مقدمة
دجورو ميليفوي أشNER (21 أبريل 1913 – 14 يونيو 2011) كان رئيس شرطة في دولة كرواتيا المستقلة، وقد اتُهم بالتورط في اضطهاد وترحيل الصرب واليهود والغجر خلال الحرب العالمية الثانية. يعتبر أشNER أحد آخر الهاربين النازيين المطلوبين، وقد أمضى سنوات عديدة في النمسا تحت اسم مستعار.
حياته المبكرة
ولد ميليفوي أشNER في بلدة داروفار، التي كانت آنذاك جزءًا من الإمبراطورية النمساوية المجرية. درس القانون في جامعة زغرب، وبعد تخرجه انضم إلى الشرطة. صعد بسرعة في الرتب، وبحلول عام 1941، كان رئيسًا للشرطة في مدينة أوسييك.
دوره في دولة كرواتيا المستقلة
بعد الغزو النازي ليوغوسلافيا في أبريل 1941، تم إنشاء دولة كرواتيا المستقلة، وهي دولة دمية نازية فاشية. أصبح أشNER شخصية رئيسية في النظام الجديد، ولعب دورًا حاسمًا في اضطهاد وترحيل الصرب واليهود والغجر. أشرف على إنشاء معسكرات الاعتقال، وأمر بعمليات إعدام جماعية، وصادر ممتلكات الضحايا.
تعتبر أفعال أشNER جزءًا من حملة إبادة جماعية واسعة النطاق نفذها نظام أوستاشا في دولة كرواتيا المستقلة. قُتل مئات الآلاف من الأشخاص، بمن فيهم الصرب واليهود والغجر والكروات المعارضين سياسيًا، في معسكرات الاعتقال أو أُعدموا بإجراءات موجزة. كان أشNER مسؤولًا بشكل مباشر عن معاناة وموت العديد من الضحايا.
الهروب والاختباء
مع اقتراب نهاية الحرب العالمية الثانية وهزيمة ألمانيا النازية، هرب أشNER من يوغوسلافيا في عام 1945. تمكن من الوصول إلى النمسا، حيث عاش تحت اسم مستعار لسنوات عديدة. عمل كعامل بناء، وتجنب الاهتمام لعدة عقود.
في التسعينيات، تم الكشف عن هوية أشNER الحقيقية من قبل مركز سيمون فيزنتال، وهي منظمة مكرسة لتقديم مجرمي الحرب النازيين إلى العدالة. بدأت الحكومة الكرواتية إجراءات لتسليمه من النمسا، لكن النمسا رفضت تسليمه بحجة أنه لم يكن لائقًا للمحاكمة بسبب سنه ومرضه.
الجدل المحيط بقضيته
أثارت قضية ميليفوي أشNER جدلاً واسع النطاق. جادل البعض بأنه يجب أن يُحاكم على جرائمه، بغض النظر عن عمره أو حالته الصحية. جادل آخرون بأنه من غير الإنساني محاكمة رجل مسن ومريض على جرائم ارتكبها منذ عقود.
كما أثارت القضية أسئلة حول مسؤولية الدول عن ملاحقة مجرمي الحرب النازيين. تعرضت النمسا لانتقادات لرفضها تسليم أشNER، بينما تعرضت كرواتيا لانتقادات لعدم بذلها ما يكفي من الجهد لتقديمه إلى العدالة.
الحياة في النمسا
عاش أشNER في النمسا في بلدة سانكت فلوريان بالقرب من مدينة لينز. احتفظ بالجنسية النمساوية التي حصل عليها بعد الحرب العالمية الثانية. عاش حياة هادئة نسبياً، متجنباً الأضواء. على الرغم من ذلك، ظلت قضيته قضية رأي عام بسبب المطالبات المستمرة بتسليمه لمحاكمته على جرائم الحرب.
أشارت بعض التقارير إلى أنه كان يحضر مباريات كرة القدم المحلية بانتظام، مما أثار غضب الجماعات اليهودية ومنظمات حقوق الإنسان. تم تصويره في بعض الأحيان من قبل وسائل الإعلام، مما زاد من الضغط على الحكومة النمساوية لاتخاذ إجراءات.
التحقيقات والمحاكمات
على الرغم من الأدلة القوية ضده، لم تتم محاكمة أشNER قط. بدأت كرواتيا تحقيقًا رسميًا في جرائمه في عام 2004، وطلبت تسليمه من النمسا. ومع ذلك، رفضت المحاكم النمساوية التسليم بسبب حالته الصحية. جادل الأطباء بأنه يعاني من الخرف ولم يكن لائقًا للمثول أمام المحكمة.
في عام 2008، أجرى الصحفيون تحقيقًا سريًا زعموا فيه أن أشNER كان يتمتع بصحة جيدة وكان قادرًا على التواصل بوضوح. ومع ذلك، لم تغير هذه المزاعم موقف المحاكم النمساوية.
الوفاة
توفي ميليفوي أشNER في دار لرعاية المسنين في النمسا في 14 يونيو 2011، عن عمر يناهز 98 عامًا. لم تتم محاكمته مطلقًا على جرائمه المزعومة، وظل رمزًا للإفلات من العقاب بالنسبة لمجرمي الحرب النازيين.
إرث القضية
تُعد قضية ميليفوي أشNER بمثابة تذكير بأهوال الحرب العالمية الثانية وأهمية تقديم مجرمي الحرب إلى العدالة. كما أنها تسلط الضوء على التحديات التي تواجه ملاحقة مجرمي الحرب المسنين الذين هربوا من العدالة لعقود.
على الرغم من أن أشNER لم يُحاكم أبدًا، إلا أن قضيته ساهمت في زيادة الوعي بجرائم نظام أوستاشا في دولة كرواتيا المستقلة. كما شجعت الدول الأخرى على بذل المزيد من الجهد لملاحقة مجرمي الحرب النازيين وتقديمهم إلى العدالة.
أوجه التشابه مع قضايا أخرى
قضية أشNER ليست فريدة من نوعها، فهناك العديد من مجرمي الحرب النازيين الذين تمكنوا من الهروب من العدالة لعقود. بعضهم عاشوا تحت أسماء مستعارة في دول مختلفة، بينما تمكن آخرون من العودة إلى حياتهم السابقة دون أن يتم اكتشافهم.
من بين أشهر هذه الحالات قضية أدولف أيخمان، وهو مسؤول نازي كبير لعب دورًا رئيسيًا في الهولوكوست. هرب أيخمان إلى الأرجنتين بعد الحرب العالمية الثانية، حيث عاش تحت اسم مستعار لسنوات عديدة. تم اختطافه من قبل عملاء الموساد الإسرائيلي في عام 1960 ونُقل إلى إسرائيل، حيث حوكم وأُعدم في عام 1962.
تُظهر هذه الحالات أن ملاحقة مجرمي الحرب النازيين يمكن أن تكون صعبة ومعقدة، ولكنها ضرورية لتحقيق العدالة للضحايا ومنع تكرار هذه الفظائع في المستقبل.
التحديات القانونية والأخلاقية
تطرح ملاحقة مجرمي الحرب النازيين العديد من التحديات القانونية والأخلاقية. أحد هذه التحديات هو صعوبة جمع الأدلة بعد مرور سنوات عديدة على ارتكاب الجرائم. قد يكون الشهود قد ماتوا أو فقدوا ذاكرتهم، وقد تكون الوثائق قد ضاعت أو دمرت.
تحد آخر هو مسألة الولاية القضائية. قد لا تكون الدول قادرة على محاكمة مجرمي الحرب الذين ارتكبوا جرائم في دول أخرى. بالإضافة إلى ذلك، قد تكون هناك قيود على تسليم المشتبه بهم من دول أخرى.
من الناحية الأخلاقية، هناك جدل حول ما إذا كان من المبرر محاكمة كبار السن على جرائم ارتكبوها منذ عقود. يجادل البعض بأنه من غير الإنساني محاكمة رجل مسن ومريض على جرائم ارتكبها في شبابه. يجادل آخرون بأنه يجب أن يُحاكم مجرمي الحرب بغض النظر عن عمرهم أو حالتهم الصحية.
تأثير القضية على العلاقات الكرواتية النمساوية
تسببت قضية أشNER في توتر العلاقات بين كرواتيا والنمسا. شعرت كرواتيا بالإحباط بسبب رفض النمسا تسليم أشNER، بينما اتهمت النمسا كرواتيا بمحاولة استغلال القضية لأغراض سياسية.
على الرغم من هذه التوترات، حافظت الدولتان على علاقات دبلوماسية طبيعية. ومع ذلك، ظلت قضية أشNER نقطة خلاف بين البلدين لسنوات عديدة.
دروس مستفادة
تقدم قضية ميليفوي أشNER العديد من الدروس المهمة. أولاً، تذكرنا بأهوال الحرب العالمية الثانية وأهمية مكافحة التعصب والعنف. ثانيًا، تسلط الضوء على الحاجة إلى تقديم مجرمي الحرب إلى العدالة، بغض النظر عن المدة التي مرت منذ ارتكاب جرائمهم. ثالثًا، تذكرنا بأهمية التعاون الدولي في ملاحقة مجرمي الحرب.
خاتمة
تظل قضية ميليفوي أشNER وصمة عار في تاريخ العدالة. على الرغم من الأدلة الدامغة التي تدينه، تمكن من الإفلات من العقاب والعيش في سلام حتى وفاته. ومع ذلك، فقد ساهمت قضيته في زيادة الوعي بجرائم نظام أوستاشا وأهمية ملاحقة مجرمي الحرب النازيين.