علاجات جديدة تستهدف الجينات الكابتة للورم.
إرثها وتأثيرها
كانت روث سيجر عالمة رائدة ومؤثرة تركت بصمة واضحة في مجال الوراثة وعلم الوراثة الجزيئي للسرطان. ساهمت أبحاثها في فهمنا لوراثة البلاستيدات الخضراء، وآليات مقاومة المضادات الحيوية، ودور الجينات الكابتة للورم في تطور السرطان.
حصلت سيجر على العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لإنجازاتها العلمية، بما في ذلك انتخابها لعضوية الأكاديمية الوطنية للعلوم والأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم. كما كانت سيجر معلمة وباحثة ملهمة، قامت بتدريب وتوجيه العديد من العلماء الشباب الذين أصبحوا قادة في مجالاتهم.
لا تزال أبحاث روث سيجر ذات صلة حتى اليوم، وتستمر في إلهام العلماء والباحثين في جميع أنحاء العالم. إن إرثها العلمي سيظل حيًا للأجيال القادمة.
أهم منشوراتها
- Cytoplasmic Genes and Organelles (1972)
- Genetic Analysis of Chloroplasts (with Zenta Ramanis) (1974)
- Oncogenes and Tumor Suppressor Genes (1992)
جوائز وتكريمات
- زمالة غوغنهايم (1961)
- ميدالية جيلبرت مورغان سميث (1978)
- انتخابها لعضوية الأكاديمية الوطنية للعلوم (1977)
- انتخابها لعضوية الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم
خاتمة
كانت روث سيجر عالمة وراثة أمريكية رائدة ساهمت بشكل كبير في فهمنا للوراثة غير الكروموسومية وعلم الوراثة الجزيئي للسرطان. اكتشافاتها حول وراثة البلاستيدات الخضراء ودور الجينات الكابتة للورم كان لها تأثير كبير على العلوم البيولوجية والطب. ستظل إرثها العلمي حيًا للأجيال القادمة.