فترة كييفان روس (القرن التاسع – القرن الثالث عشر)
شهدت فترة كييفان روس ازدهارًا ثقافيًا كبيرًا، بما في ذلك انتشار المسيحية الأرثوذكسية الشرقية، وتطور الكتابة السيريلية. كانت اللغة السلافية الشرقية القديمة هي اللغة المشتركة. ومع ذلك، لم يكن هناك بعد مفهوم القومية بالمعنى الحديث. كانت الهوية ترتبط في الغالب بالولاء للدولة والدين.
انتهت كييفان روس بسبب الغزو المغولي في القرن الثالث عشر. أدى هذا إلى تقسيم الأراضي إلى إمارات مختلفة، مما أضعف سلطة كييف وأثر على تطور الهوية. أصبحت منطقة أوكرانيا الحالية تحت سيطرة عدة قوى، بما في ذلك دوقية ليتوانيا الكبرى ومملكة بولندا.
دوقية ليتوانيا الكبرى ومملكة بولندا (القرون الرابع عشر – السادس عشر)
في هذه الفترة، بدأت تظهر بعض السمات المميزة للهوية الأوكرانية. حافظت المناطق الخاضعة لسيطرة ليتوانيا على درجة معينة من الحكم الذاتي، وظلت اللغة والثقافة السلافية الشرقية سائدة. أدى الزواج بين دوقية ليتوانيا الكبرى ومملكة بولندا إلى اتحاد لوبلين عام 1569، والذي نقل جزءًا كبيرًا من الأراضي الأوكرانية إلى التاج البولندي.
أدى هذا إلى زيادة التأثير الثقافي والسياسي البولندي. تم فرض الكاثوليكية الرومانية على جزء كبير من السكان، مما أدى إلى مقاومة كبيرة، لا سيما بين القوزاق. القوزاق، وهم مجتمعات عسكرية حرة، لعبوا دورًا حاسمًا في تشكيل الهوية الأوكرانية.
ظهور القوزاق (القرنين السادس عشر – الثامن عشر)
كان القوزاق قوة مؤثرة في هذه الفترة. قاموا بتأسيس سيتش زابوريزهيان، وهي مجتمع يتمتع بالحكم الذاتي في أوكرانيا. لقد قاتلوا من أجل حماية أراضيهم وحرياتهم، وحافظوا على التقاليد الأرثوذكسية الشرقية. كان للقوزاق مساهمة كبيرة في تطوير اللغة والأدب الأوكرانيين. لقد طوروا أيضًا نظامًا قانونيًا وهيكلًا إداريًا خاصًا بهم.
شهدت فترة القوزاق عدة انتفاضات ضد الحكم البولندي، بما في ذلك انتفاضة خميلنيتسكي عام 1648. على الرغم من أن هذه الانتفاضات لم تسفر عن دولة مستقلة، إلا أنها عززت الوعي الوطني وألهمت المزيد من المقاومة. أدت معاهدة بيريسلاف عام 1654 إلى تحالف بين القوزاق وروسيا، مما أثر بشكل كبير على مصير أوكرانيا.
التقسيم والتأثير الروسي (القرنين الثامن عشر والتاسع عشر)
في أواخر القرن الثامن عشر، تم تقسيم أوكرانيا بين الإمبراطورية الروسية والإمبراطورية النمساوية المجرية. أصبح هذا التقسيم ذا أهمية كبيرة في تشكيل الهوية الأوكرانية. في ظل الحكم الروسي، تعرضت اللغة والثقافة الأوكرانية للقمع، وتم حظر اللغة الأوكرانية في التعليم والنشر. على الرغم من ذلك، استمرت الحركة الوطنية في التطور، لا سيما في غرب أوكرانيا، حيث كان الحكم النمساوي أكثر تسامحًا.
شهد القرن التاسع عشر صعودًا في الحركة الوطنية الأوكرانية. ظهرت منظمات ثقافية، ونشرت أعمال أدبية باللغة الأوكرانية، وروجت للهوية الأوكرانية. كان من بين الشخصيات البارزة تاراس شيفتشينكو، الشاعر والرسام الذي يعتبر الأب الروحي للأمة الأوكرانية.
القرن العشرين: من الحرب العالمية الأولى إلى الاستقلال
أدت الحرب العالمية الأولى إلى مزيد من الاضطرابات في أوكرانيا. خلال الحرب، تنافست كل من الإمبراطورية الروسية والإمبراطورية النمساوية المجرية للسيطرة على الأراضي الأوكرانية. بعد انهيار الإمبراطوريات، أعلنت أوكرانيا استقلالها في عام 1918، لكنها لم تستطع الحفاظ عليه بسبب الحرب الأهلية الروسية والتدخل الأجنبي.
في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين، كانت أوكرانيا مقسمة بين الاتحاد السوفيتي وبولندا وتشيكوسلوفاكيا ورومانيا. عانت أوكرانيا السوفيتية من مجاعة هولودومور، وهي مجاعة من صنع الإنسان أودت بحياة الملايين من الأوكرانيين. في الفترة من 1932 إلى 1933، اعتبرت بمثابة إبادة جماعية من قبل العديد من الدول والمنظمات الدولية، والتي كان الهدف منها كسر مقاومة الأوكرانيين للقمع السوفيتي.
خلال الحرب العالمية الثانية، كانت أوكرانيا ساحة معركة بين الاتحاد السوفيتي وألمانيا النازية. شهدت البلاد دمارًا هائلاً وخسائر في الأرواح. بعد الحرب، تم ضم أوكرانيا بأكملها إلى الاتحاد السوفيتي، حيث استمرت السياسات القمعية. ومع ذلك، استمرت الحركة الوطنية في السر.
أعلنت أوكرانيا استقلالها مرة أخرى في عام 1991، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. واجهت الدولة المستقلة حديثًا تحديات اقتصادية وسياسية كبيرة، لكنها تمكنت من الحفاظ على سيادتها. شهدت أوكرانيا ثورتين، الثورة البرتقالية عام 2004 وثورة الكرامة عام 2014، اللتين أظهرتا التزام الشعب الأوكراني بالديمقراطية والقيم الأوروبية.
تحديات القرن الحادي والعشرين
واجهت أوكرانيا في القرن الحادي والعشرين تحديات كبيرة، بما في ذلك التدخل الروسي المستمر، والذي بلغ ذروته في ضم شبه جزيرة القرم والنزاع المسلح في شرق أوكرانيا. أدى هذا الصراع إلى خسائر كبيرة في الأرواح وتشريد السكان. على الرغم من هذه التحديات، استمرت أوكرانيا في السعي نحو التكامل الأوروبي والإصلاحات الديمقراطية.
أصبح بناء الهوية الوطنية الأوكرانية القوية أمرًا بالغ الأهمية في مواجهة هذه التحديات. كان للغة والثقافة والتاريخ دور مركزي في تشكيل هذه الهوية. تستمر أوكرانيا في العمل على تعزيز هويتها الوطنية كدولة مستقلة ذات سيادة في أوروبا.
خاتمة
تاريخ القومية الأوكرانية تاريخ معقد وطويل الأمد، يعود تاريخه إلى مملكة كييفان روس. على الرغم من قرون من السيطرة الأجنبية والقمع، استمرت الهوية الأوكرانية في التطور والازدهار. لعب القوزاق، والشعراء، والوطنيون دورًا مهمًا في تشكيل هذه الهوية. أعلنت أوكرانيا استقلالها في عام 1991، وهي اليوم تواجه تحديات كبيرة في الحفاظ على سيادتها والدفاع عن قيمها الديمقراطية. يعتبر الصراع المستمر مع روسيا بمثابة اختبار لهوية أوكرانيا ومرونتها.