نشأته وحياته المبكرة
ولد أندرو كارنيجي في دنفرملاين، اسكتلندا، في عام 1835. كانت عائلته فقيرة، وكان والده ويليام كارنيجي ناسجًا يدويًا. في عام 1848، هاجرت عائلة كارنيجي إلى الولايات المتحدة بحثًا عن حياة أفضل. استقروا في ألغيني، بنسلفانيا، حيث وجد أندرو البالغ من العمر 13 عامًا عملاً في مصنع للقطن.
كان كارنيجي شابًا طموحًا ومجتهدًا. التحق بدورة محاسبة ليلية لتحسين مهاراته. سرعان ما وجد عملاً كرسول برقيات، ثم ترقى ليصبح مشغل برقيات. لفت انتباه توماس سكوت، أحد كبار المسؤولين في شركة بنسلفانيا للسكك الحديدية. أعجب سكوت بذكاء كارنيجي وعزيمته، وعينه مساعدًا شخصيًا له.
دوره في صناعة السكك الحديدية
عمل كارنيجي مع سكوت خلال فترة التوسع السريع لشبكة السكك الحديدية في الولايات المتحدة. اكتسب خبرة قيمة في إدارة الأعمال والتمويل والاستثمار. استثمر كارنيجي بحكمة في مختلف الشركات، بما في ذلك شركة بولمان للسيارات الفاخرة وشركة كيستون بريدج، التي قامت ببناء جسور للسكك الحديدية. أصبحت هذه الاستثمارات مربحة للغاية، مما مكن كارنيجي من جمع ثروة كبيرة.
دخول صناعة الصلب
في سبعينيات القرن التاسع عشر، حول كارنيجي انتباهه إلى صناعة الصلب الناشئة. كان مقتنعًا بأن الصلب سيصبح المادة المهيمنة في البناء والبنية التحتية. قام ببناء مصنع للصلب في برادوك، بنسلفانيا، وأطلق عليه اسم “إدغار تومسون ووركس” تكريماً لرئيس شركة بنسلفانيا للسكك الحديدية.
تبنى كارنيجي أحدث التقنيات والعمليات في إنتاج الصلب، بما في ذلك عملية بسمر. قام بتوظيف أفضل المهندسين والمديرين، وطبق أساليب إدارة فعالة. كان كارنيجي يؤمن بالمنافسة الشرسة وخفض التكاليف باستمرار. سرعان ما أصبح مصنعه من بين الأكثر إنتاجية وربحية في البلاد.
في عام 1892، اندمجت شركات كارنيجي للصلب لتشكيل شركة كارنيجي للصلب. أصبحت الشركة أكبر منتج للصلب في العالم، وحقق كارنيجي ثروة هائلة. ومع ذلك، شهدت الشركة أيضًا إضرابات عمالية عنيفة، مثل إضراب هومستيد عام 1892، مما أضر بسمعة كارنيجي.
بيع شركة كارنيجي للصلب
في عام 1901، باع كارنيجي شركة كارنيجي للصلب لشركة يو إس ستيل التي أسسها جي بي مورغان. حصل كارنيجي على 480 مليون دولار مقابل شركته، وهو ما يعادل أكثر من 13 مليار دولار اليوم. بعد البيع، كرس كارنيجي وقته وجهوده للأعمال الخيرية.
الأعمال الخيرية
آمن كارنيجي بشدة بـ “إنجيل الثروة”، وهي الفكرة القائلة بأن الأثرياء لديهم واجب أخلاقي لاستخدام ثرواتهم لتحسين المجتمع. كتب كارنيجي مقالًا بعنوان “الثروة” (لاحقًا “إنجيل الثروة”) يوضح فيه فلسفته الخيرية. جادل كارنيجي بأنه يجب على الأثرياء أن يعيشوا حياة متواضعة وأن يستخدموا فائض ثرواتهم بحكمة لتعزيز التعليم والمعرفة والثقافة.
أسس كارنيجي العديد من المؤسسات الخيرية، بما في ذلك:
- مؤسسة كارنيجي في نيويورك: لدعم البحث العلمي والتعليم والسلام الدولي.
- معهد كارنيجي للعلوم: لدعم البحوث العلمية في مجموعة متنوعة من المجالات.
- مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي: لتعزيز السلام والتعاون الدوليين.
- صندوق كارنيجي للجامعات الاسكتلندية: لدعم التعليم في الجامعات الاسكتلندية.
- مكتبات كارنيجي: قام كارنيجي بتمويل بناء أكثر من 2500 مكتبة عامة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا.
بالإضافة إلى ذلك، تبرع كارنيجي بمبالغ كبيرة من المال للجامعات والكليات والمستشفيات والمتاحف. دعم أيضًا مشاريع بناء السلام وأنشأ صناديق أبطال لمساعدة ضحايا الحوادث.
حياته الشخصية
تزوج كارنيجي من لويز ويتمفيلد في عام 1887، وكان عمره 51 عامًا. أنجبا ابنة واحدة، مارغريت، في عام 1897. عاش كارنيجي حياة مريحة في قصره في مدينة نيويورك وفي قلعته في اسكتلندا.
كان كارنيجي محبًا للقراءة والكتابة. كتب عددًا من الكتب، بما في ذلك سيرته الذاتية “السيرة الذاتية لأندرو كارنيجي” وكتاب “إنجيل الثروة”. كان أيضًا متحدثًا عامًا شهيرًا.
وفاته وإرثه
توفي أندرو كارنيجي في 11 أغسطس 1919، في لينوكس، ماساتشوستس، عن عمر يناهز 83 عامًا. ترك وراءه ثروة تقدر بمئات الملايين من الدولارات، والتي تم تخصيص معظمها للأعمال الخيرية. يعتبر كارنيجي أحد أعظم رجال الأعمال الخيريين في التاريخ. ساهمت تبرعاته بشكل كبير في التعليم والبحث العلمي والسلام الدولي. تستمر مؤسساته في إحداث فرق في العالم اليوم.
خاتمة
كان أندرو كارنيجي شخصية بارزة في التاريخ الأمريكي. بدأ حياته فقيراً ووصل إلى قمة النجاح في عالم الأعمال. لم يكتف كارنيجي بجمع ثروة هائلة، بل كرس حياته أيضًا للأعمال الخيرية. لقد آمن بأهمية التعليم والمعرفة والثقافة، وعمل بجد لتحسين حياة الآخرين. يظل إرث كارنيجي مصدر إلهام للأجيال القادمة.