نشأته وتعليمه
ولد باتريك براون في واشنطن العاصمة عام 1954. حصل على درجة البكالوريوس في الكيمياء من جامعة هارفارد عام 1976، ثم حصل على درجة الدكتوراه في الكيمياء الحيوية من جامعة شيكاغو عام 1982. بعد ذلك، أكمل زمالة ما بعد الدكتوراه في جامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو.
مسيرته المهنية الأكاديمية
بعد انتهاء زمالة ما بعد الدكتوراه، انضم براون إلى هيئة التدريس في جامعة ستانفورد عام 1988، حيث عمل أستاذاً للكيمياء الحيوية لمدة 25 عاماً. خلال فترة عمله في ستانفورد، ركز بحثه على دراسة تنظيم التعبير الجيني، وخاصةً استخدام المصفوفات الدقيقة للحمض النووي (DNA microarrays) لتحليل التعبير الجيني على نطاق واسع. يعتبر براون رائداً في تطوير وتطبيق تكنولوجيا المصفوفات الدقيقة، وقد ساهمت أبحاثه بشكل كبير في فهمنا للآليات الجزيئية التي تتحكم في وظيفة الخلية.
بالإضافة إلى أبحاثه الأساسية، كان براون أيضاً مهتماً بتطبيقات التكنولوجيا الحيوية في حل المشكلات الاجتماعية والبيئية. وقد دفعه هذا الاهتمام إلى استكشاف إمكانية استخدام التكنولوجيا الحيوية لإنتاج بدائل مستدامة للأغذية الحيوانية.
تأسيس شركة إمبوسيبل فودز
في عام 2011، أخذ براون إجازة تفرغ من جامعة ستانفورد لتأسيس شركة “إمبوسيبل فودز” (Impossible Foods). كان دافعه الرئيسي هو تقليل الأثر البيئي السلبي لإنتاج اللحوم. يعتقد براون أن إنتاج اللحوم يساهم بشكل كبير في تغير المناخ، وإزالة الغابات، وتلوث المياه، وفقدان التنوع البيولوجي. لذلك، سعى إلى تطوير بدائل نباتية للحوم تكون لذيذة ومغذية ومستدامة.
ركزت شركة إمبوسيبل فودز على فهم التركيب الجزيئي للحوم الحيوانية، ثم استخدام البروتينات النباتية والدهون والمغذيات الأخرى لإعادة إنتاج تجربة تناول اللحوم. أحد المكونات الرئيسية في منتجات إمبوسيبل فودز هو “هيم” (heme)، وهو جزيء يحتوي على الحديد موجود في الدم والعضلات. اكتشف براون وفريقه أن “هيم” يلعب دوراً حاسماً في نكهة اللحوم، وقاموا بتطوير طريقة لإنتاج “هيم” من فول الصويا باستخدام الهندسة الوراثية.
أطلقت شركة إمبوسيبل فودز أول منتج لها، وهو “إمبوسيبل برجر” (Impossible Burger)، في عام 2016. سرعان ما اكتسب البرجر النباتي شعبية كبيرة بسبب مذاقه الذي يشبه اللحم البقري وقدرته على “النزيف” مثل البرجر التقليدي. تم تقديم إمبوسيبل برجر في المطاعم في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ثم توسعت الشركة لتشمل أسواقاً دولية مثل كندا وهونج كونج وسنغافورة.
بالإضافة إلى إمبوسيبل برجر، طورت شركة إمبوسيبل فودز مجموعة متنوعة من المنتجات النباتية الأخرى، بما في ذلك “إمبوسيبل سوسيج” (Impossible Sausage) و “إمبوسيبل تشيكن ناجتس” (Impossible Chicken Nuggets) و “إمبوسيبل بيج” (Impossible Pork). تهدف الشركة إلى استبدال جميع المنتجات الحيوانية ببدائل نباتية بحلول عام 2035.
الرؤية والأهداف
تتمثل رؤية باتريك براون في إنشاء نظام غذائي مستدام لا يعتمد على الحيوانات. يعتقد أن التكنولوجيا الحيوية يمكن أن تلعب دوراً حاسماً في تحقيق هذا الهدف من خلال توفير بدائل غذائية لذيذة ومغذية وبأسعار معقولة. يرى براون أن التحول إلى نظام غذائي نباتي ليس مجرد خيار شخصي، بل هو ضرورة بيئية واقتصادية.
تشمل أهداف شركة إمبوسيبل فودز ما يلي:
- تقليل الأثر البيئي لإنتاج الغذاء الحيواني.
- توفير بدائل نباتية لذيذة ومغذية وبأسعار معقولة.
- استبدال جميع المنتجات الحيوانية ببدائل نباتية بحلول عام 2035.
- توسيع نطاق منتجاتها لتشمل أسواقاً جديدة حول العالم.
- الاستثمار في البحث والتطوير لتحسين جودة وفعالية منتجاتها.
الجوائز والتكريمات
حصل باتريك براون على العديد من الجوائز والتكريمات تقديراً لإسهاماته العلمية وريادته في مجال التكنولوجيا الحيوية والأغذية المستدامة، بما في ذلك:
- جائزة شامبرز (Chambers Award) من جامعة شيكاغو.
- جائزة التميز في العلوم من مؤسسة العلوم الوطنية (National Science Foundation).
- جائزة الإنجاز مدى الحياة من جمعية تكنولوجيا البروتين (Protein Technology Society).
- تم اختياره كواحد من “أكثر 100 شخص مؤثر في العالم” من قبل مجلة تايم (Time Magazine) في عام 2019.
انتقادات ومخاوف
على الرغم من النجاح الكبير الذي حققته شركة إمبوسيبل فودز، إلا أن منتجاتها واجهت بعض الانتقادات والمخاوف. يجادل بعض النقاد بأن استخدام الهندسة الوراثية لإنتاج “هيم” يثير مخاوف بشأن السلامة الصحية. كما أن هناك مخاوف بشأن الأثر البيئي لإنتاج فول الصويا على نطاق واسع، والذي يعتبر أحد المكونات الرئيسية في منتجات إمبوسيبل فودز.
ردت شركة إمبوسيبل فودز على هذه المخاوف من خلال إجراء اختبارات سلامة شاملة لمنتجاتها، ونشر نتائج هذه الاختبارات للجمهور. كما تعمل الشركة على تحسين ممارساتها الزراعية لتقليل الأثر البيئي لإنتاج فول الصويا.
مستقبل الأغذية النباتية
يعتقد باتريك براون أن الأغذية النباتية لديها القدرة على إحداث ثورة في النظام الغذائي العالمي. مع تزايد الوعي بالقضايا البيئية والصحية المرتبطة بإنتاج الغذاء الحيواني، يتوقع براون أن يزداد الطلب على البدائل النباتية في السنوات القادمة. يرى أن شركات مثل إمبوسيبل فودز تلعب دوراً حاسماً في توفير هذه البدائل وجعلها في متناول المستهلكين في جميع أنحاء العالم.
نصائح للراغبين في ريادة الأعمال
يقدم باتريك براون بعض النصائح للراغبين في ريادة الأعمال، وخاصةً في مجال التكنولوجيا الحيوية والأغذية المستدامة:
- ابحث عن مشكلة حقيقية تستحق الحل: يجب أن يكون لديك شغف حقيقي بحل المشكلة التي تعمل عليها.
- ركز على الابتكار: لا تخف من تحدي الوضع الراهن واستكشاف أفكار جديدة.
- بناء فريق قوي: أحط نفسك بأشخاص موهوبين ومتحمسين يشاركونك رؤيتك.
- كن مستعداً للفشل: ريادة الأعمال مليئة بالتحديات والنكسات، لكن من المهم أن تتعلم من أخطائك وأن تواصل المضي قدماً.
- لا تستسلم: إذا كنت تؤمن بفكرتك، فلا تدع أي شيء يمنعك من تحقيقها.
خاتمة
باتريك أو. براون هو عالم ورجل أعمال رؤيوي، ومؤسس شركة “إمبوسيبل فودز” التي تسعى إلى إحداث ثورة في النظام الغذائي العالمي من خلال تطوير بدائل نباتية مستدامة للحوم. من خلال أبحاثه وابتكاراته، ساهم براون بشكل كبير في تطوير تكنولوجيا المصفوفات الدقيقة وفي مجال الأغذية النباتية. يظل براون شخصية مؤثرة في مجال التكنولوجيا الحيوية وريادة الأعمال، حيث يلهم الآخرين للسعي لتحقيق تغيير إيجابي في العالم.