نشأته وتعليمه
ولد إرنستو ناثان في لندن لعائلة ذات خلفية يهودية إيطالية. كان والده، موسى ناثان، مصرفيًا ناجحًا، بينما كانت والدته، سارة ليفي، ناشطة في الحركات الاجتماعية والإصلاحية. تلقى ناثان تعليمًا ممتازًا، حيث درس في مدارس خاصة في لندن وأظهر اهتمامًا مبكرًا بالسياسة والفلسفة والأدب. تأثر بشكل خاص بأفكار جوزيبي مازيني، الزعيم الجمهوري الإيطالي، الذي كان صديقًا للعائلة.
في شبابه، انخرط ناثان في الحركة الجمهورية الإيطالية، التي كانت تسعى إلى توحيد إيطاليا تحت حكم جمهوري. سافر إلى إيطاليا عدة مرات للمشاركة في الأنشطة السياسية والاجتماعية، وأصبح مؤيدًا قويًا للقضية الإيطالية. بعد وفاة والده، انتقل ناثان إلى إيطاليا بشكل دائم، حيث كرس نفسه للعمل السياسي والإصلاحي.
مسيرته السياسية
بدأ ناثان مسيرته السياسية في روما، حيث انضم إلى الحزب الجمهوري الإيطالي. سرعان ما برز كشخصية قيادية في الحزب، بفضل خطاباته القوية وأفكاره الإصلاحية. انتخب عضوًا في مجلس مدينة روما في عام 1889، وسرعان ما اكتسب سمعة طيبة كمدافع عن مصالح الفقراء والمهمشين.
في عام 1907، انتخب ناثان عمدة لروما، ليصبح أول عمدة يهودي للمدينة. كانت فترة ولايته علامة فارقة في تاريخ روما، حيث أطلق سلسلة من الإصلاحات الطموحة التي تهدف إلى تحديث المدينة وتحسين حياة سكانها. قام ناثان بإصلاح الإدارة البلدية، ومكافحة الفساد، وتعزيز التعليم والصحة العامة، وتحسين البنية التحتية للمدينة.
أبرز إنجازات ناثان كعمدة لروما:
- إصلاح الإدارة البلدية: قام ناثان بإعادة تنظيم الإدارة البلدية، وتبسيط الإجراءات، ومكافحة الفساد، مما أدى إلى تحسين كفاءة الخدمات العامة.
- تعزيز التعليم: قام ناثان بزيادة الإنفاق على التعليم، وبناء مدارس جديدة، وتحسين جودة التعليم، مما أدى إلى زيادة معدلات الالتحاق بالمدارس وتقليل الأمية.
- تحسين الصحة العامة: قام ناثان بتحسين خدمات الصحة العامة، وبناء مستشفيات جديدة، ومكافحة الأمراض المعدية، مما أدى إلى تحسين صحة السكان وخفض معدلات الوفيات.
- تطوير البنية التحتية: قام ناثان بتطوير البنية التحتية للمدينة، وبناء طرق جديدة، وتحسين شبكات المياه والصرف الصحي، وتحديث نظام النقل العام، مما أدى إلى تحسين نوعية حياة السكان وتسهيل حركة المرور.
- دعم الفنون والثقافة: كان ناثان محبًا للفنون والثقافة، وقام بدعم الفنانين والمثقفين، وتنظيم المهرجانات والمعارض الفنية، مما أدى إلى تعزيز الحياة الثقافية في روما.
واجهت إصلاحات ناثان معارضة شديدة من قبل القوى المحافظة والمصالح الخاصة التي كانت مستفيدة من الوضع القائم. ومع ذلك، تمكن ناثان من التغلب على هذه المعارضة بفضل شعبيته الكبيرة ودعم الحركة الجمهورية والإصلاحية.
مواقفه الفكرية
كان ناثان جمهوريًا ملتزمًا، يؤمن بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة بين جميع المواطنين. كان أيضًا مدافعًا قويًا عن العلمانية وفصل الدين عن الدولة. اعتقد ناثان أن الدولة يجب أن تكون محايدة تجاه جميع الأديان، وأن جميع المواطنين يجب أن يتمتعوا بنفس الحقوق والفرص بغض النظر عن معتقداتهم الدينية.
كان ناثان أيضًا من دعاة السلام والتعاون الدولي. كان يعتقد أن الحرب هي كارثة إنسانية، وأن الدول يجب أن تسعى إلى حل النزاعات بالطرق السلمية. كان ناثان عضوًا نشطًا في الحركات السلمية، ودعا إلى إنشاء منظمة دولية تهدف إلى الحفاظ على السلام والأمن العالميين.
حياته الشخصية
تزوج ناثان من أنجيلا فونزو في عام 1877 وأنجبا ثلاثة أطفال. كانت أنجيلا شريكة داعمة ومخلصة، وشاركت بنشاط في عمله السياسي والإصلاحي. كان ناثان رجلاً متواضعًا وبسيطًا، يتمتع بحياة عائلية سعيدة ومستقرة.
توفي إرنستو ناثان في روما في 9 أبريل 1921 عن عمر يناهز 72 عامًا. تركت وفاته فراغًا كبيرًا في الحركة الجمهورية والإصلاحية الإيطالية. تم تكريمه كبطل قومي، وتم تسمية العديد من الشوارع والمدارس والمؤسسات العامة في إيطاليا باسمه.
إرثه
يعتبر إرنستو ناثان شخصية بارزة في تاريخ إيطاليا الحديثة. لعب دورًا حاسمًا في تطوير روما كعاصمة حديثة لإيطاليا الموحدة. ألهمت إصلاحاته الطموحة أجيالًا من السياسيين والإصلاحيين، ولا يزال إرثه يلهم الناس حتى اليوم.
تذكر مساهمات ناثان في تطوير روما وتعزيز قيم الجمهورية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. كان شخصية استثنائية جمعت بين الفكر العميق والعمل الجاد والإخلاص للقضية الإيطالية. سيظل اسمه محفوراً في تاريخ إيطاليا كرمز للإصلاح والتقدم.
خاتمة
كان إرنستو ناثان سياسيًا إنجليزيًا إيطاليًا بارزًا، اشتهر بمنصبه كعمدة لروما وقيادته للإصلاحات الإدارية والاجتماعية. من خلال جهوده، ساهم بشكل كبير في تحديث روما وتحسين حياة سكانها، فضلاً عن تعزيز قيم الجمهورية والديمقراطية. لا يزال إرثه يلهم الأجيال حتى اليوم، مما يجعله شخصية محورية في تاريخ إيطاليا الحديث.