خلفية القضية
البند التاسع من قانون التعليم لعام 1972 ينص على أنه:
“لا يجوز حرمان أي شخص في الولايات المتحدة، على أساس الجنس، من المشاركة في أي برنامج تعليمي أو نشاط يتلقى مساعدة مالية فيدرالية، أو حرمانه من الفوائد المترتبة عليه، أو إخضاعه للتمييز بموجبه”.
كلية غروف سيتي هي مؤسسة تعليمية خاصة للفنون الحرة في ولاية بنسلفانيا، ولا تقبل بشكل مباشر أي تمويل فيدرالي. ومع ذلك، فقد استفاد بعض طلابها من منح الفرص التعليمية (Basic Educational Opportunity Grants – BEOGs)، وهي منح فيدرالية تقدم مباشرة للطلاب لمساعدتهم في تغطية نفقات التعليم. وزارة التعليم الأمريكية زعمت أن هذه المنح، حتى وإن كانت مقدمة للطلاب مباشرة، تجعل الكلية خاضعة لأحكام البند التاسع.
رفضت الكلية التوقيع على “تأكيد الامتثال” الذي تطلبه وزارة التعليم، والذي يضمن التزامها بأحكام البند التاسع. نتيجة لذلك، قامت الوزارة بقطع التمويل الفيدرالي للطلاب الملتحقين بالكلية.
الإجراءات القانونية
طعنت كلية غروف سيتي في قرار وزارة التعليم أمام المحاكم الفيدرالية. جادلت الكلية بأن تطبيق البند التاسع عليها غير دستوري، وأنه يتعدى على حريتها الدينية وحقها في تكوين جمعيات. المحكمة الجزئية أيدت موقف وزارة التعليم، لكن محكمة الاستئناف الدائرة الثالثة نقضت هذا القرار.
تم استئناف القضية أمام المحكمة العليا للولايات المتحدة.
قرار المحكمة العليا
في 28 فبراير 1984، أصدرت المحكمة العليا حكمها في قضية كلية غروف سيتي ضد بيل. قضت المحكمة بأغلبية 6 أصوات مقابل 3 بأن البند التاسع ينطبق على كلية غروف سيتي لأن طلابها يتلقون منحًا فيدرالية. ومع ذلك، فقد ضيقت المحكمة نطاق تطبيق البند التاسع، حيث قضت بأنه ينطبق فقط على “البرنامج أو النشاط” الذي يتلقى التمويل الفيدرالي مباشرة، وليس على المؤسسة التعليمية بأكملها.
بعبارة أخرى، رأت المحكمة أن قسم المساعدات المالية في كلية غروف سيتي، الذي يدير المنح الفيدرالية، هو فقط الخاضع لأحكام البند التاسع، وليس جميع جوانب الكلية.
أهمية القرار وتداعياته
كان لقرار المحكمة العليا في قضية كلية غروف سيتي ضد بيل تداعيات كبيرة على تطبيق البند التاسع. من خلال تضييق نطاق تطبيقه، قللت المحكمة من قدرة الحكومة الفيدرالية على منع التمييز على أساس الجنس في المؤسسات التعليمية. هذا القرار أثار قلق العديد من المدافعين عن حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين، الذين رأوا فيه تراجعًا عن التقدم الذي تم إحرازه في مجال التعليم.
ردًا على هذا القرار، أصدر الكونجرس قانون استعادة الحقوق المدنية لعام 1987. هذا القانون وسع نطاق تطبيق قوانين الحقوق المدنية، بما في ذلك البند التاسع، لتشمل المؤسسة التعليمية بأكملها إذا كان أي جزء منها يتلقى تمويلًا فيدراليًا. بمعنى آخر، ألغى قانون استعادة الحقوق المدنية فعليًا قرار المحكمة العليا في قضية كلية غروف سيتي ضد بيل، وأعاد البند التاسع إلى نطاقه الأصلي.
قانون استعادة الحقوق المدنية لعام 1987 نص على أن التمييز محظور في المؤسسة بأكملها، سواء كانت وكالة حكومية أو شركة خاصة، إذا كانت تتلقى أي مساعدة مالية فيدرالية. هذا يعني أن أي جزء من المؤسسة يتلقى تمويلًا فيدراليًا يجعل المؤسسة بأكملها خاضعة لقوانين مكافحة التمييز.
الآراء المعارضة
لم يكن قرار المحكمة العليا بالإجماع. انتقد القضاة المعارضون، بمن فيهم القاضية برينان، تضييق المحكمة لنطاق البند التاسع. جادلوا بأن هذا التفسير يتعارض مع الغرض من البند التاسع، وهو منع التمييز على أساس الجنس في التعليم. وأشاروا إلى أن منح الفرص التعليمية للطلاب تجعل المؤسسة التعليمية بأكملها مستفيدة من التمويل الفيدرالي، وبالتالي يجب أن تخضع لأحكام البند التاسع بشكل كامل.
تحليل إضافي
تعتبر قضية كلية غروف سيتي ضد بيل نقطة تحول في تاريخ تطبيق البند التاسع. على الرغم من أن قرار المحكمة العليا كان له تأثير مقيد في البداية، إلا أن قانون استعادة الحقوق المدنية لعام 1987 صحح هذا المسار وأعاد التأكيد على أهمية البند التاسع في ضمان المساواة بين الجنسين في التعليم. هذه القضية تبرز التوتر المستمر بين حماية الحقوق المدنية وحماية استقلالية المؤسسات التعليمية الخاصة.
التأثير على المؤسسات الدينية: إحدى الحجج التي أثارتها كلية غروف سيتي هي أن تطبيق البند التاسع عليها يتعارض مع حريتها الدينية. لطالما كانت المؤسسات الدينية حريصة على الحفاظ على قدرتها على إدارة شؤونها وفقًا لمعتقداتها الدينية، بما في ذلك السياسات المتعلقة بالجنس والزواج. قضية كلية غروف سيتي أثارت تساؤلات حول مدى تدخل الحكومة في الشؤون الداخلية للمؤسسات الدينية من خلال قوانين مكافحة التمييز.
التحديات المستمرة: على الرغم من قانون استعادة الحقوق المدنية، لا تزال هناك تحديات مستمرة في تطبيق البند التاسع. تتضمن هذه التحديات قضايا مثل التحرش الجنسي في المدارس والجامعات، وعدم المساواة في فرص الرياضة، والتمييز ضد الطلاب المتحولين جنسياً. البند التاسع لا يزال أداة حيوية في معالجة هذه القضايا وضمان حصول جميع الطلاب على فرص متساوية في التعليم.
خاتمة
قضية كلية غروف سيتي ضد بيل هي قضية بارزة في تاريخ الحقوق المدنية في الولايات المتحدة. على الرغم من أن قرار المحكمة العليا ضيق نطاق تطبيق البند التاسع في البداية، إلا أن قانون استعادة الحقوق المدنية لعام 1987 أعاد التأكيد على أهمية هذا القانون في ضمان المساواة بين الجنسين في التعليم. القضية تبرز التوتر المستمر بين حماية الحقوق المدنية وحماية استقلالية المؤسسات الخاصة، وتذكرنا بأهمية اليقظة المستمرة في مكافحة التمييز وضمان حصول جميع الطلاب على فرص متساوية في التعليم.