الأسباب الرئيسية للكساد الاقتصادي
هناك عدة عوامل ساهمت في حدوث الكساد الاقتصادي في الفترة 1937-1938. وتشمل هذه العوامل:
- تشديد السياسة النقدية: في عام 1936 و1937، بدأ الاحتياطي الفيدرالي في تشديد السياسة النقدية عن طريق زيادة متطلبات الاحتياطي للبنوك. كان الهدف من ذلك هو الحد من التضخم ومنع المضاربة المفرطة. ومع ذلك، كان لهذا الإجراء تأثير غير مقصود يتمثل في تقليل المعروض النقدي المتاح للبنوك لتقديمه كقروض، مما أدى بدوره إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي.
- خفض الإنفاق الحكومي: استجابة للمخاوف بشأن تزايد الدين العام، خفضت إدارة روزفلت الإنفاق الحكومي في عام 1937. وشمل ذلك تخفيضات في برامج الأشغال العامة التي كانت تهدف إلى توفير فرص عمل وتحفيز الاقتصاد. أدى هذا التخفيض في الإنفاق الحكومي إلى تقليل الطلب الكلي في الاقتصاد، مما أدى إلى تفاقم الكساد الاقتصادي.
- زيادة الضرائب: بالإضافة إلى خفض الإنفاق، رفعت الحكومة أيضًا الضرائب في عام 1936 و1937. كان الهدف من ذلك هو زيادة الإيرادات وتقليل العجز في الميزانية. ومع ذلك، كان لهذه الزيادة في الضرائب تأثير سلبي على الاستهلاك والاستثمار، حيث كان لدى الأفراد والشركات أموال أقل لإنفاقها أو استثمارها.
- مشاكل العرض: في عام 1936، شهدت الولايات المتحدة جفافًا شديدًا أثر على المحاصيل الزراعية. أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانخفاض الدخل الزراعي. أدى هذا الأمر بدوره إلى تقليل الطلب من القطاع الزراعي على السلع والخدمات الأخرى، مما ساهم في الانكماش الاقتصادي.
- إضرابات العمال: شهدت الفترة 1936-1937 زيادة في نشاط العمال وإضراباتهم. أدت هذه الإضرابات إلى تعطيل الإنتاج وتقليل المعروض من السلع والخدمات. كما أدت إلى زيادة حالة عدم اليقين في الاقتصاد، مما ثبط الاستثمار والإنفاق.
تأثير الكساد الاقتصادي
كان للكساد الاقتصادي للفترة 1937-1938 تأثير كبير على الاقتصاد الأمريكي والمجتمع. وتشمل بعض الآثار الرئيسية:
- ارتفاع معدلات البطالة: ارتفعت معدلات البطالة بشكل حاد خلال الكساد الاقتصادي. في عام 1937، كان معدل البطالة حوالي 14.3٪. بحلول عام 1938، ارتفع إلى 19.0٪. أدى هذا الارتفاع في البطالة إلى صعوبات اقتصادية واسعة النطاق للأفراد والعائلات.
- انخفاض الناتج الاقتصادي: انخفض الناتج المحلي الإجمالي (GDP) بنسبة كبيرة خلال الكساد الاقتصادي. في عام 1938، انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.3٪. يشير هذا الانخفاض في الناتج الاقتصادي إلى انخفاض كبير في إنتاج السلع والخدمات.
- انخفاض الاستثمار: انخفض الاستثمار بشكل حاد خلال الكساد الاقتصادي. كان ذلك بسبب حالة عدم اليقين السائدة في الاقتصاد وانخفاض الطلب على السلع والخدمات. أدى انخفاض الاستثمار إلى تفاقم الانكماش الاقتصادي وأعاق التعافي.
- إفلاس الشركات: أدى الكساد الاقتصادي إلى إفلاس العديد من الشركات، وخاصة الشركات الصغيرة. لم تتمكن هذه الشركات من تحمل الانخفاض في الطلب وارتفاع تكاليف التشغيل. أدى إفلاس الشركات إلى فقدان الوظائف وزيادة الصعوبات الاقتصادية.
- زيادة الفقر: أدى الكساد الاقتصادي إلى زيادة الفقر واليأس. عانى العديد من الأفراد والعائلات من صعوبة تلبية احتياجاتهم الأساسية. أدى ذلك إلى زيادة الاعتماد على المساعدة الحكومية والمنظمات الخيرية.
استجابة الحكومة للكساد الاقتصادي
استجابت الحكومة للكساد الاقتصادي للفترة 1937-1938 بعدة طرق. وتشمل هذه الطرق:
- زيادة الإنفاق الحكومي: في عام 1938، بدأت إدارة روزفلت في زيادة الإنفاق الحكومي لتحفيز الاقتصاد. وشمل ذلك زيادة الإنفاق على برامج الأشغال العامة والمشاريع الأخرى التي تهدف إلى توفير فرص عمل.
- تخفيض الضرائب: بالإضافة إلى زيادة الإنفاق، خفضت الحكومة أيضًا الضرائب في عام 1938. كان الهدف من ذلك هو زيادة الدخل المتاح للأفراد والشركات وتشجيع الإنفاق والاستثمار.
- تخفيف السياسة النقدية: عكس الاحتياطي الفيدرالي مساره وبدأ في تخفيف السياسة النقدية في عام 1938. وشمل ذلك خفض متطلبات الاحتياطي للبنوك وزيادة المعروض النقدي. كان الهدف من ذلك هو تشجيع الإقراض والاستثمار.
- برامج الإغاثة: واصلت الحكومة تقديم برامج إغاثة للأفراد والعائلات المحتاجة. وشمل ذلك برامج مثل إدارة تقدم الأشغال (WPA) وإدارة شباب الوطنية (NYA).
التعافي من الكساد الاقتصادي
بدأ الاقتصاد يتعافى من الكساد الاقتصادي في منتصف عام 1938. ساعدت استجابة الحكومة، إلى جانب عوامل أخرى، في تحسين الظروف الاقتصادية. ومع ذلك، كان التعافي بطيئًا وغير متساوٍ. لم يعد الاقتصاد إلى مستويات ما قبل الكساد الاقتصادي حتى بداية الحرب العالمية الثانية.
الدروس المستفادة من الكساد الاقتصادي
يقدم الكساد الاقتصادي للفترة 1937-1938 دروسًا قيمة حول الاقتصاد وصنع السياسات. وتشمل بعض الدروس الرئيسية:
- أهمية السياسة النقدية: يمكن أن يكون للسياسة النقدية تأثير كبير على الاقتصاد. يمكن أن يؤدي تشديد السياسة النقدية إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، في حين أن تخفيف السياسة النقدية يمكن أن يحفز النمو الاقتصادي.
- أهمية السياسة المالية: يمكن أن يكون للسياسة المالية أيضًا تأثير كبير على الاقتصاد. يمكن أن يؤدي الإنفاق الحكومي إلى تحفيز النمو الاقتصادي، في حين أن تخفيض الإنفاق الحكومي يمكن أن يبطئ النمو الاقتصادي.
- أهمية الاستقرار المالي: يمكن أن يؤدي عدم الاستقرار المالي إلى الركود الاقتصادي. من المهم أن تنظم الحكومة النظام المالي وأن تتخذ خطوات لمنع المضاربة المفرطة.
- أهمية شبكات الأمان الاجتماعي: يمكن لشبكات الأمان الاجتماعي أن توفر الدعم للأفراد والعائلات المحتاجة خلال فترات الركود الاقتصادي. يمكن أن تساعد هذه الشبكات في منع الفقر واليأس.
مقارنة مع الكساد الكبير
من الضروري فهم كيف كان الكساد الاقتصادي للفترة 1937-1938 مختلفًا عن الكساد الكبير وكيف ارتبط به. في حين أن الكساد الكبير كان فترة طويلة من الانكماش الاقتصادي بدأت في عام 1929، كان الكساد الاقتصادي للفترة 1937-1938 انكماشًا حادًا وقصير الأجل حدث في غضون الكساد الكبير الأوسع. يمكن اعتبار الكساد الاقتصادي للفترة 1937-1938 بمثابة “ركود داخل ركود”.
كانت إحدى السمات المميزة للكساد الكبير هي انخفاض الطلب الكلي المستمر. لم يكن لدى المستهلكين والشركات أموال كافية لإنفاقها أو استثمارها، مما أدى إلى انخفاض الإنتاج والعمالة. من ناحية أخرى، كان الكساد الاقتصادي للفترة 1937-1938 مدفوعًا بمجموعة من العوامل، بما في ذلك التغيرات في السياسة النقدية والمالية، فضلاً عن صدمات العرض.
علاوة على ذلك، كان للكساد الكبير تأثير عميق على النظام المالي. أدى الإفلاس المصرفي وتخلف المدينين عن السداد إلى أزمة ائتمانية شديدة، مما جعل الأمر صعبًا على الشركات والأفراد اقتراض الأموال. في حين أن الكساد الاقتصادي للفترة 1937-1938 تسبب أيضًا في ضائقة مالية، إلا أنه لم يكن بنفس شدة الأزمة التي حدثت خلال الكساد الكبير.
من حيث الاستجابات السياسية، تميز الكساد الكبير بتدخل حكومي كبير في الاقتصاد. نفذت إدارة روزفلت سلسلة من البرامج المعروفة باسم الصفقة الجديدة، والتي تهدف إلى توفير الإغاثة والانتعاش والإصلاح. شملت هذه البرامج الأشغال العامة والإغاثة الزراعية والإصلاحات المالية. لعبت الاستجابة للكساد الاقتصادي للفترة 1937-1938 أيضًا دورًا حكوميًا، ولكنها كانت أقل شمولاً من الصفقة الجديدة.
خاتمة
كان الكساد الاقتصادي للفترة 1937-1938 انتكاسة اقتصادية كبيرة حدثت خلال الكساد الكبير في الولايات المتحدة. كان مدفوعًا بمجموعة من العوامل، بما في ذلك تشديد السياسة النقدية، وخفض الإنفاق الحكومي، وزيادة الضرائب، ومشاكل العرض، وإضرابات العمال. كان للكساد الاقتصادي تأثير كبير على الاقتصاد الأمريكي والمجتمع، مما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض الناتج الاقتصادي، وانخفاض الاستثمار، وإفلاس الشركات، وزيادة الفقر. استجابت الحكومة للكساد الاقتصادي بزيادة الإنفاق الحكومي، وتخفيض الضرائب، وتخفيف السياسة النقدية، وبرامج الإغاثة. بدأ الاقتصاد يتعافى من الكساد الاقتصادي في منتصف عام 1938، ولكن التعافي كان بطيئًا وغير متساوٍ. يقدم الكساد الاقتصادي دروسًا قيمة حول الاقتصاد وصنع السياسات، بما في ذلك أهمية السياسة النقدية، وأهمية السياسة المالية، وأهمية الاستقرار المالي، وأهمية شبكات الأمان الاجتماعي.