نسبه ونشأته
هو الطفيل بن عمرو بن طريف بن العاص بن ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس بن عدنان. ينتهي نسبه إلى عدنان الجد الجامع لقبائل شمال الجزيرة العربية. نشأ الطفيل في بيت سيادة وشرف، وتلقى تربية حسنة أكسبته الكثير من الصفات الحميدة. تعلم الفروسية والشعر والخطابة، وبرع في هذه المجالات حتى أصبح فارسًا وشاعرًا وخطيبًا مفوهًا.
صفاته وأخلاقه
كان الطفيل بن عمرو الدوسي يتمتع بصفات وأخلاق عالية، جعلت منه شخصية محبوبة ومحترمة بين قومه. من أبرز صفاته:
- الحكمة ورجاحة العقل: كان الطفيل يتميز بحكمته ورجاحة عقله، وكان قومه يستشيرونه في الأمور الهامة.
- الشجاعة والإقدام: كان الطفيل شجاعًا مقدامًا لا يخشى الموت في سبيل الله.
- الكرم والجود: كان الطفيل كريمًا جوادًا ينفق ماله في سبيل الله وفي مساعدة المحتاجين.
- الفصاحة والبلاغة: كان الطفيل فصيحًا بليغًا يتقن فن الخطابة والشعر.
- الصدق والأمانة: كان الطفيل صادقًا أمينًا لا يخون العهد ولا يكذب.
إسلامه
ورد الطفيل بن عمرو مكة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بها، فمشى إليه رجال من قريش وحذروه من الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخبروه أن له سحرًا يفرق بين المرء وأبيه، وبين المرء وزوجته، وبين المرء وعشيرته. فنصحوه ألا يسمع منه شيئًا. فحرص الطفيل على ألا يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا، حتى إذا دخل المسجد حشا أذنيه بالقطن خوفًا من أن يمسه شيء من قوله. فبينما هو يطوف بالبيت، تبعه النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رأى منه ذلك دعاه إلى بيته، فعرض عليه الإسلام وتلا عليه القرآن، فأسلم الطفيل وقال:
“والله ما سمعت قولاً قط أحسن من هذا ولا أمرًا أعدل منه.”
ثم قال: “يا رسول الله، إني امرؤ مطاع في قومي، وإني راجع إليهم فداعيهم إلى الإسلام، فادع الله أن يجعل لي آية تكون لي عونًا عليهم فيما أدعوهم إليه.”
فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم: “اللهم نور له.”
فخرج الطفيل إلى قومه حتى إذا كان بظهر قومه وقع نور بين عينيه، فقال: “اللهم إلى غير وجهي فإني أخشى أن يظنوا أنها مثلة لديني.” فتحول النور إلى طرف سوطه، فجعل يضيء له في الليلة المظلمة، فجعل يدعو قومه إلى الإسلام، فأبطأوا عليه.
دعوة قومه للإسلام
عاد الطفيل بن عمرو إلى قومه دوس، وبدأ يدعوهم إلى الإسلام. لقي معارضة شديدة من بعضهم، ولكن بفضل حكمته وفصاحته استطاع أن يقنع الكثيرين بالإسلام. أسلم على يده والده عمرو وزوجته، ثم أسلم معه عدد كبير من قبيلة دوس. بقي الطفيل في قومه يدعو إلى الله، حتى هاجر إلى المدينة المنورة مع من أسلم من قومه.
هجرته إلى المدينة المنورة
بعد أن أسلم عدد كبير من قبيلة دوس، هاجر الطفيل بن عمرو معهم إلى المدينة المنورة، وانضم إلى صفوف المسلمين. استقبله النبي صلى الله عليه وسلم استقبالًا حسنًا، وأنزله مع المهاجرين. شارك الطفيل في بناء المسجد النبوي، وفي المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار.
مشاركته في الغزوات
شارك الطفيل بن عمرو في عدة غزوات في سبيل الله، وأبلى فيها بلاءً حسنًا. شارك في غزوة خيبر، وفي فتح مكة، وفي غزوة حنين. كان مثالًا للشجاعة والإقدام، وكان يحرص على نصرة الإسلام بكل ما يملك.
استشهاده في معركة اليمامة
بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ارتدت بعض القبائل عن الإسلام، وظهرت فتنة مسيلمة الكذاب. شارك الطفيل بن عمرو في قتال المرتدين في معركة اليمامة، وقاتل بشجاعة وبسالة حتى استشهد في سبيل الله. كان استشهاده خسارة كبيرة للمسلمين، فقد فقدوا فارسًا وشاعرًا وخطيبًا من خيرة رجالهم.
موقفه من الشعر
كان الطفيل بن عمرو شاعرًا فصيحًا، وكان يستخدم شعره في الدعوة إلى الإسلام، وفي الحث على الجهاد في سبيل الله. له العديد من القصائد التي تصف شجاعة المسلمين، وتحرضهم على قتال أعداء الله. كان شعره مؤثرًا في النفوس، وكان له دور كبير في نشر الإسلام بين قبائل العرب.
أثر الطفيل بن عمرو في الإسلام
ترك الطفيل بن عمرو أثرًا كبيرًا في الإسلام، فقد كان من السابقين إلى الإسلام، ومن الدعاة المخلصين الذين بذلوا جهودًا كبيرة في نشر الإسلام بين قبائل العرب. كان مثالًا للشجاعة والكرم والإخلاص، وكان له دور كبير في نصرة الإسلام. استشهاده في سبيل الله دليل على صدق إيمانه، وعلى حبه لله ورسوله.
أقوال مأثورة عن الطفيل بن عمرو
وردت أقوال كثيرة عن الطفيل بن عمرو، تدل على حكمته ورجاحة عقله، وعلى صدق إيمانه. من هذه الأقوال:
- “ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا.”
- “لا خير في قوم لا يتناصحون.”
- “العلم نور والجهل ظلام.”
- “خير الناس أنفعهم للناس.”
خاتمة
الطفيل بن عمرو الدوسي، صحابي جليل وشاعر فصيح، كان سيد قبيلة دوس في تهامة. أسلم في بداية الدعوة الإسلامية، وعاد إلى قومه داعيًا إلى الله، فأسلم على يديه الكثيرون. شارك في عدة غزوات في سبيل الله، واستشهد في معركة اليمامة. كان مثالًا للشجاعة والكرم والإخلاص، وكان له دور كبير في نصرة الإسلام ونشر قيمه. قصة حياته تُلهمنا الإخلاص للدين والعمل من أجله بكل ما نملك من قوة.