خلفية تاريخية
في أوائل القرن العشرين، شهدت البحرية الأمريكية توسعًا سريعًا، مدفوعة برغبة الولايات المتحدة في أن تصبح قوة بحرية عالمية. تطلب هذا التوسع وجود أسطول كبير قادر على العمل في جميع أنحاء العالم. كانت السفن الحربية التي تعمل بالفحم في ذلك الوقت تعتمد على إمدادات منتظمة من الفحم للحفاظ على قدرتها على الإبحار والقتال. لذلك، كان بناء ناقلات فحم قادرة وموثوقة أمرًا بالغ الأهمية لدعم هذا التوسع.
تم تصميم فئة بروتيوس من ناقلات الفحم لتلبية هذه الحاجة. كانت هذه السفن كبيرة وقادرة على حمل كميات كبيرة من الفحم، مما يسمح لها بدعم السفن الحربية الأمريكية المنتشرة في جميع أنحاء العالم. تم بناء أربع سفن في هذه الفئة: بروتيوس، ونيروس، وأوريون، وجيسون. لعبت جميع هذه السفن دورًا مهمًا في دعم البحرية الأمريكية خلال الحرب العالمية الأولى وما بعدها.
التصميم والبناء
تم تصميم نيروس يو إس إس لتكون ناقلة فحم قادرة على حمل كميات كبيرة من الفحم لمسافات طويلة. كان طولها الإجمالي 165 مترًا، وعرضها 20 مترًا، وغاطسها 8 أمتار. كانت حمولتها القصوى تبلغ حوالي 19,360 طنًا. كانت السفينة مدعومة بمحرك بخاري ثلاثي التمدد واحد، مما أعطاها سرعة قصوى تبلغ 14 عقدة.
بدأ بناء نيروس في نيوبورت نيوز بولاية فيرجينيا في عام 1911، وتم إطلاقها في عام 1912. تم تكليفها في البحرية الأمريكية في عام 1913. تم تصميم السفينة لنقل الفحم بكفاءة، وكانت مجهزة بمعدات تحميل وتفريغ متطورة في ذلك الوقت.
الخدمة في البحرية الأمريكية
بعد دخولها الخدمة، تم تكليف نيروس يو إس إس بنقل الفحم إلى السفن الحربية الأمريكية في جميع أنحاء العالم. عملت السفينة في المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ، وقامت بزيارة العديد من الموانئ في جميع أنحاء العالم. لعبت نيروس دورًا حيويًا في دعم الأسطول الأمريكي خلال الحرب العالمية الأولى.
خلال الحرب، قامت نيروس بنقل الفحم إلى السفن الحربية الأمريكية العاملة في أوروبا. كما قامت بنقل الإمدادات والمعدات الأخرى إلى القوات الأمريكية في الخارج. كانت السفينة جزءًا أساسيًا من الجهد الحربي الأمريكي، وساهمت في نجاح العمليات البحرية الأمريكية.
بعد الحرب العالمية الأولى، واصلت نيروس الخدمة في البحرية الأمريكية كناقلة فحم. ومع ذلك، مع تزايد استخدام النفط كوقود للسفن الحربية، بدأت أهمية ناقلات الفحم تتضاءل. في عام 1922، تم إخراج نيروس من الخدمة ووضعها في الاحتياط.
الاختفاء الغامض
في عام 1941، تم إعادة تكليف نيروس يو إس إس بالخدمة بسبب الحاجة المتزايدة للسفن خلال الحرب العالمية الثانية. تم استخدامها لنقل الإمدادات والمعدات إلى القواعد الأمريكية في منطقة البحر الكاريبي. ومع ذلك، في 10 ديسمبر 1941، اختفت نيروس فجأة أثناء رحلة من جزيرة سانت توماس في جزر العذراء الأمريكية إلى نورفولك، فيرجينيا. لم يتم العثور على أي أثر للسفينة أو طاقمها المكون من 61 فردًا.
أثار اختفاء نيروس العديد من النظريات والتكهنات. يعتقد البعض أن السفينة غرقت بسبب عاصفة أو خلل ميكانيكي. يعتقد البعض الآخر أنها تعرضت لهجوم من غواصة ألمانية. هناك أيضًا نظريات تشير إلى أنها دخلت منطقة “مثلث برمودا” سيئ السمعة، حيث اختفت العديد من السفن والطائرات الأخرى على مر السنين.
على الرغم من العديد من عمليات البحث، لم يتم العثور على حطام نيروس يو إس إس مطلقًا. يبقى اختفاء السفينة لغزًا حتى يومنا هذا. لا تزال نيروس واحدة من أكثر السفن البحرية الأمريكية شهرة التي فقدت في البحر.
نظريات حول الاختفاء
هناك عدة نظريات حول سبب اختفاء نيروس يو إس إس، ولكن لم يتم إثبات أي منها بشكل قاطع:
- العواصف والظروف الجوية السيئة: كانت منطقة البحر الكاريبي معروفة بعواصفها الشديدة والأعاصير. من الممكن أن تكون نيروس قد واجهت عاصفة قوية أدت إلى غرقها.
- هجوم الغواصات الألمانية: خلال الحرب العالمية الثانية، كانت الغواصات الألمانية تنشط في المحيط الأطلسي والبحر الكاريبي. من الممكن أن تكون نيروس قد تعرضت لهجوم من غواصة ألمانية وغرقت.
- خلل ميكانيكي: قد تكون نيروس عانت من خلل ميكانيكي كبير، مثل انفجار في غرفة المحرك، مما أدى إلى غرقها السريع.
- مثلث برمودا: تقع المنطقة التي اختفت فيها نيروس بالقرب من مثلث برمودا، وهي منطقة اكتسبت سمعة سيئة بسبب اختفاء السفن والطائرات فيها بشكل غامض. يعتقد البعض أن قوى خارقة للطبيعة أو ظواهر طبيعية غير مفسرة قد تكون مسؤولة عن هذه الاختفاءات.
- الحمولة غير المستقرة: كانت نيروس تحمل كمية كبيرة من الفحم، وإذا لم يتم تحميلها بشكل صحيح أو إذا تحركت الحمولة أثناء الطقس العاصف، فقد يؤدي ذلك إلى انقلاب السفينة وغرقها.
بغض النظر عن السبب، يظل اختفاء نيروس يو إس إس لغزًا محيرًا، ويذكرنا بالمخاطر التي تواجهها السفن والبحارة في البحر.
الأهمية التاريخية
على الرغم من اختفائها المأساوي، لعبت نيروس يو إس إس دورًا مهمًا في تاريخ البحرية الأمريكية. كانت واحدة من أوائل ناقلات الفحم المصممة خصيصًا لدعم الأسطول الأمريكي المتنامي. ساعدت نيروس في ضمان حصول السفن الحربية الأمريكية على الوقود الذي تحتاجه للعمل في جميع أنحاء العالم. خدمت السفينة أيضًا خلال الحرب العالمية الأولى، حيث قامت بنقل الإمدادات والمعدات إلى القوات الأمريكية في الخارج.
يظل اختفاء نيروس بمثابة تذكير بالمخاطر التي يواجهها البحارة، وأهمية السلامة البحرية. كما أنه بمثابة شهادة على الدور الحيوي الذي لعبته السفن اللوجستية مثل نيروس في دعم القوات البحرية.
إرث نيروس يو إس إس
على الرغم من اختفائها الغامض، لا تزال نيروس يو إس إس تُذكر كجزء مهم من تاريخ البحرية الأمريكية. تظل قصتها موضوع اهتمام للمؤرخين والباحثين وعشاق البحرية. إن اختفاء نيروس بمثابة تذكير بالمخاطر التي يواجهها البحارة وأهمية السلامة البحرية.
خاتمة
كانت نيروس يو إس إس (AC-10) ناقلة فحم تابعة للبحرية الأمريكية لعبت دورًا حيويًا في دعم الأسطول الأمريكي المتنامي في أوائل القرن العشرين. خدمت السفينة خلال الحرب العالمية الأولى واختفت بشكل غامض في عام 1941. على الرغم من اختفائها المأساوي، تظل نيروس جزءًا مهمًا من تاريخ البحرية الأمريكية ورمزًا للمخاطر التي يواجهها البحارة في البحر.