مقدمة
مقاطعة أمريكا الأنجليكانية (APA) هي كنيسة أنجليكانية مستمرة في الولايات المتحدة. تأسست الكنيسة على يد أعضاء سابقين في الكنيسة الأسقفية البروتستانتية في الولايات المتحدة الأمريكية (ECUSA) الذين انفصلوا بسبب خلافات حول العقيدة والممارسة الليتورجية. تعتبر APA جزءًا من الحركة الأوسع للأنجليكانية المستمرة، والتي تسعى إلى الحفاظ على العقيدة الأنجليكانية التقليدية والليتورجيا التاريخية.
التاريخ والتأسيس
تعود جذور مقاطعة أمريكا الأنجليكانية إلى سبعينيات القرن الماضي عندما بدأ عدد من الأسقفيين يشعرون بالقلق إزاء التوجهات الليبرالية المتزايدة داخل الكنيسة الأسقفية البروتستانتية. شملت هذه التوجهات الموافقة على رسامة النساء ككهنة، وتنقيح كتاب الصلاة العام، وتفسيرات جديدة حول الكتاب المقدس. في عام 1977، اجتمع عدد من الكهنة والعلمانيين في سانت لويس بولاية ميسوري، وأصدروا “إعلان سانت لويس”، الذي أكدوا فيه التزامهم بالعقيدة الأنجليكانية التقليدية.
أدى إعلان سانت لويس إلى تشكيل الكنيسة الأنجليكانية المستمرة، والتي سعت إلى أن تكون استمرارًا للكنيسة الأسقفية التاريخية قبل التغييرات الليبرالية. ومع ذلك، سرعان ما انقسمت الحركة الأنجليكانية المستمرة إلى عدة ولايات قضائية مختلفة. تأسست مقاطعة أمريكا الأنجليكانية في عام 1992 نتيجة لاندماج ثلاث ولايات قضائية أنجليكانية مستمرة أصغر: الكنيسة الأنجليكانية الأمريكية، وأبرشية المسيح الملك، ومقاطعة الولايات المتحدة الأنجليكانية الأصلية.
العقيدة والممارسة
تلتزم مقاطعة أمريكا الأنجليكانية بالعقيدة الأنجليكانية التقليدية كما هي واردة في مواد الدين التسعة والثلاثين، وكتاب الصلاة العام لعام 1928 (في الولايات المتحدة) أو كتاب الصلاة العام الكندي لعام 1962. تؤكد الكنيسة على سلطة الكتاب المقدس، وأهمية الأسرار المقدسة، ودور التقليد في تفسير الكتاب المقدس.
تؤمن APA بالثالوث القدوس: الله الآب، والله الابن (يسوع المسيح)، والله الروح القدس، إله واحد في ثلاثة أقانيم. تؤمن الكنيسة بأن يسوع المسيح هو الله المتجسد، الذي ولد من العذراء مريم، وعاش حياة كاملة، ومات على الصليب من أجل خطايا البشرية، وقام من بين الأموات في اليوم الثالث، وصعد إلى السماء، وسيعود مرة أخرى للدينونة.
تؤكد APA على أهمية الأسرار المقدسة، وخاصة المعمودية والتناول. المعمودية هي سر الانضمام إلى الكنيسة، والتناول هو سر الشركة مع المسيح ومع المؤمنين الآخرين. تمارس الكنيسة أيضًا أسرارًا أخرى مثل التثبيت والاعتراف والمسحة بالزيت المقدس والزواج والكهنوت.
تلتزم APA بالليتورجيا التاريخية للكنيسة الأنجليكانية، باستخدام كتاب الصلاة العام في خدماتها. يتم الاحتفال بالقداس الإلهي (التناول) بانتظام، وتُعطى المواعظ أهمية كبيرة في العبادة.
الهيكل التنظيمي
مقاطعة أمريكا الأنجليكانية هي كنيسة أسقفية، مما يعني أنها تحكمها الأساقفة. يرأس المقاطعة رئيس الأساقفة، الذي ينتخبه مجمع الأساقفة. تنقسم المقاطعة إلى عدة أبرشيات، يرأس كل منها أسقف. يقدم الكهنة والشمامسة الخدمات الرعوية في الأبرشيات الفردية.
- رئيس الأساقفة: هو الرئيس الروحي والإداري للمقاطعة.
- مجمع الأساقفة: يتكون من جميع الأساقفة العاملين في المقاطعة، ويتخذ القرارات المتعلقة بالعقيدة والسياسة.
- الأبرشيات: هي الوحدات الإقليمية للمقاطعة، يرأس كل منها أسقف.
- الرعايا: هي التجمعات المحلية للمؤمنين، يرأس كل منها كاهن.
العلاقات مع الكنائس الأخرى
تعتبر مقاطعة أمريكا الأنجليكانية جزءًا من الحركة الأوسع للأنجليكانية المستمرة، ولها علاقات مع كنائس أخرى في هذه الحركة. ومع ذلك، فإن APA ليست جزءًا من الزمالة الأنجليكانية، وهي جمعية عالمية للكنائس الأنجليكانية التي يرأسها رئيس أساقفة كانتربري. لا تعترف الزمالة الأنجليكانية بالكنائس الأنجليكانية المستمرة بسبب خلافات حول العقيدة والممارسة الليتورجية.
تحافظ APA على علاقات ودية مع بعض الكنائس الأنجليكانية الأخرى التي تشاركها وجهات نظرها المحافظة. تسعى الكنيسة إلى تعزيز الوحدة بين المسيحيين التقليديين.
التحديات والقضايا
تواجه مقاطعة أمريكا الأنجليكانية عددًا من التحديات والقضايا، بما في ذلك:
- الحجم الصغير: APA هي كنيسة صغيرة نسبيًا، وهذا يحد من مواردها وقدرتها على الوصول إلى الآخرين.
- الشيخوخة السكانية: غالبية أعضاء APA هم من كبار السن، والكنيسة تكافح لجذب الشباب.
- الخلافات الداخلية: على الرغم من التزامها بالعقيدة التقليدية، إلا أن APA واجهت خلافات داخلية حول قضايا مختلفة.
- العلاقات مع الكنائس الأخرى: العلاقة مع الكنائس الأخرى، سواء داخل الحركة الأنجليكانية المستمرة أو مع الزمالة الأنجليكانية، معقدة بسبب الاختلافات في العقيدة والممارسة.
تسعى APA إلى معالجة هذه التحديات من خلال برامج التوعية والتعليم وجهود لتعزيز الوحدة الداخلية.
المستقبل
مستقبل مقاطعة أمريكا الأنجليكانية غير مؤكد. ستعتمد قدرة الكنيسة على النمو والازدهار على قدرتها على معالجة التحديات التي تواجهها، وجذب أعضاء جدد، والحفاظ على التزامها بالعقيدة الأنجليكانية التقليدية. تواجه الكنيسة منافسة من الكنائس الأخرى، بما في ذلك الكنائس الأنجليكانية الأخرى والكنائس الإنجيلية. ومع ذلك، تظل APA ملتزمة برسالتها المتمثلة في الحفاظ على العقيدة الأنجليكانية التقليدية وخدمة العالم باسم المسيح.
الجهود الحالية
تقوم مقاطعة أمريكا الأنجليكانية بعدد من الجهود لضمان مستقبلها، بما في ذلك:
- التوعية: تسعى الكنيسة إلى الوصول إلى أعضاء جدد من خلال وسائل الإعلام الاجتماعية والمناسبات المجتمعية والأنشطة الأخرى.
- التعليم: تقدم APA برامج تعليمية لأعضائها وغير الأعضاء على حد سواء، بهدف تعزيز فهم العقيدة الأنجليكانية التقليدية.
- تنمية القيادة: تستثمر الكنيسة في تدريب وتطوير قادة جدد لضمان استمرار القيادة الفعالة في المستقبل.
- التعاون: تسعى APA إلى التعاون مع الكنائس والمنظمات الأخرى التي تشاركها قيمها لتعزيز رسالتها.
خاتمة
مقاطعة أمريكا الأنجليكانية هي كنيسة أنجليكانية مستمرة تسعى إلى الحفاظ على العقيدة الأنجليكانية التقليدية والليتورجيا التاريخية. تأسست الكنيسة على يد أعضاء سابقين في الكنيسة الأسقفية البروتستانتية الذين انفصلوا بسبب خلافات حول العقيدة والممارسة. تواجه APA عددًا من التحديات، لكنها تظل ملتزمة برسالتها المتمثلة في خدمة العالم باسم المسيح.