أحداث أكتوبر
27 أكتوبر – اقتراع عام يُجرى لتحديد ما إذا كان المستعمرون البيض في روديسيا الجنوبية يريدون الانضمام إلى اتحاد جنوب إفريقيا أو الحصول على حكم ذاتي مسؤول. صوت الناخبون بأغلبية ساحقة لصالح الحكم الذاتي المسؤول، حيث صوت 8774 ناخبًا لصالحه مقابل 5989 صوتًا لصالح الانضمام إلى اتحاد جنوب إفريقيا. شارك في التصويت البيض وستون شخصًا فقط من غير البيض.
خلفية الأحداث
شهدت روديسيا الجنوبية في عام 1922 منعطفًا حاسمًا في تاريخها السياسي. كان المستعمرون البيض يواجهون خيارًا صعبًا بين الانضمام إلى اتحاد جنوب إفريقيا، الذي كان يمثل قوة اقتصادية وسياسية صاعدة في المنطقة، أو السعي للحصول على حكم ذاتي مسؤول، وهو خيار كان يحمل في طياته وعودًا بالاستقلال والسيطرة على مصيرهم، ولكنه كان محفوفًا بالمخاطر والتحديات.
كانت فكرة الانضمام إلى اتحاد جنوب إفريقيا مدعومة من قبل بعض الفئات في المجتمع الأبيض، الذين رأوا فيها فرصة للاستفادة من الموارد الاقتصادية والخبرات الإدارية للاتحاد. كما أنهم كانوا يرون فيها وسيلة لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، في ظل التحديات التي كانت تواجهها المستعمرات البريطانية في إفريقيا.
في المقابل، كان هناك تيار قوي يدعو إلى الحكم الذاتي المسؤول، وكان مدعومًا من قبل العديد من المستعمرين البيض الذين كانوا يطمحون إلى إنشاء دولة مستقلة يديرها البيض، ويتحكمون في سياساتها واقتصادها. كانوا يرون في الحكم الذاتي فرصة لتحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم، وتأكيد هويتهم ومصالحهم الخاصة.
الحملة الانتخابية والاستعداد للاقتراع
شهد عام 1922 حملة انتخابية مكثفة، حيث انخرطت مختلف الفئات السياسية والاجتماعية في نقاشات حادة حول مستقبل روديسيا الجنوبية. تم تنظيم الاجتماعات والمظاهرات، ونشرت المقالات والبيانات في الصحف والمجلات، وتم استخدام جميع الوسائل المتاحة للتأثير على الرأي العام.
كانت القضية الرئيسية التي تمحورت حولها الحملة الانتخابية هي مستقبل العلاقة بين روديسيا الجنوبية وبريطانيا العظمى، وما إذا كان من الأفضل الانضمام إلى اتحاد جنوب إفريقيا أو السعي للحصول على حكم ذاتي مسؤول. تم طرح العديد من الحجج والمبررات من قبل كلا الطرفين، وتم التركيز على الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لكل خيار.
بالإضافة إلى ذلك، تم التركيز على قضية حقوق السكان الأصليين، وما إذا كان يجب منحهم حقوقًا سياسية واجتماعية متساوية. كانت هذه القضية حساسة للغاية، حيث كان المستعمرون البيض يخشون من فقدان سيطرتهم على السلطة إذا تم منح السكان الأصليين حقوقًا متساوية.
نتائج الاقتراع وتأثيرها
في 27 أكتوبر 1922، تم إجراء الاقتراع العام، الذي شارك فيه المستعمرون البيض وستون شخصًا فقط من غير البيض. أسفرت النتائج عن فوز ساحق لخيار الحكم الذاتي المسؤول، حيث صوت 8774 ناخبًا لصالحه مقابل 5989 صوتًا لصالح الانضمام إلى اتحاد جنوب إفريقيا.
كانت هذه النتيجة بمثابة انتصار كبير لأنصار الحكم الذاتي المسؤول، الذين احتفلوا بفوزهم واعتبروه بداية حقبة جديدة في تاريخ روديسيا الجنوبية. في المقابل، شعر أنصار الانضمام إلى اتحاد جنوب إفريقيا بخيبة أمل كبيرة، واعتبروا أن هذه النتيجة تمثل خسارة كبيرة لمصالحهم.
كانت لنتائج الاقتراع تأثير كبير على مستقبل روديسيا الجنوبية، حيث تمكن المستعمرون البيض من الحصول على حكم ذاتي مسؤول، وتشكيل حكومة خاصة بهم. ومع ذلك، استمرت روديسيا الجنوبية في الاعتماد على بريطانيا العظمى في بعض المجالات، مثل الدفاع والشؤون الخارجية.
تحديات الحكم الذاتي
واجهت حكومة الحكم الذاتي الجديدة العديد من التحديات، بما في ذلك التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. كان عليها أن تتعامل مع قضايا مثل الفقر والبطالة والتمييز العنصري، وأن تعمل على بناء اقتصاد قوي ومستدام.
بالإضافة إلى ذلك، كان على الحكومة أن تتعامل مع قضية حقوق السكان الأصليين، وأن تعمل على تحسين أوضاعهم المعيشية ومنحهم حقوقًا سياسية واجتماعية متساوية. كانت هذه القضية حساسة للغاية، حيث كان المستعمرون البيض يخشون من فقدان سيطرتهم على السلطة إذا تم منح السكان الأصليين حقوقًا متساوية.
على الرغم من هذه التحديات، تمكنت حكومة الحكم الذاتي من تحقيق بعض النجاحات، مثل بناء بنية تحتية حديثة وتطوير قطاع الزراعة. ومع ذلك، استمرت روديسيا الجنوبية في مواجهة العديد من المشاكل، واستمرت قضية حقوق السكان الأصليين في إثارة الجدل والانقسام.
التمييز العنصري
كان التمييز العنصري جزءًا لا يتجزأ من الحياة في روديسيا الجنوبية في ذلك الوقت. كان السكان الأصليون يعانون من التمييز في جميع جوانب الحياة، بما في ذلك التعليم والتوظيف والسكن والرعاية الصحية. لم يكن لديهم حقوق سياسية متساوية، وكانوا محرومين من العديد من الفرص التي كانت متاحة للبيض.
كانت قوانين التمييز العنصري تهدف إلى الحفاظ على سيطرة البيض على السلطة والثروة، وإلى منع السكان الأصليين من الحصول على حقوق متساوية. كانت هذه القوانين ظالمة وغير عادلة، وتسببت في معاناة كبيرة للسكان الأصليين.
على الرغم من ذلك، قاوم السكان الأصليون التمييز العنصري بكل الوسائل المتاحة، بما في ذلك الاحتجاجات والمظاهرات والإضرابات. طالبوا بحقوق متساوية، وبإنهاء التمييز العنصري، وبإقامة مجتمع عادل ومنصف.
نحو الاستقلال
في السنوات اللاحقة، استمرت روديسيا الجنوبية في التطور والتغير. تم تأسيس جامعة روديسيا الجنوبية في عام 1955، وتم إنشاء العديد من المصانع والمزارع. ومع ذلك، استمر التمييز العنصري في كونه مشكلة رئيسية، واستمر السكان الأصليون في المطالبة بحقوق متساوية.
في عام 1965، أعلنت روديسيا الجنوبية استقلالها من جانب واحد عن بريطانيا العظمى، في خطوة أثارت إدانة دولية واسعة النطاق. استمرت الحرب الأهلية في روديسيا الجنوبية لسنوات عديدة، وتسببت في خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات.
في عام 1980، تم التوصل إلى اتفاق سلام، وتم تغيير اسم روديسيا الجنوبية إلى زيمبابوي. تم إجراء انتخابات حرة ونزيهة، وتم انتخاب روبرت موغابي رئيسًا للبلاد. بدأت زيمبابوي حقبة جديدة في تاريخها، حقبة الاستقلال والحرية والمساواة.
خاتمة
كان عام 1922 عامًا حاسمًا في تاريخ روديسيا الجنوبية، حيث اتخذ المستعمرون البيض قرارًا بالبقاء خارج اتحاد جنوب إفريقيا والسعي للحصول على حكم ذاتي مسؤول. كان لهذا القرار تأثير كبير على مستقبل روديسيا الجنوبية، ومهد الطريق لاستقلالها في عام 1980 باسم زيمبابوي. على الرغم من أن الحكم الذاتي منح البيض سيطرة أكبر، إلا أنه لم يحل مشكلة التمييز العنصري الذي استمر لعقود لاحقة.