الاكتشاف والتسمية
تم اكتشاف الأحفورة الوحيدة المعروفة لهولسانبس في تكوين بارون جويوت في منطقة خولسان بجمهورية منغوليا الشعبية. يتكون هذا التكوين من رواسب رملية وطينية يعود تاريخها إلى مرحلة الكامبانيان في العصر الطباشيري المتأخر، أي ما يقرب من 75 إلى 84 مليون سنة مضت. تم وصف العينة لأول مرة من قبل عالم الحفريات البولندي هالسزكا أوسمولسكا في عام 1982، وأطلقت عليها اسم Hulsanpes perlei. يشير الاسم العام “Hulsanpes” إلى منطقة الاكتشاف (خولسان) والكلمة اللاتينية “pes” التي تعني “قدم”، في إشارة إلى طبيعة العينة الأحفورية. أما الاسم المحدد “perlei” فهو تكريم لعالم الحفريات المنغولي ألتانجيريل بيرلي.
الوصف
كما يوحي الاسم، فإن هولسانبس معروف فقط من خلال عظام القدم الخلفية (الأرجل). تتكون العينة المحفوظة من مشط القدم (عظام القدم الطويلة) والكتائب (عظام الأصابع). على الرغم من أن هذه العظام وحدها لا توفر صورة كاملة للحيوان، إلا أنها تحمل معلومات مهمة حول حجمه وشكله وعلاقاته التطورية المحتملة.
بناءً على عظام القدم، يُقدر أن هولسانبس كان ديناصورًا صغيرًا نسبيًا، ربما يبلغ طوله حوالي 1-2 متر. تشير عظام القدم الرشيقة إلى أنه ربما كان حيوانًا رشيقًا وسريع الحركة. تشبه ترتيبات الكتائب عظام العديد من الثيروبودات الأخرى الصغيرة، مما يشير إلى نمط حياة ثنائي الأقدام (المشي على قدمين).
التصنيف
أدى التصنيف الدقيق لهولسانبس إلى بعض الجدل بين علماء الحفريات. في الأصل، صنفته أوسمولسكا على أنه ثيروبود غير محدد، لكنها لاحظت أوجه تشابه مع مجموعة تسمى الأورنيثوميموصورات (Ornithomimosauria)، وهي مجموعة من الديناصورات الشبيهة بالنعام التي تميزت بأطرافها الطويلة والنحيلة. لاحقًا، اقترح باحثون آخرون أن هولسانبس قد يكون مرتبطًا بمجموعة تسمى الكينجيرانابتورات (Kingen Raptors)، وهي مجموعة متنوعة من الثيروبودات الصغيرة ذات الميزات الشبيهة بالطيور.
في السنوات الأخيرة، قدمت التحليلات التطورية حجة قوية لوضع هولسانبس داخل فرع حيوي يسمى الهالزكارابتورينات (Halszkaraptorinae). هذه المجموعة، التي سميت على اسم جنس Halszkaraptor المكتشف حديثًا، تمثل مجموعة فريدة من الثيروبودات الصغيرة المتخصصة بشكل كبير والتي تظهر تكيفات مع نمط حياة شبه مائي. تشمل الميزات المميزة للهالزكارابتورينات أعناقًا طويلة ونحيلة، وأطرافًا أمامية قصيرة، وربما كانت تتغذى على الماء. إذا كان هولسانبس بالفعل هالزكارابتورين، فسيمثل أقدم عضو معروف في هذه المجموعة، مما يوفر نظرة ثاقبة على أصولها وتطورها المبكر.
علم الأحياء القديمة (Paleobiology)
نظرًا لأن هولسانبس معروف فقط من خلال عظام القدم، فمن الصعب استخلاص استنتاجات محددة حول علم الأحياء القديمة الخاص به. ومع ذلك، يمكننا استخلاص بعض الاستنتاجات بناءً على علاقاته التطورية المحتملة وسياقه الجيولوجي.
إذا كان هولسانبس هالزكارابتورين، فمن المحتمل أنه كان يمتلك بعض التكيفات نفسها التي شوهدت في الأعضاء الآخرين في هذه المجموعة. قد يشمل ذلك القدرة على السباحة أو الخوض في المياه الضحلة، واستخدام أطرافه الأمامية لالتقاط الفرائس المائية. يشير وجود الهالزكارابتورينات في تكوين بارون جويوت إلى أن هذه المنطقة كانت عبارة عن بيئة غنية بالمياه خلال العصر الطباشيري المتأخر، وربما تتكون من بحيرات أو أنهار أو دلتا.
بالإضافة إلى ذلك، تشير الطبيعة الصغيرة والرشاقة المفترضة لهولسانبس إلى أنه ربما كان مفترسًا للحشرات أو السحالي أو الثدييات الصغيرة الأخرى. قد تكون سرعتها وخفة حركتها قد سمحت لها بمطاردة الفرائس في الغطاء النباتي الكثيف أو بين الصخور.
الأهمية الأحفورية
على الرغم من طبيعته المجزأة، يحمل هولسانبس أهمية كبيرة لفهمنا لتطور الثيروبودات. إنه يمثل أحد أقدم الثيروبودات المعروفة من تكوين بارون جويوت، وهو تكوين أحفوري مهم أنتج مجموعة واسعة من الديناصورات الأخرى، بما في ذلك التاربوصور (Tarbosaurus) والباجاسيراتوبس (Bagaceratops) والنمجتوصور (Nemegtosaurus).
علاوة على ذلك، إذا تم تأكيد هويته كـ هالزكارابتورين، فسوف يوسع نطاق هذه المجموعة إلى الوراء في الوقت المناسب، مما يشير إلى أنهم ظهروا في وقت أبكر مما كان يعتقد سابقًا. سيساعد ذلك على إلقاء الضوء على الظروف البيئية والضغوط الانتقائية التي أدت إلى تطورهم الفريد.
علاوة على ذلك، يسلط وجود هولسانبس الضوء على تنوع الثيروبودات الصغيرة الشبيهة بالطيور التي ازدهرت في آسيا خلال العصر الطباشيري المتأخر. تكشف هذه الديناصورات عن أنماط مختلفة من التكيفات وتوفر رؤى قيمة حول المسارات التطورية التي أدت في النهاية إلى ظهور الطيور الحديثة.
دراسات مستقبلية
لا يزال وضع هولسانبس التطوري الدقيق بحاجة إلى مزيد من الدراسة. قد يساعد اكتشاف مواد أحفورية إضافية، مثل عظام الجمجمة أو الأطراف الأمامية، في توضيح علاقاته مع الهالزكارابتورينات والثيروبودات الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تساعد التحليلات التفصيلية لعظام القدم المعروفة في الكشف عن مزيد من المعلومات حول علم الأحياء القديمة والميكانيكا الحيوية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن دراسة البيئة القديمة لتكوين بارون جويوت ضرورية لفهم السياق البيئي الذي عاش فيه هولسانبس. يمكن أن يوفر تحليل حبوب اللقاح وعينات الصخور الأخرى معلومات حول أنواع النباتات وأنماط المناخ السائدة خلال العصر الطباشيري المتأخر. يمكن أن تساعد هذه المعلومات في إعادة بناء النظام البيئي الذي كان هولسانبس جزءًا منه وفهم التفاعلات بينه وبين الكائنات الحية الأخرى.
خاتمة
هولسانبس هو جنس من ديناصورات الثيروبودات الهالزكارابتورينية التي عاشت خلال العصر الطباشيري المتأخر في منغوليا. على الرغم من أنه معروف فقط من خلال عظام القدم، إلا أن اكتشافه قدم رؤى قيمة حول تنوع وتطور الثيروبودات الصغيرة الشبيهة بالطيور. يشير تصنيفه المحتمل كـ هالزكارابتورين إلى أنه ربما كان لديه تكيفات مع نمط حياة شبه مائي. لا يزال هولسانبس يمثل موضوعًا للدراسة المستمرة، وقد يساعد اكتشاف مواد أحفورية إضافية في توضيح علاقاته التطورية وعلم الأحياء القديمة.
المراجع
- Osmólska, H. (1982). Hulsanpes perlei n. g. n. sp. (Theropoda; Dinosauria) from the Upper Cretaceous Barun Goyot Formation of Nemegt Basin, Gobi Desert. Neues Jahrbuch für Geologie und Paläontologie-Abhandlungen, 164(2), 257-284.
- Cau, A., Dyke, G. J., & Villó, L. M. (2017). A swimming dinosaur from the Late Cretaceous of Mongolia. Nature, 552(7685), 390-394.
- Barun Goyot Formation – Wikipedia