محتوى الكتاب
يبدأ برليتز كتابه باستعراض تاريخي لأسطورة أطلانتس، بدءًا من ذكرها الأول في محاورات أفلاطون “طيماوس” و “كريتياس”. يشير إلى أن أفلاطون وصف أطلانتس بأنها قوة بحرية عظيمة غزت أثينا القديمة قبل أن تغرق في البحر بسبب كارثة طبيعية. يجادل برليتز بأن أفلاطون لم يكن يخترع قصة أطلانتس، بل كان يستند إلى تقاليد شفهية قديمة.
ثم ينتقل برليتز إلى استعراض مختلف النظريات حول موقع أطلانتس. يرفض فكرة أن أطلانتس كانت مجرد أسطورة، ويقدم حججًا تدعم وجودها الفعلي. من بين المواقع التي يقترحها برليتز:
- جزر الأزور: يقترح أن جزر الأزور هي قمم جبال كانت جزءًا من أطلانتس قبل غرقها.
- جزر الكناري: يرى أن جزر الكناري كانت أيضًا جزءًا من أطلانتس، ويشير إلى وجود تشابهات ثقافية بين سكان هذه الجزر وحضارات البحر الأبيض المتوسط القديمة.
- مثلث برمودا: يقترح أن مثلث برمودا هو موقع غرق أطلانتس، ويشير إلى أن الاختفاءات الغامضة للسفن والطائرات في هذه المنطقة قد تكون مرتبطة بتقنيات أطلانتس المفقودة.
- البحر الأبيض المتوسط: يقترح أن أطلانتس كانت تقع في البحر الأبيض المتوسط، ويدعي أن حضارات مينوسية وميسينية ربما تكون قد تأثرت بأطلانتس.
بالإضافة إلى ذلك، يناقش برليتز الحضارة المزعومة لأطلانتس. يقترح أن الأطلنطيين كانوا يتمتعون بتقنيات متقدمة، مثل الطاقة البلورية والطائرات والغواصات. يعتقد أيضًا أنهم كانوا يتمتعون بقدرات نفسية، مثل التخاطر والاستبصار. يجادل برليتز بأن الأطلنطيين نشروا حضارتهم في جميع أنحاء العالم، وأنهم أثروا في الحضارات القديمة في مصر وأمريكا الجنوبية.
يستعرض برليتز أيضًا النظريات حول سبب غرق أطلانتس. يقترح أن الكارثة قد تكون ناجمة عن زلزال أو تسونامي أو انفجار بركاني أو حتى حرب نووية. يجادل بأن غرق أطلانتس كان كارثة عالمية أدت إلى تدهور الحضارة البشرية.
نقد الكتاب
على الرغم من نجاحه التجاري، تعرض كتاب “أطلانتس: القارة المفقودة كما كشفها برليتز” لانتقادات واسعة من قبل العلماء والمؤرخين. يعتبرون الكتاب عملاً شبه تاريخي يعتمد على تخمينات وتفسيرات غير مدعومة بالأدلة. يشيرون إلى أن برليتز يتجاهل الأدلة التي تتعارض مع نظرياته، وأنه يعتمد على مصادر غير موثوقة.
من بين الانتقادات الموجهة للكتاب:
- الاعتماد على مصادر غير موثوقة: يعتمد برليتز على مصادر متنوعة تتراوح بين النصوص القديمة والتخمينات الحديثة. العديد من هذه المصادر غير موثوقة أو تتعارض مع الأدلة الأثرية والتاريخية.
- التفسيرات الانتقائية: يختار برليتز الأدلة التي تدعم نظرياته ويتجاهل الأدلة التي تتعارض معها. على سبيل المثال، يتجاهل الأدلة التي تشير إلى أن أفلاطون كان يخترع قصة أطلانتس.
- التخمينات المفرطة: يعتمد برليتز على التخمينات المفرطة لبناء نظرياته. على سبيل المثال، يخمن أن الأطلنطيين كانوا يتمتعون بتقنيات متقدمة وقدرات نفسية دون تقديم أي دليل ملموس.
- التجاهل للأدلة الأثرية: يتجاهل برليتز الأدلة الأثرية التي تتعارض مع نظرياته. على سبيل المثال، يتجاهل الأدلة التي تشير إلى أن الحضارات القديمة في مصر وأمريكا الجنوبية تطورت بشكل مستقل.
تأثير الكتاب
على الرغم من الانتقادات الموجهة إليه، كان لكتاب “أطلانتس: القارة المفقودة كما كشفها برليتز” تأثير كبير على الثقافة الشعبية. ساهم الكتاب في إحياء الاهتمام بأسطورة أطلانتس، وألهم العديد من الكتب والأفلام والبرامج التلفزيونية. كما ساهم في انتشار الأفكار شبه التاريخية حول الحضارات المفقودة والتقنيات القديمة.
يعتبر الكتاب مثالًا على كيفية تأثير الأفكار شبه التاريخية على الثقافة الشعبية. على الرغم من أن هذه الأفكار غالبًا ما تكون غير مدعومة بالأدلة، إلا أنها يمكن أن تكون جذابة للجمهور لأنها تقدم تفسيرات بديلة للتاريخ وتثير الخيال.
أطلانتس في الثقافة الشعبية
ظهرت أطلانتس في العديد من الأعمال الأدبية والفنية والسينمائية على مر العصور، مما يعكس سحر هذه الأسطورة وقدرتها على إلهام الخيال. إليكم بعض الأمثلة:
- الأدب: “عشرون ألف فرسخ تحت الماء” لـ جول فيرن، حيث يلعب الكابتن نيمو دورًا في اكتشاف بقايا أطلانتس.
- السينما: فيلم “أطلانتس: الإمبراطورية المفقودة” من إنتاج ديزني، الذي يقدم قصة خيالية عن اكتشاف مدينة أطلانتس المتقدمة تقنيًا.
- ألعاب الفيديو: سلسلة ألعاب “تومب رايدر”، حيث تستكشف لارا كروفت مواقع أثرية مختلفة، بما في ذلك تلك التي يُعتقد أنها مرتبطة بأطلانتس.
أطلانتس بين الحقيقة والخيال
يبقى السؤال حول حقيقة أطلانتس مفتوحًا للنقاش. بينما لا يوجد دليل قاطع على وجودها، تظل الأسطورة مصدر إلهام للعديد من الأشخاص الذين يؤمنون بإمكانية وجود حضارات متقدمة فقدت عبر التاريخ. من ناحية أخرى، يرى العديد من العلماء أن أطلانتس مجرد خيال أفلاطوني يهدف إلى تقديم دروس أخلاقية وسياسية.
بغض النظر عن الحقيقة، فإن أسطورة أطلانتس تستمر في إثارة فضولنا وتحفيزنا على استكشاف المجهول والبحث عن إجابات للأسئلة الكبيرة حول تاريخنا ومستقبلنا.
أهمية دراسة الأساطير
على الرغم من أن الأساطير غالبًا ما تعتبر قصصًا خيالية، إلا أنها تحمل أهمية كبيرة في فهم الثقافات والمجتمعات التي نشأت فيها. يمكن للأساطير أن تكشف عن قيم ومعتقدات ومخاوف الناس في الماضي، وأن تساعدنا على فهم كيفية تطور هذه المجتمعات عبر الزمن. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للأساطير أن تلهمنا وتثير خيالنا، وأن تعلمنا دروسًا قيمة عن الحياة والطبيعة البشرية.
خاتمة
يظل كتاب “أطلانتس: القارة المفقودة كما كشفها برليتز” عملاً مثيرًا للجدل، حيث يجمع بين الحقائق التاريخية والتخمينات الجامحة. على الرغم من الانتقادات الموجهة إليه، فقد ساهم في إحياء الاهتمام بأسطورة أطلانتس وتأثيرها على الثقافة الشعبية. سواء كانت أطلانتس حقيقة أم خيالًا، فإن الأسطورة تستمر في إلهامنا وتحدي فهمنا للتاريخ والإمكانات البشرية.