نشأته وحياته المبكرة
ولد إيمري قبل عام 1155، وهو الابن الثالث لهيو الثامن دي لوزينيان و بورغوندي دي رانس. كان لعائلة لوزينيان تاريخ طويل من الخدمة في الممالك الصليبية، وكان لإيمري أخوان أكبر منه، هما غي وجودفري، بالإضافة إلى عدد من الأشقاء الآخرين. لم تكن السنوات الأولى من حياة إيمري موثقة بشكل جيد، ولكن من المعروف أنه وصل إلى الشرق مع إخوته خلال الحملة الصليبية الثالثة.
الوصول إلى قبرص
بعد وفاة الملك غي دي لوزينيان، شقيق إيمري الأكبر، في عام 1194، خلفه إيمري في منصب لورد قبرص. كانت قبرص في ذلك الوقت مملكة فتية نسبيًا، وقد تأسست بعد أن استولى عليها ريتشارد قلب الأسد ملك إنجلترا خلال الحملة الصليبية الثالثة ثم باعها لفرسان الهيكل، الذين بدورهم باعوها لغي دي لوزينيان. سعى إيمري إلى تعزيز سلطته وترسيخ مكانته كحاكم لقبرص.
واجه إيمري تحديات داخلية وخارجية. داخليًا، كان عليه التعامل مع معارضة النبلاء المحليين الذين لم يكونوا راضين عن حكم عائلة لوزينيان. خارجيًا، كان عليه أن يحمي قبرص من التهديدات من القوى المجاورة، وخاصةً الإمبراطورية البيزنطية والسلطنة الأيوبية.
تأسيس المملكة
كانت الخطوة الحاسمة التي اتخذها إيمري لتعزيز سلطته هي السعي للحصول على اعتراف رسمي بمملكة قبرص من الإمبراطور الروماني المقدس هنري السادس. رأى إيمري في الإمبراطورية الرومانية المقدسة قوة قادرة على حماية مصالحه في المنطقة، كما أن الحصول على لقب ملك سيمنحه مكانة أكبر بين حكام العالم المسيحي.
في عام 1196، أرسل إيمري مبعوثين إلى الإمبراطور هنري السادس، وعرض عليه دفع الجزية والاعتراف بسيادة الإمبراطورية على قبرص مقابل الحصول على لقب ملك. وافق الإمبراطور هنري السادس على العرض، وفي عام 1197، وصل مبعوثون إمبراطوريون إلى قبرص، وتوج إيمري ملكًا على قبرص في احتفال كبير أقيم في نيقوسيا. بهذه الخطوة، أصبحت قبرص مملكة معترف بها رسميًا في أوروبا والعالم المسيحي.
ملك أورشليم
في عام 1197، توفي الملك هنري الثاني ملك أورشليم، وخلفته الملكة إيزابيلا الأولى. كانت إيزابيلا أرملة كونراد من مونفيراتو، ولذلك كان عليها الزواج مرة أخرى لضمان استمرار الحكم في المملكة. اختارت إيزابيلا إيمري دي لوزينيان ليكون زوجها وملكًا لأورشليم. كان الزواج بين إيزابيلا وإيمري زواجًا سياسيًا بالدرجة الأولى، وكان يهدف إلى توحيد مملكتي قبرص وأورشليم في مواجهة التهديدات الخارجية.
تزوج إيمري وإيزابيلا في عام 1198، وتوجا معًا كملك وملكة لأورشليم. كان حكمهما المشترك فترة من الاستقرار النسبي في المملكة، لكنهما واجها أيضًا تحديات كبيرة، بما في ذلك التهديدات المستمرة من الأيوبيين والصراعات الداخلية بين الفصائل المختلفة في المملكة.
إنجازاته
- تأسيس مملكة قبرص المستقلة: كان إيمري دي لوزينيان مهندس تأسيس مملكة قبرص المستقلة، وذلك من خلال حصوله على اعتراف الإمبراطور هنري السادس.
- توحيد قبرص وأورشليم: من خلال زواجه من الملكة إيزابيلا الأولى، تمكن إيمري من توحيد مملكتي قبرص وأورشليم، مما عزز موقف المملكتين في مواجهة التهديدات الخارجية.
- تعزيز الاستقرار: ساهم إيمري في تحقيق الاستقرار النسبي في كل من قبرص وأورشليم خلال فترة حكمه.
التحديات التي واجهها
- المعارضة الداخلية: واجه إيمري معارضة من النبلاء المحليين في قبرص الذين لم يكونوا راضين عن حكم عائلة لوزينيان.
- التهديدات الخارجية: واجه إيمري تهديدات من الإمبراطورية البيزنطية والسلطنة الأيوبية، اللتين كانتا تطمعان في قبرص وأورشليم.
- الصراعات الداخلية في أورشليم: واجه إيمري صراعات داخلية بين الفصائل المختلفة في مملكة أورشليم.
وفاته وخلافته
توفي إيمري في 1 أبريل 1205، بعد فترة حكم استمرت حوالي عشر سنوات في قبرص وخمس سنوات في أورشليم. توفيت زوجته إيزابيلا بعده بفترة وجيزة. خلفه ابنه هيو الأول في حكم قبرص، بينما خلفته ابنته ماريا من زوجها الأول في حكم أورشليم.
كان لإيمري دي لوزينيان دور هام في تاريخ الممالك الصليبية في الشرق الأوسط. لقد نجح في تأسيس مملكة قبرص المستقلة وتوحيدها مع مملكة أورشليم، مما عزز موقف الممالك الصليبية في المنطقة. على الرغم من التحديات التي واجهها، إلا أنه تمكن من تحقيق الاستقرار النسبي في كل من قبرص وأورشليم خلال فترة حكمه.
خاتمة
إيمري دي لوزينيان شخصية محورية في تاريخ قبرص والممالك الصليبية. بفضل طموحه وحنكته السياسية، تمكن من تأسيس مملكة قبرص المستقلة وتوحيدها مع مملكة أورشليم. على الرغم من التحديات التي واجهها، إلا أنه ترك بصمة واضحة في تاريخ المنطقة، وأسس لعائلة لوزينيان حكمًا استمر لعدة قرون في قبرص.