نشأتها وتعليمها
ولدت ستاره فرمانفرمائيان في طهران، إيران، في عام 1921، لعائلة قاجار الملكية. كان والدها، الأمير عبد الحسين ميرزا فرمانفرمائيان، سياسيًا بارزًا وشخصية مؤثرة في الحكومة الإيرانية. تلقت تعليمها المبكر في المنزل قبل أن تلتحق بمدرسة داخلية في سويسرا. بعد ذلك، سافرت إلى الولايات المتحدة لمتابعة تعليمها العالي، حيث حصلت على درجة البكالوريوس في علم الاجتماع من جامعة كاليفورنيا، بيركلي، في عام 1944، ودرجة الماجستير في العمل الاجتماعي من جامعة جنوب كاليفورنيا في عام 1947.
أثرت تجربة فرمانفرمائيان في الدراسة في الخارج بشكل كبير على وجهات نظرها حول المجتمع والعدالة الاجتماعية. تعرضت لأفكار جديدة حول الديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان، والتي ألهمتها للعودة إلى إيران والمساهمة في تطوير بلدها.
تأسيس العمل الاجتماعي في إيران
عند عودتها إلى إيران في أواخر الأربعينيات من القرن الماضي، صدمت فرمانفرمائيان من الفقر والظلم الاجتماعي المنتشرين في جميع أنحاء البلاد. أدركت الحاجة إلى نظام منظم للعمل الاجتماعي لمعالجة هذه القضايا، وقررت تكريس حياتها لتأسيس هذا النظام في إيران.
في عام 1958، أسست فرمانفرمائيان أول مدرسة للعمل الاجتماعي في إيران، والتي أصبحت فيما بعد كلية العمل الاجتماعي. كانت هذه المؤسسة رائدة في المنطقة، حيث قدمت تعليمًا وتدريبًا متخصصين للطلاب الذين يرغبون في أن يصبحوا عاملين اجتماعيين. لعبت الكلية دورًا حاسمًا في تطوير مهنة العمل الاجتماعي في إيران وتخريج أجيال من المهنيين الملتزمين بتحسين حياة المحتاجين.
لم يكن تأسيس مدرسة العمل الاجتماعي مهمة سهلة. واجهت فرمانفرمائيان مقاومة من بعض الدوائر المحافظة في المجتمع الإيراني، الذين اعتقدوا أن العمل الاجتماعي هو نشاط غير لائق للمرأة. ومع ذلك، ثابرت فرمانفرمائيان وتغلبت على هذه التحديات، وذلك بفضل دعم عائلتها وشبكة من الحلفاء الذين شاركوها رؤيتها.
مساهماتها في مجال العمل الاجتماعي
بالإضافة إلى تأسيس مدرسة العمل الاجتماعي، قدمت فرمانفرمائيان مساهمات كبيرة أخرى في مجال العمل الاجتماعي في إيران. لعبت دورًا فعالًا في تطوير برامج وخدمات اجتماعية مختلفة، مثل مراكز رعاية الأطفال ودور الأيتام ومراكز إعادة تأهيل المدمنين. عملت أيضًا على تعزيز حقوق المرأة والتعليم، ودافعت عن الإصلاحات القانونية التي تهدف إلى حماية النساء والأطفال.
كانت فرمانفرمائيان مؤمنة بشدة بأهمية العمل المجتمعي والمشاركة الشعبية في معالجة القضايا الاجتماعية. شجعت طلابها والعاملين الاجتماعيين على العمل عن كثب مع المجتمعات المحلية لتحديد احتياجاتهم وتطوير حلول مستدامة. كما أكدت على أهمية التعليم والتوعية في تغيير المواقف والسلوكيات التي تساهم في الظلم الاجتماعي.
عملت فرمانفرمائيان أيضًا كمستشارة للعديد من المنظمات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة واليونيسف، في قضايا العمل الاجتماعي والتنمية. شاركت في العديد من المؤتمرات والندوات الدولية، حيث قدمت خبرتها ورؤيتها حول التحديات والفرص التي تواجه مجال العمل الاجتماعي في العالم النامي.
منشوراتها
نشرت فرمانفرمائيان العديد من الكتب والمقالات حول العمل الاجتماعي والتنمية وحقوق المرأة. أشهر أعمالها هي مذكراتها “ابنة إيران: قصة ثورة”، التي نُشرت في عام 1992. يروي هذا الكتاب قصة حياتها المذهلة، من نشأتها في عائلة ملكية إلى عملها الرائد في مجال العمل الاجتماعي، وتحديات الثورة الإيرانية.
تلقت مذكرات فرمانفرمائيان استحسانًا واسعًا من النقاد والقراء على حد سواء. تم الإشادة بها لصدقها ورؤيتها وشغفها بالعدالة الاجتماعية. تُرجم الكتاب إلى عدة لغات وأصبح مصدر إلهام للعديد من الأشخاص حول العالم.
تشمل منشورات فرمانفرمائيان الأخرى:
- “العمل الاجتماعي في إيران: منظور تاريخي”
- “المرأة والتنمية في الشرق الأوسط”
- “حقوق الطفل في إيران”
حياتها في المنفى
أجبرت ستاره فرمانفرمائيان على مغادرة إيران بعد الثورة الإسلامية عام 1979. استقرت في الولايات المتحدة، حيث واصلت عملها في مجال العمل الاجتماعي والتنمية. قامت بالتدريس في العديد من الجامعات، بما في ذلك جامعة جنوب كاليفورنيا وجامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس. كما واصلت الكتابة والمحاضرة حول قضايا العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.
على الرغم من أنها كانت تعيش في المنفى، إلا أن فرمانفرمائيان لم تتوقف أبدًا عن الاهتمام بمستقبل إيران. ظلت على اتصال بالناشطين والمفكرين الإيرانيين، وعملت على تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان في بلدها الأم. كانت تؤمن إيمانًا راسخًا بأن إيران لديها القدرة على أن تصبح مجتمعًا عادلاً ومزدهرًا للجميع.
عاشت فرمانفرمائيان حياة مليئة بالإنجازات والتحديات. تغلبت على العديد من العقبات لتحقيق رؤيتها لعالم أكثر عدلاً وإنصافًا. تركت إرثًا دائمًا في مجال العمل الاجتماعي وحقوق المرأة، وسيظل عملها مصدر إلهام للأجيال القادمة.
الجوائز والتكريمات
حصلت ستاره فرمانفرمائيان على العديد من الجوائز والتكريمات لعملها الرائد في مجال العمل الاجتماعي وحقوق الإنسان، بما في ذلك:
- جائزة الخدمة المتميزة من الرابطة الوطنية للعاملين الاجتماعيين
- جائزة الإنجاز مدى الحياة من الرابطة الدولية لمدارس العمل الاجتماعي
- شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة جنوب كاليفورنيا
خاتمة
ستاره فرمانفرمائيان شخصية بارزة ورائدة في مجال العمل الاجتماعي في إيران والعالم. من خلال تأسيس أول مدرسة للعمل الاجتماعي في إيران، وتطوير برامج وخدمات اجتماعية مختلفة، والدفاع عن حقوق المرأة والتعليم، تركت فرمانفرمائيان إرثًا دائمًا سيستمر في إلهام الأجيال القادمة من العاملين الاجتماعيين والناشطين.