<![CDATA[
مقدمة
ويليام فيليكس براودر (بالإنجليزية: William Felix Browder) (مواليد 23 أبريل 1964) هو ممول وناشط سياسي بريطاني المولد من أصل أمريكي. يشغل منصب الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لشركة هيرميتاج كابيتال مانجمنت (Hermitage Capital Management)، وهي شركة كانت ذات يوم واحدة من أكبر صناديق التحوط التي تستثمر في روسيا. اشتهر براودر لاحقًا بحملته لكشف الفساد ومحاسبة المسؤولين الروس المتورطين في وفاة محاميه سيرجي ماغنيتسكي في السجن.
نشأته وتعليمه
ولد بيل براودر في 23 أبريل 1964 في الولايات المتحدة. ينحدر من عائلة ذات تاريخ سياسي واجتماعي بارز. جده، إيرل براودر، كان زعيمًا للحزب الشيوعي الأمريكي في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين. وعلى الرغم من خلفية عائلته الشيوعية، اتخذ بيل براودر مسارًا مختلفًا تمامًا، حيث ركز على عالم المال والأعمال.
تلقى براودر تعليمه في جامعة شيكاغو، حيث حصل على شهادة في الاقتصاد. ثم حصل على ماجستير إدارة الأعمال من جامعة ستانفورد. بعد الانتهاء من تعليمه، بدأ حياته المهنية في مجال الاستثمار.
مسيرته المهنية في روسيا
في أوائل التسعينيات، وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، رأى براودر فرصة استثمارية كبيرة في روسيا. في عام 1996، أسس شركة هيرميتاج كابيتال مانجمنت، التي سرعان ما أصبحت واحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السوق الروسية. ركزت الشركة على شراء أسهم في الشركات الروسية الكبرى، مستفيدة من الخصخصة والتحول الاقتصادي الذي كانت تشهده البلاد.
حققت هيرميتاج كابيتال مانجمنت نجاحًا كبيرًا في روسيا، حيث استفادت من النمو الاقتصادي السريع وارتفاع أسعار النفط. ومع ذلك، واجهت الشركة أيضًا تحديات كبيرة، بما في ذلك الفساد والممارسات التجارية غير النزيهة التي كانت منتشرة في روسيا في ذلك الوقت.
بدأ براودر في مكافحة الفساد في الشركات التي استثمر فيها، وكشف عن ممارسات احتيالية وأبلغ عنها للسلطات. أدت جهوده إلى بعض النجاحات الأولية، لكنها جعلته أيضًا هدفًا لبعض العناصر القوية في الحكومة الروسية.
قضية سيرجي ماغنيتسكي
في عام 2008، داهمت الشرطة الروسية مكاتب هيرميتاج كابيتال مانجمنت وصادرت وثائق الشركة. بعد ذلك بوقت قصير، تم القبض على سيرجي ماغنيتسكي، وهو محام روسي كان يعمل لدى الشركة، بتهمة التهرب الضريبي. زعم ماغنيتسكي أن التهم كانت ملفقة وأن المسؤولين الحكوميين كانوا متورطين في عملية احتيال ضريبي واسعة النطاق.
أثناء احتجازه في السجن، تعرض ماغنيتسكي لسوء المعاملة والحرمان من الرعاية الطبية. توفي في السجن في نوفمبر 2009. أثارت وفاته غضبًا دوليًا واسع النطاق.
أصر براودر على أن ماغنيتسكي قتل لأنه كشف عن الفساد. بدأ حملة عالمية للضغط على الحكومات لفرض عقوبات على المسؤولين الروس المتورطين في وفاة ماغنيتسكي وانتهاكات حقوق الإنسان الأخرى.
قانون ماغنيتسكي
كانت جهود براودر حاسمة في إقرار قانون ماغنيتسكي في الولايات المتحدة في عام 2012. يسمح القانون للحكومة الأمريكية بفرض عقوبات على المسؤولين الأجانب المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان والفساد. تم توسيع نطاق القانون لاحقًا ليشمل دولًا أخرى.
أثار قانون ماغنيتسكي غضب الحكومة الروسية، التي ردت بفرض عقوبات على المسؤولين الأمريكيين. أصبحت القضية رمزًا للصراع بين روسيا والغرب بشأن حقوق الإنسان والفساد.
واصل براودر الضغط من أجل فرض عقوبات على المسؤولين الروس في دول أخرى حول العالم. لقد أصبح منتقدًا صريحًا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، واتهمه بالفساد وانتهاكات حقوق الإنسان.
تحديات ومضايقات
واجه براودر تحديات ومضايقات كبيرة نتيجة لحملته ضد الفساد في روسيا. تم إدراجه على قائمة المطلوبين من قبل الشرطة الدولية (الإنتربول) بناءً على طلب من روسيا، على الرغم من إسقاط الإنتربول المذكرة لاحقًا. حوكم غيابياً في روسيا وأدين بتهم تتعلق بالتهرب الضريبي والاحتيال، وهي اتهامات ينفيها بشدة.
على الرغم من التهديدات والمضايقات، استمر براودر في حملته لكشف الفساد ومحاسبة المسؤولين الروس. لقد كتب كتابًا عن تجربته بعنوان “Red Notice: A True Story of High Finance, Murder, and One Man’s Fight for Justice”، والذي أصبح من الكتب الأكثر مبيعًا.
آراء وانتقادات
أثارت آراء براودر وانتقاداته للحكومة الروسية جدلاً واسعًا. يعتبره البعض بطلاً يكافح من أجل العدالة وحقوق الإنسان، بينما يتهمه آخرون بتضخيم الأمور وتشويه سمعة روسيا. يرى البعض أن حملته مدفوعة بمصالح شخصية، بينما يرى آخرون أنها تستند إلى مبادئ أخلاقية قوية.
بغض النظر عن الآراء المختلفة، لا يمكن إنكار تأثير براودر في تسليط الضوء على قضايا الفساد وحقوق الإنسان في روسيا. لقد لعب دورًا رئيسيًا في إقرار قانون ماغنيتسكي، الذي أصبح أداة قوية لمحاسبة المسؤولين المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.
هيرميتاج كابيتال مانجمنت اليوم
بعد الأحداث التي وقعت في روسيا، نقل براودر مقر شركة هيرميتاج كابيتال مانجمنت إلى لندن. تواصل الشركة إدارة الأصول والاستثمار في الأسواق الناشئة. يركز براودر الآن بشكل أساسي على حملته لكشف الفساد ومحاسبة المسؤولين الروس.
خاتمة
بيل براودر هو شخصية مثيرة للجدل، لكن لا يمكن إنكار تأثيره في عالم المال والسياسة. من خلال عمله في هيرميتاج كابيتال مانجمنت وحملته لكشف الفساد، أصبح قوة مؤثرة في العلاقات بين روسيا والغرب. ستظل قضيته وقضية سيرجي ماغنيتسكي تترددان في الأوساط السياسية والقانونية لسنوات قادمة، وستستمر في إلهام الآخرين لمكافحة الفساد والدفاع عن حقوق الإنسان.