التصميم والتطوير
بدأ تطوير بي في 246 في عام 1943 استجابةً لطلب من وزارة طيران الرايخ (Reichsluftfahrtministerium) للحصول على سلاح جو-أرض بعيد المدى. كان الهدف هو إنشاء قنبلة يمكن إطلاقها من مسافة آمنة خارج نطاق معظم الدفاعات الجوية المتحالفة، مما يزيد من فرص بقاء الطائرات الألمانية التي تحملها.
كان ريتشارد فوغت، كبير المصممين في بلوم+فوس، مسؤولاً عن تصميم بي في 246. اعتمد التصميم على مبادئ الديناميكا الهوائية المتقدمة لضمان أقصى قدر من الانزلاق والاستقرار. تميزت القنبلة بجسم طويل ونحيف وأجنحة عالية النسبة الباعية، مما يمنحها نسبة رفع إلى سحب ممتازة.
كانت إحدى الميزات الفريدة لـ بي في 246 هي هيكلها المصنوع بالكامل من الخشب الرقائقي. كان هذا بسبب نقص المعادن الاستراتيجية في ألمانيا خلال الحرب. تم استخدام الخشب الرقائقي لأنه كان مادة وفيرة نسبيًا وسهلة التصنيع، كما أنه قدم قوة هيكلية كافية للغرض المقصود.
تم توجيه بي في 246 باستخدام نظام توجيه بالقصور الذاتي بسيط. قبل الإطلاق، سيتم إدخال إحداثيات الهدف في القنبلة. بعد الإطلاق، ستستخدم القنبلة بوصلة جيروسكوبية ومقياس تسارع للحفاظ على مسارها نحو الهدف. ومع ذلك، كان النظام بدائيًا نسبيًا وعرضة للأخطاء، مما أثر على دقة القنبلة.
الخصائص التقنية
- الطول: 11.25 متر
- باع الجناح: 6.4 متر
- الوزن الإجمالي: 2170 كجم
- وزن الرأس الحربي: 435 كجم
- المدى: يصل إلى 210 كم
- السرعة: حوالي 900 كم/ساعة
التاريخ التشغيلي
على الرغم من وعدها، لم يتم استخدام بي في 246 على نطاق واسع في العمليات القتالية. واجه البرنامج العديد من التأخيرات بسبب مشاكل التطوير وصعوبات الإنتاج. بحلول الوقت الذي كانت فيه القنبلة جاهزة للخدمة، كانت الحرب تقترب من نهايتها، وكان لدى ألمانيا موارد محدودة لنشرها بفعالية.
تم إجراء عدد قليل من عمليات النشر التجريبية لـ بي في 246، ولكن كانت النتائج مختلطة. أثبتت القنبلة قدرتها على الوصول إلى مسافات طويلة، لكن دقتها كانت أقل من المرغوب فيه. في ظل الظروف المثالية، يمكن أن تسقط القنبلة على بعد بضع مئات من الأمتار من هدفها المقصود، ولكن هذا كان غير مقبول بالنسبة للعديد من التطبيقات العسكرية.
علاوة على ذلك، كانت بي في 246 عرضة للتشويش الإلكتروني. يمكن أن تتداخل أنظمة الرادار والراديو المتحالفة مع نظام التوجيه الخاص بالقنبلة، مما يتسبب في انحرافها عن مسارها. جعل هذا القنبلة أقل فعالية ضد الأهداف المحمية بشكل جيد.
النماذج المختلفة
خلال عملية التطوير، تم اقتراح العديد من المتغيرات من بي في 246. وشملت هذه:
- بي في 246 بي: نسخة مزودة بنظام توجيه أكثر تقدما يعتمد على الرادار.
- بي في 246 سي: نسخة مصممة للإطلاق من الغواصات.
- بي في 246 دي: نسخة أكبر ذات مدى أطول ورأس حربي أكبر.
ومع ذلك، لم يتم تطوير أي من هذه المتغيرات بالكامل قبل نهاية الحرب.
تأثيرها وإرثها
على الرغم من أنها لم يكن لها تأثير كبير على الحرب، إلا أن بي في 246 كانت مثالًا مهمًا على الجهود الألمانية لتطوير أسلحة متقدمة. أظهرت القنبلة إمكانية استخدام أسلحة موجهة بعيدة المدى لضرب الأهداف من مسافة آمنة. وقد ألهمت أيضًا أعمال التطوير المستقبلية في مجال تكنولوجيا الصواريخ الموجهة.
بعد الحرب، تم فحص بي في 246 من قبل القوات المتحالفة. تم استخدام التصميم والتقنية كأساس لتطوير أسلحة موجهة جديدة في الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي.
القيمة التاريخية
تمثل قنبلة بلوم+فوس بي في 246 شهادة على براعة المهندسين والعلماء الألمان خلال الحرب العالمية الثانية. على الرغم من محدودية الموارد والقيود التكنولوجية، تمكنوا من تطوير سلاح مبتكر كان متقدمًا على عصره. تذكرنا القنبلة أيضًا بأهوال الحرب وأهمية استخدام التكنولوجيا لأغراض سلمية.
أوجه القصور والعيوب
على الرغم من تصميمها المبتكر، عانت بي في 246 من عدة أوجه قصور:
- الدقة: نظام التوجيه البدائي أدى إلى دقة محدودة، مما جعلها غير فعالة ضد الأهداف الصغيرة أو المتحركة.
- التشويش: عرضة للتشويش الإلكتروني من قبل قوات الحلفاء، مما يقلل من فعاليتها في البيئات القتالية.
- صعوبات الإنتاج: استخدام الخشب الرقائقي، على الرغم من أنه ضروري بسبب نقص المواد، أدى إلى مشاكل في الإنتاج والتصنيع.
- التأخير: التأخير في التطوير والإنتاج منعها من أن يكون لها تأثير كبير على الحرب.
أدت هذه العيوب إلى تقييد فعاليتها التشغيلية واستخدامها المحدود.
مقارنة مع الأسلحة المماثلة
عند مقارنتها بأسلحة موجهة أخرى تم تطويرها خلال الحرب العالمية الثانية، فإن بي في 246 كانت فريدة من نوعها في تصميمها ومفهومها. على سبيل المثال:
- في-1 الطائرة المقاتلة: على عكس الفي-1، التي كانت طائرة انتحارية ذاتية الدفع، كانت البي في 246 قنبلة انزلاقية غير مزودة بالطاقة، مما يعني أنها اعتمدت على الطائرة الحاملة لإيصالها إلى الهدف.
- فریتز-إكس: على عكس فریتز-إکس التي كانت قنبلة موجهة لاسلكيًا، استخدمت البي في 246 نظام توجيه بالقصور الذاتي، والذي كان أقل دقة ولكنه أقل عرضة للتشويش.
- هينشل إتش إس 293: كانت قنبلة صاروخية موجهة، بينما البي في 246 كانت قنبلة انزلاقية غير مزودة بالطاقة.
كان لكل من هذه الأسلحة نقاط قوتها وضعفها، لكن البي في 246 تميزت بنطاقها الطويل وتصميمها المبتكر.
خاتمة
تعتبر بلوم+فوس بي في 246 هاجل كورن قنبلة انزلاقية موجهة متقدمة طورتها ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية. على الرغم من تصميمها المبتكر واستخدامها للخشب الرقائقي بسبب نقص المواد، إلا أنها عانت من مشاكل في الدقة والتشويش وصعوبات الإنتاج. لم يتم استخدامها على نطاق واسع في العمليات القتالية، ولكنها أظهرت إمكانية استخدام أسلحة موجهة بعيدة المدى وألهمت أعمال التطوير المستقبلية في مجال تكنولوجيا الصواريخ الموجهة.