نشأته وتعليمه
ولد هوارد روبنسون في المملكة المتحدة عام 1945. تلقى تعليمه في مدارس بريطانية مرموقة قبل أن يلتحق بالجامعة. حصل على درجة البكالوريوس في الفلسفة من جامعة أكسفورد، حيث درس على يد عدد من الفلاسفة البارزين. بعد ذلك، تابع دراساته العليا في جامعة برينستون في الولايات المتحدة، حيث حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة. خلال فترة دراسته، تأثر روبنسون بالعديد من التيارات الفلسفية، بما في ذلك الفلسفة التحليلية والمادية.
مسيرته الأكاديمية
بعد حصوله على الدكتوراه، بدأ روبنسون مسيرته الأكاديمية في التدريس والبحث. عمل في عدد من الجامعات المرموقة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، بما في ذلك جامعة أكسفورد وجامعة ستانفورد. شغل مناصب أكاديمية مختلفة، بما في ذلك أستاذ الفلسفة ورئيس قسم الفلسفة. خلال مسيرته الأكاديمية، أشرف روبنسون على العديد من الطلاب وأشرف على أبحاثهم في مجالات فلسفة العقل والميتافيزيقا. كما قام بتدريس مجموعة واسعة من الدورات الدراسية في الفلسفة، بدءًا من مقدمات الفلسفة وحتى الموضوعات المتقدمة في فلسفة العقل.
مساهماته الفلسفية
تتركز مساهمات هوارد روبنسون الفلسفية بشكل أساسي في مجالات فلسفة العقل والميتافيزيقا. يُعرف بشكل خاص بموقفه المادي الإقصائي فيما يتعلق بالكيفيات المحسوسة. يجادل روبنسون بأن الكيفيات المحسوسة، مثل الإحساس بالألم أو رؤية اللون الأحمر، ليست خصائص حقيقية للخبرة الواعية، بل هي مجرد مفاهيم خاطئة تنشأ عن فهمنا الخاطئ لطبيعة العقل. يعتقد روبنسون أن التطورات في علم الأعصاب وعلم النفس ستبين في النهاية أن الكيفيات المحسوسة لا وجود لها، وأن الخبرة الواعية يمكن تفسيرها بالكامل من خلال العمليات الفيزيائية في الدماغ.
بالإضافة إلى موقفه المادي الإقصائي، قدم روبنسون مساهمات مهمة في مجالات أخرى من فلسفة العقل، بما في ذلك مشكلة العقل والجسم، وطبيعة الوعي، والعلاقة بين العقل واللغة. كما كتب على نطاق واسع عن الميتافيزيقا، بما في ذلك طبيعة الواقع، والوجود، والسببية.
المادية الإقصائية والكيفيات المحسوسة
المادية الإقصائية هي موقف فلسفي يرى أن بعض المفاهيم أو الكيانات التي نعتقد أنها موجودة هي في الواقع غير موجودة. في سياق فلسفة العقل، تطبق المادية الإقصائية على الحالات العقلية، مثل المعتقدات والرغبات والكيفيات المحسوسة. يجادل الماديون الإقصائيون بأن هذه الحالات العقلية ليست كيانات حقيقية، بل هي مجرد مفاهيم خاطئة تنشأ عن فهمنا الخاطئ لطبيعة العقل.
يعتبر روبنسون من أبرز المدافعين عن المادية الإقصائية فيما يتعلق بالكيفيات المحسوسة. يجادل بأن الكيفيات المحسوسة ليست خصائص حقيقية للخبرة الواعية، بل هي مجرد مفاهيم خاطئة تنشأ عن فهمنا الخاطئ لكيفية عمل الدماغ. يعتقد روبنسون أن التطورات في علم الأعصاب وعلم النفس ستبين في النهاية أن الكيفيات المحسوسة لا وجود لها، وأن الخبرة الواعية يمكن تفسيرها بالكامل من خلال العمليات الفيزيائية في الدماغ.
يثير موقف روبنسون العديد من الأسئلة والتحديات. على سبيل المثال، إذا كانت الكيفيات المحسوسة غير موجودة، فكيف نفسر التجربة الذاتية الغنية والمتنوعة التي نمر بها؟ كيف نفسر الإحساس بالألم، أو رؤية اللون الأحمر، أو سماع الموسيقى؟ يرى روبنسون أن هذه التجارب يمكن تفسيرها من خلال العمليات الفيزيائية في الدماغ، وأننا ببساطة نخطئ في تفسير هذه العمليات على أنها كيفيات محسوسة.
نقد المادية الإقصائية
واجهت المادية الإقصائية انتقادات كبيرة من قبل الفلاسفة الآخرين. يجادل العديد من النقاد بأن المادية الإقصائية تتعارض مع حدسنا الأساسي بأن لدينا تجارب واعية حقيقية. كما يجادلون بأن المادية الإقصائية غير قادرة على تفسير بعض جوانب الخبرة الواعية، مثل الذاتية والنوعية.
يرى بعض النقاد أن المادية الإقصائية تقوض فكرة المسؤولية الأخلاقية. إذا كانت أفعالنا تحددها العمليات الفيزيائية في الدماغ، وإذا لم يكن لدينا سيطرة واعية على أفعالنا، فكيف يمكن أن نكون مسؤولين أخلاقياً عن أفعالنا؟ يرد الماديون الإقصائيون بأن المسؤولية الأخلاقية يمكن تفسيرها بطرق أخرى، وأنها لا تعتمد على فكرة الإرادة الحرة.
على الرغم من هذه الانتقادات، لا تزال المادية الإقصائية موقفًا فلسفيًا مؤثرًا في فلسفة العقل. يواصل الماديون الإقصائيون الدفاع عن موقفهم وتقديم حجج جديدة لدعمه.
أعماله الرئيسية
نشر هوارد روبنسون العديد من الكتب والمقالات في مجالات فلسفة العقل والميتافيزيقا. من بين أعماله الرئيسية:
- Matter and Sense: A Materialistic Account of the Qualia Problem (1982)
- Perception (1994)
- Consciousness (2004)
تعتبر هذه الأعمال من المساهمات الهامة في النقاشات الفلسفية حول طبيعة الوعي والعلاقة بين العقل والمادة.
تأثيره
كان لهوارد روبنسون تأثير كبير على الفلاسفة وعلماء الأعصاب وعلماء النفس. ألهمت أفكاره العديد من الباحثين لاستكشاف طبيعة الوعي والعلاقة بين العقل والمادة. كما ساهم في تطوير مناهج جديدة لدراسة العقل والوعي. يعتبر روبنسون شخصية مؤثرة في الفلسفة المعاصرة، ولا تزال أفكاره موضع نقاش وجدال.
خاتمة
هوارد روبنسون فيلسوف بريطاني بارز متخصص في فلسفة العقل والميتافيزيقا. يُعرف بشكل خاص بموقفه المادي الإقصائي فيما يتعلق بالكيفيات المحسوسة. قدم روبنسون مساهمات مهمة في النقاشات الفلسفية حول طبيعة الوعي والعلاقة بين العقل والمادة. على الرغم من أن أفكاره تثير العديد من الأسئلة والتحديات، إلا أنها تظل مؤثرة ومهمة في الفلسفة المعاصرة.