حياته المبكرة وتعليمه
ولد مايكل مسنر عام 1952، ونشأ في الولايات المتحدة. حصل على درجة البكالوريوس من جامعة كاليفورنيا، سانتا كروز، ثم حصل على درجة الدكتوراه في علم الاجتماع من جامعة كاليفورنيا، بيركلي. تأثر مسنر في بداية حياته الأكاديمية بالحركات الاجتماعية في الستينيات والسبعينيات، مما دفعه إلى البحث في قضايا العدالة الاجتماعية والمساواة.
مسيرته المهنية وإسهاماته الأكاديمية
بعد حصوله على الدكتوراه، انضم مسنر إلى هيئة التدريس في جامعة جنوب كاليفورنيا، حيث يعمل أستاذاً لعلم الاجتماع والدراسات الجندرية. خلال مسيرته المهنية، نشر مسنر العديد من الكتب والمقالات التي أثرت بشكل كبير في مجال الدراسات الجندرية. من بين أبرز إسهاماته الأكاديمية:
- دراسة الرجال والذكورة: يعتبر مسنر من الرواد في دراسة الرجال والذكورة من منظور اجتماعي. يركز عمله على تحليل كيف يتم بناء الذكورة اجتماعياً وثقافياً، وكيف يؤثر ذلك على حياة الرجال والعلاقات بين الجنسين.
- الرياضة والنوع الاجتماعي: قام مسنر بدراسة مستفيضة للعلاقة بين الرياضة والنوع الاجتماعي، وكيف تساهم الرياضة في تعزيز الصور النمطية الجندرية. يرى مسنر أن الرياضة ليست مجرد نشاط بدني، بل هي أيضاً ساحة للصراع على السلطة والهوية.
- الحركات الاجتماعية والسياسة: يهتم مسنر بدراسة الحركات الاجتماعية وكيف تساهم في تغيير المفاهيم السائدة حول النوع الاجتماعي والسياسة. يركز على دور النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان في تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة.
أبرز مؤلفاته
ترك مايكل مسنر بصمة واضحة في مجال علم الاجتماع من خلال مؤلفاته العديدة التي تتناول قضايا النوع الاجتماعي، والرياضة، والسياسة. من بين أبرز هذه المؤلفات:
- Sports, Men, and the Gender Order: Critical Feminist Perspectives (1990): يقدم هذا الكتاب تحليلاً نقدياً للعلاقة بين الرياضة والذكورة من منظور نسوي. يوضح مسنر كيف تساهم الرياضة في تعزيز الصور النمطية الجندرية، وكيف يمكن استخدامها لتحقيق المساواة بين الجنسين.
- Politics of Masculinities: Men in Movements (2002): يستكشف هذا الكتاب دور الرجال في الحركات الاجتماعية، وكيف يمكنهم المساهمة في تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة. يقدم مسنر تحليلاً مفصلاً لتجارب الرجال الذين يعملون من أجل تغيير المفاهيم السائدة حول الذكورة.
- Boyhood, Organized Sports, and the Construction of Masculinities (2002): يبحث هذا الكتاب في تأثير الرياضة المنظمة على تكوين هوية الذكورة لدى الأولاد. يوضح مسنر كيف يتعلم الأولاد من خلال الرياضة قيماً مثل المنافسة، والعدوانية، والسيطرة، وكيف تؤثر هذه القيم على علاقاتهم مع الآخرين.
- When Men Are Pregnant: Stories of African Fathers and Fatherhood (2016): يقدم هذا الكتاب مجموعة من القصص المؤثرة عن الآباء الأفارقة وتجاربهم في الأبوة. يوضح مسنر كيف يمكن للرجال أن يلعبوا دوراً فعالاً في حياة أطفالهم، وكيف يمكن للأبوة أن تغير نظرتهم إلى العالم.
دراسة الرجال والذكورة
تعتبر دراسة الرجال والذكورة من أبرز مجالات اهتمام مايكل مسنر. يرى مسنر أن الذكورة ليست صفة بيولوجية، بل هي بناء اجتماعي وثقافي يتم تعلمه من خلال التفاعل مع الآخرين. يحلل مسنر كيف يتم بناء الذكورة من خلال مؤسسات مثل الأسرة، والمدرسة، ووسائل الإعلام، والرياضة، وكيف يؤثر ذلك على حياة الرجال والعلاقات بين الجنسين.
يركز مسنر في دراساته على تحليل السلطة الذكورية وكيف يتم استخدامها للحفاظ على الهيمنة الذكورية في المجتمع. يرى أن الذكورة المهيمنة غالباً ما ترتبط بالعنف، والسيطرة، والقمع، وأن هذه الصفات تؤثر سلباً على الرجال والنساء على حد سواء. يدعو مسنر إلى إعادة تعريف الذكورة بحيث تكون أكثر إيجابية وتعاونية، وتشجع على المساواة بين الجنسين.
كما يدرس مسنر كيف يتأثر الرجال بالتغيرات الاجتماعية والثقافية، وكيف يتكيفون مع الأدوار الاجتماعية المتغيرة للرجال والنساء. يرى أن الرجال يواجهون تحديات كبيرة في مجتمع يتغير بسرعة، وأنهم بحاجة إلى دعم ومساعدة للتغلب على هذه التحديات.
الرياضة والنوع الاجتماعي
تعتبر الرياضة مجالاً مهماً للدراسة بالنسبة لمايكل مسنر، حيث يرى أنها ليست مجرد نشاط بدني، بل هي أيضاً ساحة للصراع على السلطة والهوية. يحلل مسنر كيف تساهم الرياضة في تعزيز الصور النمطية الجندرية، وكيف يتم استبعاد النساء من بعض الرياضات، وكيف يتم التقليل من شأن إنجازاتهن.
يركز مسنر في دراساته على تحليل العنف في الرياضة وكيف يرتبط بالذكورة المهيمنة. يرى أن العنف في الرياضة غالباً ما يستخدم لإثبات الذكورة والسيطرة، وأن هذا العنف يؤثر سلباً على اللاعبين والمشاهدين على حد سواء. يدعو مسنر إلى تغيير ثقافة الرياضة بحيث تكون أكثر سلمية وتعاونية، وتشجع على الاحترام المتبادل بين اللاعبين.
كما يدرس مسنر كيف يمكن استخدام الرياضة لتعزيز المساواة بين الجنسين. يرى أن الرياضة يمكن أن تكون أداة قوية لتمكين النساء والفتيات، وتعزيز ثقتهن بأنفسهن، وتحسين صحتهن. يدعو مسنر إلى زيادة مشاركة النساء في الرياضة، وتوفير فرص متساوية لهن لتحقيق النجاح.
الحركات الاجتماعية والسياسة
يهتم مايكل مسنر بدراسة الحركات الاجتماعية وكيف تساهم في تغيير المفاهيم السائدة حول النوع الاجتماعي والسياسة. يركز على دور النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان في تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة. يرى مسنر أن الحركات الاجتماعية هي قوة دافعة للتغيير الاجتماعي، وأنها تلعب دوراً حاسماً في تحقيق مجتمع أكثر عدلاً ومساواة.
يدرس مسنر كيف تتفاعل الحركات الاجتماعية مع الدولة والمؤسسات السياسية، وكيف تسعى إلى التأثير على السياسات والقوانين. يرى أن الحركات الاجتماعية غالباً ما تواجه مقاومة من القوى المهيمنة في المجتمع، وأنها بحاجة إلى استراتيجيات فعالة للتغلب على هذه المقاومة.
كما يدرس مسنر كيف تستخدم الحركات الاجتماعية وسائل الإعلام والتكنولوجيا للتواصل مع الجمهور وحشد الدعم. يرى أن وسائل الإعلام والتكنولوجيا يمكن أن تكون أدوات قوية لنشر الوعي حول قضايا العدالة الاجتماعية والمساواة، وحشد الناس للعمل من أجل التغيير.
انتقادات
على الرغم من تأثيره الكبير في مجال الدراسات الجندرية، تعرض مايكل مسنر لبعض الانتقادات. يرى بعض النقاد أن عمله يركز بشكل كبير على الذكورة المهيمنة، ويتجاهل التنوع الموجود بين الرجال. كما يرى بعض النقاد أن تحليلاته السياسية متطرفة، وأنها تبالغ في تقدير دور الحركات الاجتماعية في تحقيق التغيير الاجتماعي.
ومع ذلك، فإن غالبية الباحثين والناشطين في مجال الدراسات الجندرية يقدرون عمل مايكل مسنر وإسهاماته الأكاديمية. يعتبر مسنر شخصية مؤثرة في فهم الأدوار الاجتماعية المتغيرة للرجال والنساء، وتأثير هذه الأدوار على مختلف جوانب الحياة.
الجوائز والتكريمات
تقديراً لإسهاماته الأكاديمية، حصل مايكل مسنر على العديد من الجوائز والتكريمات، من بينها:
- جائزة Jessie Bernard Award من الجمعية الأمريكية لعلم الاجتماع.
- جائزة Sociologists for Women in Society Feminist Lecturer Award.
- زمالة مؤسسة فورد.
خاتمة
مايكل مسنر عالم اجتماع أمريكي بارز، اشتهر بدراساته المتعمقة حول النوع الاجتماعي، والرياضة، والسياسة، والحركات الاجتماعية. يعتبر مسنر شخصية مؤثرة في مجال الدراسات الجندرية، حيث ساهم في فهم الأدوار الاجتماعية المتغيرة للرجال والنساء، وتأثير هذه الأدوار على مختلف جوانب الحياة. من خلال كتبه ومقالاته ومحاضراته، ألهم مسنر العديد من الباحثين والناشطين للعمل من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة.