<![CDATA[
نشأته وتعليمه
ولد ويلبر شرام في ماريتا، أوهايو، ونشأ في ولاية إلينوي. حصل على درجة البكالوريوس من كلية ماريتا في عام 1928، ثم حصل على درجة الماجستير في الأدب الأمريكي من جامعة هارفارد في عام 1930، والدكتوراه في عام 1932. خلال فترة دراسته، أظهر شرام اهتمامًا كبيرًا بالكتابة والإعلام، مما دفعه إلى استكشاف تأثيرهما على المجتمع.
مسيرته المهنية
بدأ شرام مسيرته المهنية كأستاذ للغة الإنجليزية في جامعة إلينوي في عام 1934، حيث قام بتدريس الكتابة الإبداعية والصحافة. خلال فترة عمله في إلينوي، بدأ في استكشاف مجال الاتصالات بشكل أعمق، وأدرك أهمية فهم كيفية عمل وسائل الإعلام وكيف تؤثر على الجمهور. في عام 1943، انضم إلى مكتب المعلومات الحربية خلال الحرب العالمية الثانية، حيث عمل على تحليل الدعاية وتطوير استراتيجيات مضادة لها. هذه التجربة عززت اهتمامه بالاتصالات الجماهيرية وأقنعته بضرورة وجود دراسة علمية ومنظمة لهذا المجال.
بعد الحرب، عاد شرام إلى جامعة إلينوي وأسس أول معهد لأبحاث الاتصالات في عام 1947. كان هذا المعهد بمثابة مركز رائد للبحث والتدريب في مجال الاتصالات، وجذب باحثين وطلابًا من جميع أنحاء العالم. في عام 1955، انتقل شرام إلى جامعة ستانفورد وأسس معهد ستانفورد لأبحاث الاتصالات. استمر هذا المعهد في لعب دور مهم في تطوير مجال الاتصالات، وأجرى العديد من الدراسات الرائدة حول تأثير التلفزيون والإعلام الجديد على المجتمع.
بالإضافة إلى عمله الأكاديمي، عمل شرام كمستشار للعديد من المنظمات الحكومية والخاصة، بما في ذلك اليونسكو والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. قدم شرام المشورة حول قضايا الاتصال والتنمية في العديد من البلدان النامية، وساهم في تطوير استراتيجيات فعالة لنشر المعلومات وتعزيز التعليم.
مساهماته في مجال الاتصالات
قدم ويلبر شرام مساهمات كبيرة في مجال الاتصالات، سواء من خلال بحثه أو من خلال جهوده في إنشاء معاهد الاتصالات وتدريب الباحثين. من بين أهم مساهماته:
- تأسيس دراسات الاتصال كعلم أكاديمي: يعتبر شرام أحد الرواد الذين ساهموا في تأسيس دراسات الاتصال كعلم أكاديمي مستقل. لقد ساعد في تحديد المفاهيم الأساسية والنظريات والمناهج البحثية التي تشكل أساس هذا المجال.
- تطوير نماذج الاتصال: قام شرام بتطوير العديد من نماذج الاتصال التي ساعدت في فهم عملية الاتصال بشكل أفضل. من بين هذه النماذج نموذج شرام للاتصال الدائري، الذي يركز على التفاعل المستمر بين المرسل والمستقبل وأهمية التغذية الراجعة.
- دراسة تأثير وسائل الإعلام على الأطفال: كان شرام من أوائل الباحثين الذين درسوا تأثير وسائل الإعلام على الأطفال. أجرى العديد من الدراسات حول تأثير التلفزيون على سلوك الأطفال وتعليمهم، وساهم في تطوير استراتيجيات للحد من الآثار السلبية وتعزيز الآثار الإيجابية.
- التركيز على الاتصال في التنمية: أكد شرام على أهمية الاتصال في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. لقد دعا إلى استخدام وسائل الإعلام والاتصال لنشر المعلومات وتعزيز التعليم وتحسين الصحة في البلدان النامية.
أعماله الرئيسية
نشر ويلبر شرام العديد من الكتب والمقالات المؤثرة في مجال الاتصالات. من بين أهم أعماله:
- Mass Communications (1949): يعتبر هذا الكتاب من أوائل الكتب المدرسية في مجال الاتصالات الجماهيرية، وقد ساهم في تعريف الطلاب والباحثين بالمفاهيم الأساسية والنظريات الرئيسية في هذا المجال.
- The Process and Effects of Mass Communication (1954): يقدم هذا الكتاب نظرة شاملة على عملية الاتصال الجماهيري وتأثيراتها على الجمهور. يتناول الكتاب موضوعات مثل تأثير وسائل الإعلام على الرأي العام والسلوك الاجتماعي والثقافة.
- Television in the Lives of Our Children (1961): يستعرض هذا الكتاب نتائج دراسة واسعة النطاق حول تأثير التلفزيون على الأطفال. يقدم الكتاب توصيات للآباء والمعلمين حول كيفية استخدام التلفزيون بشكل فعال وتعزيز الآثار الإيجابية والحد من الآثار السلبية.
- Mass Media and National Development (1964): يناقش هذا الكتاب دور وسائل الإعلام في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلدان النامية. يقدم الكتاب استراتيجيات عملية لاستخدام وسائل الإعلام لنشر المعلومات وتعزيز التعليم وتحسين الصحة.
- Men, Messages, and Media: A Look at Human Communication (1973): يقدم هذا الكتاب نظرة عامة على عملية الاتصال الإنساني، ويتناول موضوعات مثل الاتصال اللفظي وغير اللفظي والاتصال بين الأشخاص والاتصال الجماهيري.
تأثيره وإرثه
كان لويلبر شرام تأثير كبير على مجال الاتصالات. لقد ساهم في تأسيس هذا المجال كعلم أكاديمي، وقام بتدريب العديد من الباحثين والمهنيين الذين أصبحوا قادة في هذا المجال. لا تزال أعماله تدرس وتقرأ على نطاق واسع حتى اليوم، ولا تزال أفكاره ونظرياته ذات صلة بقضايا الاتصال المعاصرة.
يعتبر شرام شخصية محورية في تاريخ دراسات الاتصال، وسيظل اسمه مرتبطًا بتطوير هذا المجال وتعزيز فهمنا لعملية الاتصال وتأثيراتها على المجتمع.
نموذج شرام للاتصال
يعد نموذج شرام للاتصال من أبرز النماذج التي قدمها ويلبر شرام لفهم عملية الاتصال. يتميز هذا النموذج بأنه يركز على التفاعل المستمر بين المرسل والمستقبل، وأهمية التغذية الراجعة في تعديل الرسالة وتحسين فهمها.
يتكون نموذج شرام من العناصر التالية:
- المرسل (Source): الشخص أو الجهة التي ترسل الرسالة.
- الرسالة (Message): المعلومات أو الأفكار التي يرغب المرسل في نقلها إلى المستقبل.
- الترميز (Encoding): عملية تحويل الأفكار والمعلومات إلى رموز قابلة للإرسال، مثل الكلمات أو الصور أو الأصوات.
- القناة (Channel): الوسيلة التي تنتقل من خلالها الرسالة من المرسل إلى المستقبل، مثل التلفزيون أو الراديو أو الإنترنت أو الاتصال الشخصي.
- فك الترميز (Decoding): عملية تحويل الرموز المستقبلة إلى أفكار ومعلومات مفهومة.
- المستقبل (Receiver): الشخص أو الجهة التي تستقبل الرسالة.
- التغذية الراجعة (Feedback): رد فعل المستقبل على الرسالة، والذي يمكن أن يكون لفظيًا أو غير لفظي.
- التشويش (Noise): أي عوامل خارجية أو داخلية تعيق عملية الاتصال وتؤثر على فهم الرسالة.
ما يميز نموذج شرام هو أنه يركز على أن الاتصال عملية دائرية ومستمرة، حيث يلعب المرسل والمستقبل أدوارًا متبادلة. فالمستقبل ليس مجرد متلق سلبي للرسالة، بل يشارك بنشاط في عملية الاتصال من خلال تقديم التغذية الراجعة. تساعد التغذية الراجعة المرسل على فهم كيف تم استقبال الرسالة، وتعديل الرسالة إذا لزم الأمر لتحسين فهمها.
كما يؤكد نموذج شرام على أهمية السياق في عملية الاتصال. ففهم الرسالة يعتمد على السياق الذي تم فيه إرسالها واستقبالها، بما في ذلك الخلفية الثقافية والاجتماعية للمرسل والمستقبل، والعلاقة بينهما، والظروف المحيطة بعملية الاتصال.
تطبيقات نموذج شرام
يمكن تطبيق نموذج شرام للاتصال في العديد من السياقات المختلفة، بما في ذلك:
- الاتصال الشخصي: فهم كيفية عمل الاتصال بين الأفراد، وتحسين مهارات الاستماع والتواصل.
- الاتصال الجماهيري: تحليل كيفية عمل وسائل الإعلام وتأثيرها على الجمهور، وتطوير استراتيجيات فعالة للإعلام والتسويق.
- الاتصال التنظيمي: تحسين الاتصال داخل المنظمات، وتعزيز التعاون والتنسيق بين الموظفين.
- الاتصال بين الثقافات: فهم الاختلافات الثقافية في أساليب الاتصال، وتطوير استراتيجيات فعالة للتواصل مع أشخاص من ثقافات مختلفة.
- الاتصال في التعليم: تحسين عملية التدريس والتعلم، وتطوير استراتيجيات فعالة لنقل المعرفة والمهارات إلى الطلاب.
بشكل عام، يعتبر نموذج شرام للاتصال أداة قيمة لفهم عملية الاتصال وتحسينها في مختلف السياقات. يساعد هذا النموذج على تحليل العوامل التي تؤثر على فعالية الاتصال، وتطوير استراتيجيات للتغلب على التحديات وتحقيق الأهداف المنشودة.
خاتمة
ويلبر شرام، رائد دراسات الاتصال، ترك إرثًا دائمًا من خلال تأسيس معاهد الاتصالات، وتطوير نماذج الاتصال، ودراسة تأثير وسائل الإعلام. ساهمت أعماله في تأسيس دراسات الاتصال كعلم أكاديمي مستقل، ولا تزال أفكاره ونظرياته ذات صلة بقضايا الاتصال المعاصرة.