<![CDATA[
الأصول والإلهام
يمكن إرجاع أصول جمعية يا باسطا إلى منتصف التسعينيات، وهي فترة اتسمت بتزايد القلق بشأن الآثار الاجتماعية والاقتصادية للعولمة النيوليبرالية في إيطاليا. شهدت البلاد ارتفاعًا في البطالة وعدم المساواة والفقر، مما أدى إلى تنامي الشعور بالإحباط وخيبة الأمل بين العديد من الإيطاليين، وخاصة الشباب.
في هذا السياق، ظهرت حركة زاباتيستا في المكسيك كمصدر إلهام قوي للناشطين والمنظمات في إيطاليا. كانت حركة زاباتيستا، وهي حركة ثورية مؤلفة في معظمها من السكان الأصليين في ولاية تشياباس جنوب المكسيك، قد انتفضت في عام 1994 احتجاجًا على سياسات الحكومة النيوليبرالية وإقصاء السكان الأصليين. ألهمت كفاحهم من أجل الحكم الذاتي والعدالة الاجتماعية العديد من الناشطين في جميع أنحاء العالم، بمن فيهم أولئك الموجودون في إيطاليا.
استلهمت جمعية يا باسطا من حركة زاباتيستا، ليس فقط في أفكارها السياسية، ولكن أيضًا في أساليب تنظيمها ونضالها. تبنت المجموعة شعار “يا باسطا!”، وهو تعبير إسباني يعني “كفى!” أو “هذا يكفي!”، والذي استخدمته حركة زاباتيستا للتعبير عن رفضها للظلم والقمع.
الأهداف والمبادئ
تهدف جمعية يا باسطا إلى تحقيق مجموعة واسعة من الأهداف السياسية والاجتماعية، بما في ذلك:
- تعزيز حقوق المهاجرين: تدافع الجمعية عن حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء، وتدعو إلى المساواة في الحقوق والحماية لجميع الأشخاص بغض النظر عن وضعهم القانوني.
- مناهضة الرأسمالية: تسعى الجمعية إلى تحدي نظام الرأسمالية النيوليبرالية، الذي تعتبره مسؤولاً عن تفاقم عدم المساواة والفقر والتدهور البيئي.
- تعزيز الحكم الذاتي: تدعم الجمعية حركات الحكم الذاتي والمبادرات الشعبية التي تهدف إلى استعادة السيطرة على الموارد واتخاذ القرارات من المجتمعات المحلية.
- بناء التضامن: تعمل الجمعية على بناء التضامن بين مختلف الحركات الاجتماعية والمنظمات التي تشترك في أهداف مماثلة، سواء في إيطاليا أو على المستوى الدولي.
تسترشد جمعية يا باسطا بمجموعة من المبادئ الأساسية، بما في ذلك:
- الديمقراطية التشاركية: تؤمن الجمعية بأهمية الديمقراطية التشاركية، حيث يشارك جميع الأعضاء في اتخاذ القرارات ويساهمون في عمل المجموعة.
- اللاعنف: تلتزم الجمعية باللاعنف كطريقة للنضال، وتسعى إلى تحقيق أهدافها من خلال وسائل سلمية وغير عنيفة.
- التضامن: تؤكد الجمعية على أهمية التضامن بين مختلف الحركات الاجتماعية والمنظمات، وتعمل على بناء شبكات من الدعم المتبادل والتعاون.
- الاستقلالية: تحافظ الجمعية على استقلالها عن الأحزاب السياسية والمؤسسات الحكومية، وتسعى إلى الحفاظ على حريتها في العمل والتعبير.
الأنشطة والحملات
شاركت جمعية يا باسطا في مجموعة واسعة من الأنشطة والحملات على مر السنين، بما في ذلك:
- الاحتجاجات والمظاهرات: نظمت الجمعية العديد من الاحتجاجات والمظاهرات ضد سياسات الحكومة النيوليبرالية، والحرب، والعنصرية، والتمييز ضد المهاجرين.
- حملات دعم المهاجرين: أطلقت الجمعية العديد من الحملات لدعم المهاجرين وطالبي اللجوء، وتوفير المساعدة القانونية والاجتماعية، والدعوة إلى حقوقهم.
- المبادرات الاجتماعية: دعمت الجمعية العديد من المبادرات الاجتماعية التي تهدف إلى بناء بدائل للرأسمالية النيوليبرالية، مثل التعاونيات، والمشاريع الزراعية المجتمعية، والمراكز الاجتماعية.
- التوعية والتثقيف: نظمت الجمعية العديد من الفعاليات التوعوية والتثقيفية لنشر الوعي حول القضايا التي تعمل عليها، وتعبئة الدعم الشعبي.
من بين أبرز الأنشطة التي شاركت فيها جمعية يا باسطا:
- مناهضة قمة مجموعة الثماني في جنوة عام 2001: شاركت الجمعية في الاحتجاجات الواسعة النطاق ضد قمة مجموعة الثماني التي عقدت في جنوة بإيطاليا عام 2001، والتي شهدت قمعًا عنيفًا من قبل الشرطة.
- حملة “تاتشي روزي” (Tute Bianche): كانت الجمعية رائدة في حملة “تاتشي روزي”، التي استخدمت استراتيجية “العصيان المدني الإبداعي” لمواجهة سياسات العولمة النيوليبرالية. ارتدى المشاركون في الحملة بدلات بيضاء مبطنة لحماية أنفسهم من عنف الشرطة، وشاركوا في أعمال عصيان مدني واسعة النطاق.
- دعم المهاجرين في لامبيدوزا: شاركت الجمعية بنشاط في دعم المهاجرين وطالبي اللجوء الذين وصلوا إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، وتوفير المساعدة والمأوى، والدعوة إلى حقوقهم.
التأثير والإرث
كان لجمعية يا باسطا تأثير كبير على المشهد السياسي والاجتماعي الإيطالي. ساهمت المجموعة في رفع مستوى الوعي حول القضايا المتعلقة بحقوق المهاجرين، ومناهضة الرأسمالية، والحكم الذاتي، والتضامن. لعبت الجمعية أيضًا دورًا مهمًا في تعبئة الدعم الشعبي لهذه القضايا، وبناء شبكات من التضامن والتعاون بين مختلف الحركات الاجتماعية والمنظمات.
على الرغم من أن جمعية يا باسطا لم تعد نشطة كما كانت في الماضي، إلا أن إرثها لا يزال حيًا في العديد من الحركات الاجتماعية والمنظمات التي تواصل العمل من أجل عالم أكثر عدلاً وإنصافًا. ألهمت المجموعة جيلًا من الناشطين والمنظمات في إيطاليا وخارجها، ولا تزال أفكارها وممارساتها ذات صلة اليوم.
التحديات والانتقادات
واجهت جمعية يا باسطا العديد من التحديات والانتقادات على مر السنين. تعرضت المجموعة للقمع من قبل الشرطة، واتُهمت بالعنف والتطرف. واجهت الجمعية أيضًا انتقادات من داخل الحركة الاجتماعية الأوسع نطاقاً، حيث اتهمها البعض بالعناد والدوغماتية.
على الرغم من هذه التحديات والانتقادات، تمكنت جمعية يا باسطا من الحفاظ على التزامها بمبادئها وأهدافها. واصلت المجموعة العمل من أجل عالم أكثر عدلاً وإنصافًا، وألهمت العديد من الآخرين لفعل الشيء نفسه.
خاتمة
تعتبر جمعية يا باسطا مثالاً بارزًا على حركة اجتماعية نجحت في رفع مستوى الوعي حول القضايا الهامة، وتعبئة الدعم الشعبي، وبناء شبكات من التضامن والتعاون. على الرغم من التحديات والانتقادات التي واجهتها، تركت الجمعية إرثًا دائمًا من الإلهام والأمل.