نشأته وحياته المبكرة
ولد إيفان بابانين في مدينة سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم. بدأ حياته المهنية مبكرًا، حيث عمل كعامل ميكانيكي في ورش بناء السفن في سيفاستوبول. انخرط في الأنشطة الثورية في سن مبكرة، وانضم إلى الحزب البلشفي في عام 1914. خلال الحرب الأهلية الروسية، قاتل بابانين في صفوف البلاشفة في شبه جزيرة القرم وأوكرانيا. بعد الحرب، شغل مناصب مختلفة في الحكومة السوفيتية، بما في ذلك منصبًا في اللجنة التنفيذية المركزية لعموم أوكرانيا.
العمل في مجال الاستكشاف القطبي
بدأ اهتمام بابانين بالاستكشاف القطبي في أوائل الثلاثينيات من القرن الماضي، عندما تم تعيينه من قبل الإدارة الرئيسية للطريق البحري الشمالي للإشراف على بناء محطة أبحاث في خليج تيخايا في أرض فرانز جوزيف. قاد بابانين حملة استكشافية إلى أرض فرانز جوزيف في عام 1932، وفي عام 1934، أشرف على نقل المعدات والإمدادات إلى محطة الأبحاث.
محطة “الشمال-1” التاريخية
أشهر إنجازات بابانين كانت قيادته لمحطة الأبحاث “الشمال-1” (بالروسية: Северный полюс-1). تم إنشاء المحطة في عام 1937 على كتلة جليدية تائهة بالقرب من القطب الشمالي. تكون فريق العمل من بابانين نفسه، بالإضافة إلى عالم الأرصاد الجوية وعالم الفيزياء الفلكية يفغيني فيدوروف، وعالم الجيوفيزياء بيوتر شيرشوف، وعامل الراديو إرنست كرينكيل. كانت مهمة المحطة إجراء البحوث العلمية في منطقة القطب الشمالي، بما في ذلك دراسة الأرصاد الجوية، والمغناطيسية الأرضية، وعلم المحيطات، وفيزياء الجليد.
بدأ العمل في المحطة في 6 يونيو 1937، واستمر لمدة 274 يومًا. خلال هذه الفترة، انحرفت الكتلة الجليدية التي تحمل المحطة لمسافة تزيد عن 2850 كيلومترًا عبر بحر غرينلاند. واجه الفريق العديد من التحديات، بما في ذلك الظروف الجوية القاسية، ونقص الإمدادات، والخطر الدائم المتمثل في تحطم الكتلة الجليدية. على الرغم من هذه الصعوبات، تمكن الفريق من إجراء مجموعة واسعة من البحوث العلمية التي قدمت مساهمات قيمة لفهم منطقة القطب الشمالي.
تم إجلاء فريق “الشمال-1” بنجاح في 19 فبراير 1938، بواسطة كاسحات الجليد السوفيتية “تيمير” و “مورمان”. استقبل الفريق استقبال الأبطال في الاتحاد السوفيتي، وحصل جميع أعضائه على لقب بطل الاتحاد السوفيتي. كانت تجربة “الشمال-1” بمثابة نجاح كبير للدعاية السوفيتية، وأظهرت قدرة الاتحاد السوفيتي على إجراء البحوث العلمية في البيئات الأكثر صعوبة.
لاحقًا في حياته المهنية
بعد عودته من القطب الشمالي، واصل بابانين العمل في مجال الاستكشاف القطبي. شغل منصب رئيس الإدارة الرئيسية للطريق البحري الشمالي من عام 1939 إلى عام 1948. خلال الحرب العالمية الثانية، أشرف على نقل الإمدادات والمعدات إلى الجبهة الشرقية عبر الطريق البحري الشمالي. بعد الحرب، شغل منصب نائب مدير معهد علم المحيطات التابع لأكاديمية العلوم السوفيتية.
بالإضافة إلى عمله في مجال الاستكشاف القطبي، كان بابانين أيضًا مؤلفًا غزير الإنتاج. كتب العديد من الكتب والمقالات حول تجاربه في القطب الشمالي، بما في ذلك كتابه الأكثر مبيعًا “الحياة على كتلة جليدية”. كما كان عضوًا في العديد من المنظمات العلمية، بما في ذلك الجمعية الجغرافية السوفيتية.
حصل بابانين على العديد من الجوائز والأوسمة خلال حياته المهنية، بما في ذلك لقب بطل الاتحاد السوفيتي (مرتين)، ووسام لينين (تسع مرات)، ووسام الراية الحمراء للعمل. توفي في موسكو في 30 يناير 1986، عن عمر يناهز 91 عامًا.
تكريمه
تم تسمية العديد من المعالم الجغرافية تكريما لإيفان بابانين، بما في ذلك:
- جبل بابانين في القارة القطبية الجنوبية
- جزيرة بابانين في بحر كارا
- حوض بابانين، وهو حوض محيطي تحت الماء في المحيط المتجمد الشمالي
بالإضافة إلى ذلك، تم إصدار العديد من الطوابع البريدية والعملات المعدنية التي تحمل صورة بابانين في الاتحاد السوفيتي وروسيا.
إرثه
لا يزال إيفان بابانين شخصية بارزة في تاريخ الاستكشاف القطبي السوفيتي والروسي. يُذكر لجهوده الرائدة في دراسة القطب الشمالي، ولقيادته الشجاعة لمحطة الأبحاث “الشمال-1”. تظل مساهماته العلمية ذات قيمة حتى اليوم، وتلهم قصته المستكشفين والعلماء في جميع أنحاء العالم.
خاتمة
كان إيفان بابانين مستكشفًا قطبيًا سوفيتيًا بارزًا، وعالمًا، وبطلًا للاتحاد السوفيتي مرتين. اشتهر بقيادته لمحطة الأبحاث “الشمال-1” التي أنشئت على كتلة جليدية تائهة في القطب الشمالي. لعب دورًا هامًا في تطوير الاستكشاف القطبي السوفيتي، وقدم مساهمات قيمة لفهم منطقة القطب الشمالي. لا يزال إرثه يلهم الأجيال القادمة من المستكشفين والعلماء.