تاريخ المتحف
تم تصميم المتحف الوطني لكمبوديا من قبل المؤرخ وعالم الآثار الفرنسي جورج جروسليه، وهو أيضًا من قام بتصميمه. تم وضع حجر الأساس للمتحف في 15 أغسطس 1917. بعد حوالي ثلاث سنوات اكتمل المتحف، وتم افتتاحه رسميًا في 13 أبريل 1920 خلال أيام عيد رأس السنة الخميرية. كان يسمى في الأصل “Musée Albert Sarraut”، على اسم الحاكم العام للهند الصينية آنذاك.
تم تصميم المتحف ليكون بمثابة ملاذ للتحف الأثرية التي تم جمعها من جميع أنحاء كمبوديا. كان جروسليه أول أمين للمتحف، ولعب دورًا حاسمًا في جمع وتنظيم المعروضات الأولية. لقد سعى جاهداً لتمثيل الفن والثقافة الخميرية بطريقة تعكس تراث البلاد الغني.
خلال الحرب العالمية الثانية، تم إغلاق المتحف لحماية مجموعته من القصف المحتمل. أُعيد فتحه في عام 1945. في الستينيات، خضع المتحف لتجديدات وتوسعات كبيرة تحت إشراف عالم الآثار جان بويسيلييه. ومع ذلك، أدى اندلاع الحرب الأهلية الكمبودية في أوائل السبعينيات إلى فترة من عدم اليقين والاضطرابات.
تحت حكم الخمير الحمر (1975-1979)، أُهمل المتحف الوطني وتعرض للتخريب. تم إعدام العديد من موظفيه، وتم تدمير أو سرقة العديد من القطع الأثرية. بعد سقوط نظام الخمير الحمر في عام 1979، بدأ المتحف عملية ترميم وتجديد تدريجية بدعم من الحكومات والمنظمات الأجنبية.
هندسة المتحف
يعتبر تصميم المتحف الوطني الكمبودي مثالًا رائعًا على العمارة الخميرية التقليدية. تم تصميمه من قبل جورج جروسليه بالتعاون مع مهندس معماري كمبودي، وتم تصميمه ليشبه معبدًا كمبوديًا تقليديًا. يتميز المتحف بسقف من القرميد الأحمر وفناء مركزي، مع سلسلة من المعارض المتصلة المحيطة بالفناء. يدمج التصميم عناصر من كل من الأساليب الخميرية والفرنسية، مما يخلق مزيجًا فريدًا ومتناغمًا.
تم بناء المتحف من الحجر الرملي، وهو مادة شائعة الاستخدام في العمارة الخميرية. يزين واجهة المتحف منحوتات وتصميمات معقدة مستوحاة من الأساطير الكمبودية. يحيط بالمتحف حديقة مورقة، مما يزيد من جاذبيته الجمالية.
تم تصميم الفناء المركزي ليكون بمثابة مساحة هادئة للتأمل. يضم مجموعة متنوعة من النباتات والأشجار، بالإضافة إلى عدد قليل من المنحوتات الصغيرة. غالبًا ما يستخدم الفناء للمناسبات الثقافية والعروض.
مقتنيات المتحف
يضم المتحف الوطني لكمبوديا مجموعة واسعة من القطع الأثرية التي تغطي فترة طويلة من التاريخ الكمبودي، من عصور ما قبل التاريخ إلى ما بعد الإمبراطورية الأنغورية. وتنقسم المجموعة إلى عدة أقسام، بما في ذلك النحت، والخزف، والبرونز، والإثنوغرافيا.
- النحت: يضم المتحف مجموعة رائعة من المنحوتات الخميرية، بما في ذلك أمثلة من فترات ما قبل أنغكور وأنغكور وما بعد أنغكور. تشمل المنحوتات آلهة هندوسية وبوذية وشخصيات أسطورية ومشاهد من الحياة اليومية.
- الخزف: تعرض مجموعة الخزف في المتحف تطور الفن الخزفي الكمبودي عبر التاريخ. تشمل المجموعة أواني مزخرفة ومزهريات وأشياء جنائزية.
- البرونز: يضم المتحف مجموعة كبيرة من البرونز، بما في ذلك تماثيل الآلهة والأباطرة والحيوانات. تم استخدام البرونز على نطاق واسع في الفن الخميري، وكانت التحف البرونزية في المتحف شهادة على مهارة الحرفيين الخمير.
- الإثنوغرافيا: تعرض مجموعة الإثنوغرافيا في المتحف ثقافة وتقاليد مختلف المجموعات العرقية في كمبوديا. تشمل المجموعة أزياء ومجوهرات وأدوات موسيقية وأشياء أخرى تستخدم في الحياة اليومية.
من بين أهم المعروضات في المتحف تمثال فيشنو من القرن السادس، وتمثال جايابارمان السابع من القرن الثاني عشر، وعدد من التماثيل البوذية من فترة أنغكور.
أهمية المتحف
المتحف الوطني لكمبوديا ليس مجرد مستودع للتحف، ولكنه أيضًا رمز للهوية الوطنية الكمبودية. إنه يلعب دورًا حيويًا في الحفاظ على التراث الثقافي للبلاد وتعزيزه. يوفر المتحف للزوار فرصة للتعرف على التاريخ والفن والثقافة الكمبودية.
يعد المتحف أيضًا مركزًا مهمًا للبحث العلمي. يستخدم العلماء والباحثون في جميع أنحاء العالم مجموعة المتحف لدراسة التاريخ والفن والثقافة الكمبودية. ينشر المتحف بانتظام الكتب والمقالات حول مجموعته.
بالإضافة إلى دوره التعليمي والبحثي، يساهم المتحف أيضًا في السياحة الكمبودية. إنه أحد الوجهات السياحية الأكثر شعبية في بنوم بنه، ويجذب الزوار من جميع أنحاء العالم.
دور المتحف في المجتمع
يلعب المتحف الوطني لكمبوديا دورًا مهمًا في المجتمع الكمبودي من خلال عدة طرق:
- الحفاظ على التراث الثقافي: المتحف هو المكان الذي يتم فيه الحفاظ على القطع الأثرية والتحف الثقافية الكمبودية وحمايتها للأجيال القادمة.
- التثقيف والتوعية: يوفر المتحف للزوار فرصة للتعرف على التاريخ والفن والثقافة الكمبودية. كما يستضيف المتحف بانتظام المعارض والفعاليات التعليمية.
- تعزيز السياحة: المتحف هو وجهة سياحية شهيرة تساهم في الاقتصاد الكمبودي.
- دعم البحث العلمي: يوفر المتحف للعلماء والباحثين إمكانية الوصول إلى مجموعته لأغراض البحث العلمي.
- تعزيز الهوية الوطنية: المتحف هو رمز للهوية الوطنية الكمبودية ويعزز الشعور بالفخر والوحدة بين الكمبوديين.
التحديات التي تواجه المتحف
يواجه المتحف الوطني لكمبوديا عددًا من التحديات، بما في ذلك:
- التمويل: يحتاج المتحف إلى تمويل كافٍ للحفاظ على مجموعته وتوسيعها، ولإجراء البحوث وتنفيذ البرامج التعليمية.
- الموظفين: يحتاج المتحف إلى موظفين مدربين ومؤهلين لرعاية مجموعته وتطوير البرامج التعليمية والبحثية.
- الأمن: يحتاج المتحف إلى توفير أمن كافٍ لحماية مجموعته من السرقة والتخريب.
- البنية التحتية: يحتاج المتحف إلى بنية تحتية حديثة لتخزين وعرض مجموعته، ولتوفير المرافق للزوار.
- الوعي: يحتاج المتحف إلى زيادة الوعي بمهمته وأنشطته بين الجمهور الكمبودي والدولي.
مبادرات لتطوير المتحف
تبذل الحكومة الكمبودية والمنظمات الدولية جهودًا مختلفة لتطوير المتحف الوطني لكمبوديا. وتشمل هذه الجهود:
- زيادة التمويل: تخصص الحكومة الكمبودية المزيد من الأموال للمتحف. كما يسعى المتحف للحصول على تمويل من المنظمات الدولية والجهات المانحة الخاصة.
- تدريب الموظفين: يوفر المتحف لموظفيه فرصًا للتدريب والتطوير المهني.
- تحسين الأمن: قام المتحف بتحسين تدابيره الأمنية لحماية مجموعته.
- تحديث البنية التحتية: يقوم المتحف بتحديث بنيته التحتية لتوفير مرافق أفضل للزوار وتخزين وعرض مجموعته.
- زيادة الوعي: يقوم المتحف بزيادة الوعي بمهمته وأنشطته من خلال الحملات الإعلامية والبرامج التعليمية.
خاتمة
المتحف الوطني لكمبوديا هو مؤسسة ثقافية مهمة تلعب دورًا حيويًا في الحفاظ على التراث الثقافي للبلاد وتعزيزه. يواجه المتحف عددًا من التحديات، لكن الحكومة الكمبودية والمنظمات الدولية تبذل جهودًا لتطويره. مع استمرار المتحف في النمو والتطور، سيستمر في لعب دور مهم في المجتمع الكمبودي للأجيال القادمة.