مقدمة
الوثنية الجديدة هي حركة دينية وثنية حديثة نشأت في أواخر القرن العشرين، وتستند إلى إعادة بناء أو إحياء الديانات الوثنية الأوروبية قبل المسيحية. ظهرت الوثنية الجديدة في الولايات المتحدة في أوائل السبعينيات، وسرعان ما اكتسبت شعبية بين الأفراد الذين يبحثون عن بديل للديانات التقليدية.
أصول الوثنية الجديدة في الولايات المتحدة
تعود جذور الوثنية الجديدة في الولايات المتحدة إلى عدة مصادر، بما في ذلك:
- الحركة الوثنية الإنجليزية: في أوائل القرن العشرين، بدأت مجموعة من الأفراد في إنجلترا في استكشاف وإحياء الديانات الوثنية القديمة. كان من بين هؤلاء جيرالد غاردنر، الذي يعتبر مؤسس الويكا، وهي أحد أشكال الوثنية الجديدة الأكثر شيوعًا.
- الكتابات الأكاديمية: ساهمت الكتابات الأكاديمية حول الديانات الوثنية القديمة، مثل تلك الخاصة بجيمس فريزر ومارغريت موراي، في إثارة الاهتمام بالوثنية بين الجمهور العام.
- الحركات المضادة للثقافة: في الستينيات والسبعينيات، ظهرت حركات مضادة للثقافة تحدت القيم التقليدية والمؤسسات الدينية. جذبت الوثنية الجديدة الأفراد الذين يبحثون عن بديل للثقافة السائدة.
الانتشار المبكر في الولايات المتحدة
بدأت الوثنية الجديدة في الانتشار في الولايات المتحدة في أوائل السبعينيات، وذلك بفضل جهود عدد قليل من الأفراد والمنظمات. من بين هؤلاء:
- زيل رافينهار: وهو شخصية مؤثرة في حركة الوثنية الجديدة، قام بتأسيس كنيسة كل الأوائل (Church of All Worlds) في عام 1962، وهي منظمة تروج للوثنية البيئية.
- غوين طومبسون: وهي كاتبة وناشطة وثنية، لعبت دورًا مهمًا في نشر الوثنية في الولايات المتحدة من خلال كتاباتها وورش العمل التي قدمتها.
- منظمات الوثنية الجديدة: ظهرت العديد من المنظمات الوثنية الجديدة في السبعينيات والثمانينيات، والتي ساهمت في توفير الدعم والموارد للأفراد المهتمين بالوثنية.
أنواع الوثنية الجديدة في الولايات المتحدة
تتنوع أشكال الوثنية الجديدة في الولايات المتحدة، ويمكن تصنيفها إلى عدة أنواع رئيسية، بما في ذلك:
- الويكا (Wicca): وهي أحد أشكال الوثنية الجديدة الأكثر شيوعًا، وتركز على عبادة آلهة وألهات وتمارس السحر والشعائر الدينية.
- الوثنية الجرمانية (Germanic Heathenry): تركز على إعادة بناء الديانات الوثنية لشعوب جرمانية قديمة، مثل الإسكندنافيين والأنجلوسكسونيين. تشمل أشكال الوثنية الجرمانية الآسياترو (Ásatrú) والفولكيتري (Folketry).
- الدرودية (Druidry): تستند إلى الديانات الوثنية للكلت القدماء، وتركز على عبادة الطبيعة واحترام الحكمة القديمة.
- الوثنية الكميتية (Kemeticism): تسعى إلى إحياء الديانات الوثنية لمصر القديمة.
- الوثنية الإيكولوجية (Ecological Paganism): تركز على العلاقة بين الإنسان والطبيعة، وتعتبر الطبيعة مقدسة.
المعتقدات والممارسات
تختلف معتقدات وممارسات الوثنيين الجدد اختلافًا كبيرًا اعتمادًا على الشكل المحدد للوثنية التي يتبعونها. ومع ذلك، هناك بعض المعتقدات والممارسات المشتركة التي تشمل:
- تعدد الآلهة: يؤمن معظم الوثنيين الجدد بوجود العديد من الآلهة والألهات، الذين يمثلون جوانب مختلفة من الطبيعة والوجود.
- تبجيل الطبيعة: تعتبر الطبيعة مقدسة لدى العديد من الوثنيين الجدد، الذين يسعون إلى العيش في وئام مع البيئة.
- السحر والشعائر: يمارس العديد من الوثنيين الجدد السحر والشعائر الدينية للتواصل مع الآلهة والألهات، ولتحقيق أهداف معينة.
- الاحتفال بالأعياد: يحتفل الوثنيون الجدد بالعديد من الأعياد التي تعتمد على دورات الطبيعة، مثل الانقلاب الشتوي والانقلاب الصيفي.
- أهمية التجربة الشخصية: يولي الوثنيون الجدد أهمية كبيرة للتجربة الشخصية في الدين، ويعتقدون أن الأفراد يجب أن يكونوا قادرين على استكشاف وتطوير معتقداتهم الخاصة.
التحديات والقضايا
تواجه الوثنية الجديدة في الولايات المتحدة العديد من التحديات والقضايا، بما في ذلك:
- الوصم والتمييز: غالبًا ما يتعرض الوثنيون الجدد للوصم والتمييز بسبب معتقداتهم الدينية غير التقليدية.
- المفاهيم الخاطئة: هناك العديد من المفاهيم الخاطئة حول الوثنية الجديدة، مثل الاعتقاد بأنها مرتبطة بالشيطانية أو أنها مجرد بدعة عابرة.
- التحديات التنظيمية: تواجه المنظمات الوثنية الجديدة تحديات في تنظيم نفسها وتمثيل مصالح أعضائها.
- الجدل الداخلي: هناك جدل داخلي في حركة الوثنية الجديدة حول قضايا مثل التوجه السياسي، والعلاقة مع الديانات الأخرى، وتعريف “الوثنية الحقيقية”.
الوضع الحالي والمستقبل
تستمر الوثنية الجديدة في النمو في الولايات المتحدة، حيث يجذب المزيد من الأفراد الذين يبحثون عن بديل للديانات التقليدية. تلعب الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي دورًا مهمًا في نشر المعلومات حول الوثنية الجديدة وتوفير منصة للأفراد للتواصل مع بعضهم البعض. من المتوقع أن تستمر الوثنية الجديدة في التطور والتنوع في المستقبل، مع ظهور أشكال جديدة من الوثنية واستمرار المناقشات حول القضايا الداخلية.
تأثير الوثنية الجديدة على الثقافة الأمريكية
على الرغم من أن الوثنية الجديدة لا تزال حركة دينية صغيرة نسبيًا، إلا أنها بدأت في التأثير على الثقافة الأمريكية بطرق مختلفة:
- الوعي البيئي: ساهمت الوثنية الجديدة في زيادة الوعي البيئي وتشجيع الممارسات المستدامة.
- النسوية: لعبت الوثنية الجديدة دورًا في تعزيز النسوية من خلال الاحتفاء بالألهات وتمكين المرأة في الدين.
- التنوع الديني: ساهمت الوثنية الجديدة في زيادة التنوع الديني في الولايات المتحدة وتعزيز التسامح مع المعتقدات الدينية المختلفة.
- الفن والأدب: ألهمت الوثنية الجديدة العديد من الفنانين والكتاب لإنشاء أعمال فنية وأدبية تستكشف themes الوثنية.
خاتمة
الوثنية الجديدة في الولايات المتحدة هي حركة دينية متنوعة ومتنامية تستند إلى إعادة بناء أو إحياء الديانات الوثنية الأوروبية القديمة. تواجه الوثنية الجديدة العديد من التحديات والقضايا، ولكنها تواصل التأثير على الثقافة الأمريكية بطرق مختلفة. من المتوقع أن تستمر الوثنية الجديدة في التطور والتنوع في المستقبل، حيث يجذب المزيد من الأفراد الذين يبحثون عن بديل للديانات التقليدية.