مقدمة
آن برونتي (بالإنجليزية: Anne Brontë) (17 يناير 1820 – 28 مايو 1849) روائية وشاعرة إنجليزية، وهي الأصغر بين الأخوات برونتي الثلاث: شارلوت، وإيميلي، وآن. كتبت تحت الاسم المستعار أكتون بيل. اشتهرت بروايتيها: أغنيس غراي (Agnes Grey)، ونزيل قاعة ويلدفيل (The Tenant of Wildfell Hall)، اللتين تناولتا مواضيع جريئة وغير تقليدية في الأدب الفيكتوري.
حياتها المبكرة وتعليمها
ولدت آن برونتي في قرية ثورنتون، غرب يوركشاير، بإنجلترا. كانت الطفلة السادسة والأصغر للقس الأيرلندي باتريك برونتي وزوجته ماريا برانويل. في عام 1821، انتقلت العائلة إلى هاورث بعد أن عُين والدها قسًا دائمًا هناك. بعد وفاة والدة آن في وقت لاحق من ذلك العام بسبب سرطان الرحم، تولت أختها الكبرى إليزابيث مسؤولية تربيتها مع بقية أشقائها.
في عام 1824، أُرسلت آن مع شقيقاتها إيميلي وشارلوت إلى مدرسة كوان بريدج للبنات، وهي مؤسسة داخلية مخصصة لبنات رجال الدين ذوي الدخل المحدود. كانت الظروف في المدرسة قاسية وغير صحية، مما أثر سلبًا على صحة الفتيات. بعد وقت قصير، توفيت أختها الكبرى ماريا بسبب مرض السل، وعادت شارلوت وإيميلي إلى المنزل. يعتقد الكثيرون أن تجارب شارلوت في كوان بريدج أثرت في تصويرها لمدرسة لوود في روايتها الشهيرة جين آير.
تلقت آن تعليمها في المنزل تحت إشراف عمتها إليزابيث برانويل، التي انتقلت للعيش مع العائلة بعد وفاة الأم. استمتعت آن بالقراءة والكتابة، وكانت شغوفة بالموسيقى والرسم. بالإضافة إلى ذلك، تعلمت العزف على البيانو والغيتار، وكانت موهوبة في الرسم بالألوان المائية.
بداية مسيرتها الأدبية
بدأت آن الكتابة في سن مبكرة، حيث كانت تؤلف القصص والقصائد مع شقيقتيها شارلوت وإيميلي. ابتكرت الأخوات عالمًا خياليًا سمي “غوندال”، حيث تدور فيه أحداث قصصهن وشعرهن. على الرغم من أن تفاصيل عالم غوندال لم تُكشف بالكامل، إلا أنه لعب دورًا هامًا في تطوير مهاراتهن الأدبية.
في عام 1846، نشرت الأخوات برونتي ديوانًا شعريًا مشتركًا تحت أسماء مستعارة ذكورية: كوراير وإيلي وأكتون بيل. لم يحقق الديوان نجاحًا كبيرًا، ولكنه كان بمثابة نقطة انطلاق لمسيرتهن الأدبية.
أغنيس غراي
في عام 1847، نشرت آن برونتي روايتها الأولى أغنيس غراي تحت الاسم المستعار أكتون بيل. تتناول الرواية حياة أغنيس، وهي مربية شابة تعمل في عائلتين ثريتين، وتواجه العديد من الصعوبات والتحديات. تُعتبر الرواية تصويرًا واقعيًا لحياة المربيات في العصر الفيكتوري، وتسلط الضوء على الظروف القاسية التي كن يعملن فيها.
تميزت أغنيس غراي بأسلوبها البسيط والواقعي، وركزت على الجوانب النفسية والعاطفية للشخصيات. على الرغم من أنها لم تحظ بنفس الشهرة التي حظيت بها روايات شقيقتيها، إلا أنها لاقت استحسان النقاد الذين أشادوا بصدقها وتأثيرها العاطفي.
نزيل قاعة ويلدفيل
في عام 1848، نشرت آن برونتي روايتها الثانية والأكثر شهرة نزيل قاعة ويلدفيل. تحكي الرواية قصة هيلين غراهام، وهي امرأة غامضة تنتقل للعيش في قاعة ويلدفيل مع ابنها الصغير. تثير هيلين فضول سكان المنطقة، وتنتشر الشائعات حول ماضيها. تكشف الرواية عن قصة زواجها التعيس من آرثر هنتينغدون، وهو مدمن كحول وعنيف، وكيف هربت منه لحماية ابنها.
أثارت نزيل قاعة ويلدفيل جدلاً واسعًا عند نشرها بسبب تناولها الصريح لمواضيع مثل العنف المنزلي وإدمان الكحول. اعتبرها البعض رواية جريئة وغير أخلاقية، بينما رأى فيها آخرون عملًا فنيًا هامًا يسلط الضوء على معاناة المرأة في المجتمع الفيكتوري. حققت الرواية نجاحًا تجاريًا كبيرًا، وأصبحت من أكثر روايات آن برونتي قراءة وشهرة.
مواضيع وأسلوب كتابتها
تميزت كتابات آن برونتي بالواقعية والصدق، وتناولت مواضيع جريئة وغير تقليدية في الأدب الفيكتوري. اهتمت برونتي بتصوير معاناة المرأة في المجتمع، وكشفت عن الظروف القاسية التي كانت تعيش فيها. كما تناولت قضايا مثل الظلم الاجتماعي، والفقر، وإدمان الكحول، والعنف المنزلي.
كانت برونتي تتمتع بأسلوب كتابة بسيط وواضح، وركزت على الجوانب النفسية والعاطفية للشخصيات. تميزت رواياتها بالعمق والتحليل النفسي، وقدمت صورة واقعية للمجتمع الإنجليزي في القرن التاسع عشر.
وفاتها وإرثها
توفيت آن برونتي في 28 مايو 1849، عن عمر يناهز 29 عامًا، بسبب مرض السل. دُفنت في مقبرة كنيسة سانت ماري في سكاربورو، يوركشاير. بعد وفاتها، منعت شقيقتها شارلوت إعادة نشر نزيل قاعة ويلدفيل، معتبرة أنها رواية غير لائقة وغير مناسبة.
على الرغم من حياتها القصيرة، تركت آن برونتي إرثًا أدبيًا هامًا. تُعتبر رواياتها من الأعمال الكلاسيكية في الأدب الإنجليزي، ولا تزال تحظى بشعبية كبيرة حتى اليوم. تُرجمت أعمالها إلى العديد من اللغات، وتُدرس في الجامعات والمدارس حول العالم. تُعد آن برونتي من أهم الروائيات الإنجليزيات في القرن التاسع عشر، وقد ساهمت في تطوير الأدب النسوي والواقعي.
خاتمة
آن برونتي، الأصغر بين الأخوات برونتي، روائية وشاعرة إنجليزية تميزت بجرأتها وواقعيتها في تصوير المجتمع الفيكتوري. على الرغم من حياتها القصيرة، تركت إرثًا أدبيًا هامًا برواياتها أغنيس غراي ونزيل قاعة ويلدفيل، اللتين تناولتا مواضيع جريئة وغير تقليدية، ولا تزالان تحظيان بتقدير كبير حتى اليوم.